الخطاب الذي ألقاه أمس رئيس الأركان افيف كوخافي جاء في احتفال التوحد مع ذكرى شهداء لواء المظليين، لكن الرسائل التي تضمنها موجهة بعيداً إلى طهران. وفي خطاب حازم، أعلن كوخافي بأن إسرائيل سترد بقوة على كل مس بأمنها.
“واجهت إسرائيل تحديات أمنية في الماضي وتواجهها اليوم أيضاً. تمكنا منها في الماضي وسنتمكن منها اليوم أيضاً. لن نسمح بالمس بدولة إسرائيل، وإذا ما حصل فسنرد بقوة شديدة”، قال كوخافي. “نفتح سبع عيون. نجري تقويمات للوضع على أساس يومي، ونتخذ قرارات مهنية ومسؤولة تؤدي إلى مهاجمة وإحباط التهديدات، إلى جانب الحفاظ على التوازنات”.
إن خلفية هذا الموقف العلني الشاذ من الوضع الأمني هو اعتراف يتعزز في جهاز الأمن الإسرائيلي في أعقاب التطورات الإقليمية. بيان الرئيس ترامب المفاجئ عن الانسحاب من شمال سوريا، وعملياً هجر الأكراد وتركهم أمام اردوغان من جهة، وإحساس الأمن المتزايد لدى إيران في أعقاب الهجوم على منشآت النفط السعودية الذي أشار إلى قدرة عملياتية عالية من جهة أخرى. هذا الخليط المتفجر من الخطوتين الاستراتيجيتين هاتين حمل رئيس الأركان كوخافي على إطلاق الرسالة الحازمة من المصدر الاول.
بيان ترامب بالانسحاب فاجأ إسرائيل أمس. فلم يكلف أي مصدر أمريكي نفسه عناء اطلاع المصادر الإسرائيلية على موضوع ذي أهمية وحساسية إقليمية عالية. فهذا القرار يترك القوات الكردية التي قاتلت ضد داعش بمساعدة الأمريكيين لمصيرهم، بل ومن المتوقع أن يعزز المحور الخطير لإيران– سوريا – حزب الله، ويترك إسرائيل معزولة في الساحة أمام تحديات من شأنها أن تقيد حريتها في العمل في سوريا وفي دول أخرى يعمل الجيش فيها حسب المنشورات الأجنبية ضد أهداف إيرانية. المنشورات الأجنبية –إذا ما ظهرت– ستفيد إذا ما كانت إسرائيل قد قيدت بالفعل أم لا. ويفهم من أقوال رئيس الأركان بأنه لا نية هناك لتغيير السياسة الهجومية.
إن خطوة واشنطن المقلقة تنضم إلى التحدي الذي يدرسه الجيش الإسرائيلي جيداً في الأسبوعين الأخيرين: التصدي للصواريخ الجوالة الإيرانية. يدور الحديث عن صواريخ “قريبة من الأرض”، واعتراضها معقد أكثر. ثمة أربعة مقاييس حرجة للاعتراض: ارتفاع الطيران (كلما كان الصاروخ منخفضاً يكون اعتراضه أصعب)، والأثر الذي يتركه على الرادار، والسرعة والحجم النسبي للصواريخ. واضح أن هناك جواباً على التهديد حتى وإن لم يكن بعد جواباً كامل الأوصاف. وفي المستقبل سيتأكد ويتحسن الجواب، ولكن مطلوب لهذا الغرض علاوة ميزانية كبيرة، ولهذا فقد انعقد الكابنت الأمني أول أمس. وفي أثناء النقاشات جرى الحديث عن الحاجة إلى علاوة ميزانية بهدف تحسين قدرة منظومة الاعتراض، وبهدف تنفيذ الدفاع متعدد الطبقات ضد الصواريخ التي تتضمن توسيعاً لمشروع بطاريات القبة الحديدية.
الصحيح هو أن وضع إسرائيل الاستراتيجي ساء نتيجة للخطوات الإقليمية، وإضافة إلى ذلك، من المهم القول بأنه لا يوجد إخطار محدد بنشاط إيراني. وفي كل الأحوال، فإن مستوى التأهب في إسرائيل عال. وإن كانت السبع عيون مفتوحة، فالحفاظ على سير الحياة يظل اعتيادياً.
القدس العربي