طهران – انتقلت عدوى الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية من العراق إلى إيران التي بدأت تشهد مظاهرات في العديد من مدنها احتجاجا على رفع أسعار الوقود.
وقُتل مدني وأصيب عدد آخر بجروح في مدينة سيرجان الإيرانية، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الطلابية (إيسنا) شبه الرسمية السبت، بعد يوم من اندلاع تظاهرات فيها ضد رفع أسعار البنزين.
ونقلت الوكالة عن حاكم مدينة سيرجان بالإنابة محمد محمود آبادي قوله “للأسف قتل شخص”، مضيفًا أن سبب الوفاة لم يتضح بعد.
وخرجت تظاهرات في العديد من المدن الإيرانية مساء الجمعة غداة إعلان الحكومة المفاجئ عن زيادة كبيرة في أسعار الوقود في أوج أزمة اقتصادية.
وقدم التعديل على أنه إجراء ستوزع أرباحه على العائلات التي تواجه صعوبات، في بلد نفطي يفترض أن يواجه اقتصاده الذي تخنقه عقوبات أميركية، انكماشا نسبته 9 بالمئة.
لكنه اثار على الفور انقسامات خصوصا على شبكات التواصل الاجتماع وفي صفوف الطبقة السياسية التي تنتقد خصوصا توقيت الإجراء قبل أشهر من الانتخابات التشريعية المقررة في فبراير المقبل.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية السبت، إن التظاهرات كانت “كبيرة” في مدينة سيرجان (وسط) حيث “هاجم اشخاص مستودعا للوقود في المدينة وحاولوا إحراقه”، لكن الشرطة تدخلت لمنعهم.
وأوضحت الوكالة أن احتجاجات “متفرقة” جرت في مدن بينها مشهد (شمال) وبيرجند (شرق) وبندر عباس (جنوب) وكذلك في غشسارات والأهواز وعبدان وخرمشهر وماهشهر (جنوب غرب).
ووفقا لوكالة فارس شبه الرسمية للأنباء، فقد احتج مئات الأشخاص على ارتفاع الأسعار في مناطق مثل مدينة مشهد في شمال شرق البلاد وفي إقليم كرمان بجنوب شرق البلاد وفي إقليم خوزستان الغني بالنفط.
وأظهر مقطع فيديو نشر على الإنترنت، محتجين في الأهواز عاصمة خوزستان وهم يحثون السائقين على تعطيل حركة المرور وهتفوا قائلين “أيها الأهوازيون الشرفاء. أطفئوا محركاتكم”.
وقال أحد السكان في الأهواز، طلب عدم نشر اسمه عبر الهاتف “شرطة مكافحة الشغب أغلقت الشوارع الرئيسية. سمعت إطلاق نار قبل نحو ساعة”.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني حاول في ديسمبر 2018 زيادة أسعار الوقود لكن مجلس الشورى عرقل تبني القرار بينما كانت تهز البلاد تظاهرات غير مسبوقة نجمت عن فرض إجراءات تقشفية.
وبدأت إيران الجمعة تقنين توزيع البنزين ورفعت أسعاره بنسبة 50 بالمئة أو أكثر، في خطوة جديدة تهدف إلى خفض الدعم المكلف الذي تسبب بزيادة استهلاك الوقود وتفشي عمليات التهريب.
وأفادت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط أنه سيكون على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) لليتر لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل ليتر إضافي ب30 ألف ريال.
وكان سعر ليتر البنزين المدعوم من الدولة، يبلغ 10 آلاف ريال (أقل من تسعة سنتات).
واستُحدثت بطاقات الوقود للمرّة الاولى في 2007 في مسعى لإصلاح منظومة الدعم الحكومي للوقود ووضع حد للتهريب الذي ينتشر على نطاق واسع.
واوضح روحاني ان العائدات من هذه التدابير ستعود بالفائدة على نحو ستين مليون ايراني.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن انخفاض أسعار البنزين بشكل كبير دفع إلى زيادة الاستهلاك مع شراء سكان إيران البالغ عددهم 80 مليونًا ما معدله 90 مليون ليتر في اليوم. وتسببت كذلك بارتفاع مستوى عمليات التهريب المقدّرة بنحو 10 إلى 20 مليون ليتر في اليوم.
من جهته، صرح رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية محمد باقر نوبخت لوكالة الأنباء الرسمية إن الإجراء سيدر 300 ألف مليار ريال (حوالى 2,3 مليار يورو).
وأوضح أن المبالغ التي تعاد إلى نحو ستين مليون إيراني ستتراوح بين 550 ألف ريال (نحو 4,2 ملايين يورو بالسعر الحر) للعائلات المكونة من زوجين، إلى مليوني ريال (15,8 يورو) للعائلات المكونة من خمسة أشخاص أو أكثر.
وأوضح أنه “سيتم التعامل مع أولى المدفوعات في غضون الأسبوع أو الأيام العشرة المقبلة”.
وأكد روحاني أنه “لن يذهب أي ريال لخزانة الدولة”.
قال نوبخت أن الإجراء تقرر من قبل المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يضم الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية.
وتبلغ نسبة التضخم في إيران أكثر من 40 بالمئة حاليًا بينما يتوقع صندوق النقد الدولي بأن ينكمش الاقتصاد بنسبة تسعة بالمئة هذا العام وأن تكون نسبة النمو معدومة (0 بالمئة) في 2020.
وازداد التهريب في وقت انخفض الريال مقابل الدولار منذ تخلّت واشنطن بشكل أحادي عن اتفاق 2015 النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع طهران وأعادت فرض عقوبات مشددة عليها العام الماضي.
واوضح روحاني انه لم يستجب لدعوات داخل الحكومة الى زيادة سعر البنزين الى مستويات تقارب الزيادة في دول اخرى في المنطقة، مؤكدا ان من شان ذلك ان يزيد التضخم.
واكد السياسي المحافظ احمد توكلي عبر تويتر ان هذه الزيادة “ستنقل فقط عبء عدم كفاءة الحكومة الى كاهل الشعب”.
واعتبر الاصلاحي مصطفى تاج زادة ان زيادة سعر البنزين تزامنا مع تنامي التضخم والبطالة والعقوبات هو خيار سيء.
العرب