لماذا لا تتفق الحركات الاحتجاجية في العراق ولبنان على لجان تمثلها أمام الحكومة؟

لماذا لا تتفق الحركات الاحتجاجية في العراق ولبنان على لجان تمثلها أمام الحكومة؟

يعتقد كثيرون أن عدم تشكيل لجنة أو هيئة ما، تمثل الحراك المعارض للحكومة في العراق ولبنان، هو تصرف سديد، ولكن هل هو فعلا كذلك؟
آخر الآخبار الواردة من العراق تأتي بالتصريح التالي لأحد ناشطي ساحة التحرير، «موقف تاريخي للمتظاهرين لم يسجل حتى بالأفلام التاريخية، ‏تم تسليم وفد التفاوض الحكومي قائمة بأسماء ممثلين عن المتظاهرين للتفاوض مع الوفد الحكومي تتألف من 300 ممثل، وبعد التحري تبين أنها أسماء الشهداء الذين سقطوا في التظاهرات، وقالوا لهم هؤلاء هم من يمثلنا، تفاوضوا معهم». إذن هذا الرأي يبدو منتشرا وبقوة، في تظاهرات لبنان والعراق، ويذكرنا هنا بتعليق الرئيس اللبناني ميشيل عون، خلال لقائه المتلفز، بسؤاله «مين الليدر؟ ليش ما عندهم قائد؟».
وبعيدا عن الانتقادات الواسعة التي أثارها عون في تلك المقابلة، فإن تساؤله هنا عن ماهية وعنوان ممثلي التظاهرات، يعني أنه وجد ثغرة ما، في هذا الحراك ويحاول استثمارها. ما هو مقلق حقا، إن عدم قدرة هذه الجماهير، على الاتفاق على عشرة أشخاص يمثلونها اليوم، يعني أنها قد لا تتفق على من يحكمها غدا، حال إزاحة السلطة! ما يعني، أنها تضم تيارات متباينة ومشتتة داخليا، رغم اتفاقها على معارضة الحكومة، وهذا يقود لتساؤل عن مدى تمكن هذه الحركة الاحتجاجية من ترجمة حراكها الصاخب في الشارع، إلى محصلة سياسية في مؤسسات الحكم. فالمشكلة إذن، التي قد لا تظهر جلية الآن، في هذه الحركات الاحتجاجية الواسعة في العراق ولبنان، أنها رغم اتفاقها الشامل على فساد السلطة، إلا أنها مختلفة في ما بينها سياسيا على خيارات ما بعد السلطة، ففي لبنان مثلا، تضم الحركة الاحتجاجية أطيافا تخوّن بعضها بعضا يوميا، وعلى سبيل المثال، يقود تيار مقرب من حزب الله منهم الناشط والصحافي البارز في جريدة «الأخبار» حسن عليق، يقود دفة المظاهرات نحو التركيز على مصرف لبنان والفساد المالي، تحت شعار «يسقط حكم المصرف»، ويجتمعون في مظاهرات أمام مصرف لبنان، بينما يركز ناشطون ليبراليون من الطائفة نفسها، على مهاجمة حزب الله تحديدا، تحت شعار «نصر الله واحد منن»، ويجتمعون في ساحة رياض الصلح، وكلا الطرفين، يتبادلان الاتهامات بشكل شبه يومي، وكل منهم يدعي أنه يمثل «الشعب» و»الثورة».

تنوع وتباين التيارات داخل الحركة الاحتجاجية، وعدم وجود قيادة تنسيقية لاستثمارها سياسيا، قد يفضي إلى تشتت أصواتها

أما في العراق، فالأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى، فهذا يتظاهر رافضا أي دور لرجال الدين، وذاك يخرج في مظاهرة تحت خيمة المرجعية ويهتف «اليوم نقلبها قلب والمرجعية ويانا»، وهناك من البعثيين والقوميين من هم متحمسون للمظاهرات ويشاركون فيها، وينتشون فرحا بتعليقات المحتجين عن التحسر على أيام صدام حسين، وفي المقابل، تجد مظاهرات حاشدة تهتف «كلا كلا بعثية»!. توحد المتظاهرين خلف شعارات رافضة للحكومة، ومنددة بفسادها المالي، قد لا يكفي، فتنوع وتباين التيارات داخل الحركة الاحتجاجية، وعدم وجود قيادة تنسيقية لاستثمارها سياسيا، قد يفضي إلى تشتت أصواتها في أي استحقاق انتخابي مبكر، أو تفرقها بين عدة كتل أخرى، لذلك، فإن آلية التغيير، يجب أن تتضمن الاتفاق على جسد سياسي يُجمع عليه المتظاهرون في مفاوضات مع الحكومة لتعديل القوانين والتعديلات، ومن ثم يوحدهم في أي استحقاق انتخابي مقبل، ليتمكنوا من تشكيل حالة فاعلة تنافس الأحزاب التقليدية المنظمة حزبيا من سنوات، والتي وصلت للسلطة بأصوات الكثير من المتظاهرين اليوم.

القدس العربي