العراق يعطل 150 يوما في السنة فيخسر المليارات

العراق يعطل 150 يوما في السنة فيخسر المليارات

 

     شذى خليل*

    يتكبد الاقتصاد العراقي خسائر مالية كبيرة بسبب العطل الرسمية، وغير الرسمية التي تقر بشكل مفاجئ سنويا لضرورات أمنية و سياسية ودينية ؛ بالرغم من حاجته لتعويض العجز الحاد في الموازنة السنوية.
ويحتل العراق مركز الصدارة في تنوع المناسبات الوطنية والدينية التي تعطل فيها مؤسسات القطاعين العام والخاص، حيث تُفرض إجازات وعطل لأسباب مختلفة، وعادة ما تكون مثار جدل في المجتمع العراقي الذي بات يعدها معطلة لمصالحه.
وان الدولة لا يمكن ان تنهض وتتطور بهذا العدد من العطل غير المجدية باستثناء بعض المناسبات التي تستوجب عطلة نظرا لما تحمله من رمزية للمجتمع العراقي .
وللمقارنة مع بعض الدول فإن مواطني السويد يتمتعون سنويا بتسع عطل رسمية فقط، بينما تتراوح مدتها في ألمانيا بين 10 و13 يوما بحسب الولاية، مقابل 14 يوما في إسبانيا.
وكشف عضو التحالف الوطني حبيب الطرفي ان العراق يتصدر المركز الأول بين دول العالم في عدد أيام العطل، والتي تصل إلى 150 يوما في السنة، وتضاف الى هذه المناسبات عطل اخرى مفاجئة ،غالبا ما تفرضها اوضاع امنية او سياسية.
ويؤكد خبراء الاقتصاد، وبحسب دراسات ان هذه العطل تسبب استنزافا للاقتصاد العراقي، اذ تقدر الخسارة خلال 7 ايام من العطل بنحو 30 مليون دولار، وتأخذ العطل دون تعويض ساعات العمل مما تؤدي الى عجز في ايفاء الدولة بالتزاماتها تجاه مواطنيها، ولا سيما أن الاقتصاد العراقي يعاني التلكؤ بسبب الحروب والأزمات .

كما يؤكد الخبير الاقتصادي، حيدر داوود، ان خسارة عطلة شهر كامل تقدر بأكثر من مليار دولار، إذا ما تم احتساب معدل راتب الموظف 500 دولار شهريا على أقل تقدير، وهذا ما يجعلنا نطالب الجهات التشريعية بإيجاد حل مناسب لاستثمار الوقت مقابل المرتبات، موضحا أن السبب الآخر الذي يستدعي تقليل أيام العطل؛ هو تقرير أصدرته منظمة تابعة للأمم المتحدة؛ أكدت فيه أن معدل عمل الموظف العراقي هو ساعة ونصف الساعة خلال فترة الدوام اليومي البالغة 8 ساعات، وهذا ما يجعله على رأس قائمة الموظفين الكسالى على الصعيد العالمي.
وأضاف داوود ان تعدد العطل والمناسبات الدينية الرسمية وغير الرسمية لا يؤثر على الاقتصاد فحسب؛ بل يؤثر على جميع مرافق الحياة، ولاسيما الدراسة والمستوى التعليمي الذي يتأثر بالوضع الأمني وتبعاته، ومنها العطل التي تمنح للطلاب بمناسبة ومن غير مناسبة.
وإذا ما تحدثنا عن (25) أسبوعا في السنة، فيها يومان من كل أسبوع عطلة، فيكون مجموع العطل أيام الجمعة والسبت (104) أيام في السنة، يضاف إليها (13) مناسبة رسمية أي ما يعادل (26) يوم عطلة في السنة، إضافة الى أن هناك تسربا للموظفين والطلاب في يوم قبل العطلة وبعدها؛ وهذا يعادل نسبة عدد أيام العطل بـ26 يوما أيضا. كما أن هناك نظاما متبعا عند العراقيين ” بين العطلتين عطلة” يكون من ضمن 26 يوما، وعلى هذا الأساس نحن نتحدث عن أكثر من 170 يوم عطلة، علما ان هذه العطل لا تتضمن العطل الشخصية للمرض او السفر او الولادة .

وقد تباينت آراء الشارع العراقي حول العطل بين مؤيد ورافض، فهناك الموظفون في مؤسسات الدولة الذين يرونها إيجابية ويعدونها فرصة للترويح عن أنفسهم وعائلاتهم، خاصة أن مرتباتهم تدفع لهم بكل الأحوال، أما أصحاب المهن والأجور اليومية، وهم الشريحة الأكبر في العراق، فيرونها سببا في حرمانهم من دخلهم اليومي، بينما تنتعش جيوب بعض المستفيدين من العطل الدينية في بعض المحافظات، ولاسيما كربلاء والنجف.
وحذر نواب عراقيون واقتصاديون من تبعات العطل واثرها على الاقتصاد العراقي ، فالعطل والإجازات التي تعطل الحياة في العراق وتصيب اقتصاده بالشلل، تجعله البلد الأول عالمياً في عدد الإجازات السنوية، ويحذّر خبراء اقتصاد عراقيون من إصابة الاقتصاد العراقي بالكساد بسبب كثرة التّعطيل.
كما يؤثر طول العطل على المستوى التعليمي للعراقيين. إذ ان المدارس لا تنجح في إكمال المناهج الدراسية، كما أن ما يتلقّاه الطلاب خلال العام الدراسي ضئيل وغير كاف لتطوير مهاراتهم. هذا وقد كشفت رئيسة لجنة الثقافة والاعلام النيابية ميسون الدملوجي، عن ان مشروع قانون العطل الرسمية سيضم نحو 20 عطلة رسمية.
وعلى الرغم من غياب الأرقام الدقيقة حول الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد العراقي بسبب العطل، فهنالك من قدر أن الموظفين فقط وفق هذه العطلات يكلفون الدولة نحو 30 مليار دولار سنويا. في حين ذهب آخرون إلى رقم 150 مليار دولار سنويّا خسارة سنوية للعملية الإنتاجية والاقتصادية برمتها في العراق.

إلى ذلك، يؤكد الخبراء أن العراق وللوفاء باحتياجاته التنموية لا يحتاج لتقليص العطلات فقط، بل إلى زيادة عدد ساعات العمل.
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان إن هناك تدهورا في الحياة المعيشية والبنى التحتية، وبناء القطاعات الإنتاجية، مشيرا الى ان العطل شكلت عبئا على الاقتصاد العراقي وأربكته، ولا بد من تقليص العطل وخصوصاً غير الرسمية، فكل الدول تعطي 10-15 يوم عطلة رسمية”.
وقد قدمت أخيراً لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي قانون العطلات الرسمية الذي يعطي صلاحية واسعة لمجالس المحافظات بإقرار العطل والمناسبات وفقا للضرورات والمناسبات التي تجدها مهمة، خاصة المناسبات الدينية.
ويعطي القانون الصلاحية لرئيس الوزراء بإعلان عطلة في أوقات تراها الحكومة حرجة، كأيام النكبات والطوارئ، كما يمنح صلاحية للوقفين السني والشيعي، بالإضافة إلى منح ديواني الوقف المسيحي والصابئي التعطيل في أعيادهم.
وإذا ما تم إقرار القانون الذي قدمته لجنة الثقافة والإعلام، فسيكون هناك تقليص لعدد أيام العطل التي كانت مقررة في السابق، ويرى خبراء أن أيام العطل تتسبب بخسارة اقتصادية للبلاد، حيث يمنح التعويض الحكومي الشهري للموظفين على مدار السنة.
وبحسب وزارة التخطيط العراقية يبلغ عدد الموظفين الحكوميين في العراق 3.2 مليون موظف، وسجل العام الماضي والذي قبله 50 عطلة رسمية في العراق أعلنتها الحكومة، بينها 32 يوم عطلة لمناسبات دينية، وأخرى تعرف بالتوافقية، حيث تقوم الحكومة بإعلان عطلة العيدين أسبوعا كاملا ليتماشى مع الطائفتين ورؤيتهما للهلال، وأخرى بسبب التفجيرات، فضلا عن إجازات تعلنها الحكومة بسبب الانتخابات، وعادة ما تكون ثلاثة إلى أربعة أيام، وتشمل انتخابات البرلمان والحكومات المحلية للمحافظات، وأيام أعياد الجيش والشرطة، وإجازات تحسبية كذكرى احتلال العراق التي تخشى الحكومة فيها من هجمات تصعيدية.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية