بريطانيا.. ترقب في سوق العقارات بانتظار مصير البريكست

بريطانيا.. ترقب في سوق العقارات بانتظار مصير البريكست

 

 

“رب ضارة نافعة”.. يمكن لهذا المثل أن يصلح لتوصيف الهزيمة التي مني بها مشروع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في البرلمان.
فقد عاد الجنيه إلى الارتفاع، وهو ما فسره خبراء بأنه انعكاس لارتياح أسواق المال بعد تأكدها من عدم إمكانية الخروج قريبا من الاتحاد الأوروبي، وأن التمديد أمر لا بد منه.

كما أن كل المناقشات التي رافقت التصويت على مشروع ماي أكدت للمستثمرين بجلاء أن لا أحد في البرلمان يريد الخروج بدون اتفاق يضمن المصالح التجارية للمملكة المتحدة، وفق ما يرى الخبراء.

وفي حديثه للجزيرة نت يرى أستاذ الاقتصاد السياسي الدكتور ناصر قلاون أن الأسواق المالية أخذت من الهزيمة بعض الإيجابيات، إذ وصلت إلى قناعة بأن الحكومة لن تقدم على الخروج بدون اتفاق.

ويعتقد أن هناك أزمة وطنية عميقة وأن الحكومة البريطانية منقسمة، لكن الجميع متوافقون برأيه على الحاجة إلى اتفاق تجاري يضمن مصالح بريطانيا التي يمثل قطاع الخدمات 80% من اقتصادها.

وبشأن حالة الأسواق المالية الراهنة يقول الخبير الاقتصادي إن المؤشرات تفيد بأن الترقب هو سيد الموقف، فمؤشرات الأسواق بين الأخضر والأحمر، والجنيه لم ينهر، بل تراجع قليلا، لكنه عاد للصعود، دون تغير يذكر مقابل الدولار، يؤكد المتحدث ذاته.

وتسود بريطانيا حالة من القلق والارتباك تؤثر بشكل أو بآخر على استثمارات ومستقبل الأوروبيين المقيمين فيها. ويقر قلاون بأن قلقا حقيقيا يشعر به أربعة ملايين أوروبي مقيم في بريطانيا، لكن هؤلاء لم يتخذوا بعد قرارا بخصوص مستقبل أعمالهم.

مؤشرات سلبية
في المقابل يضيف الأكاديمي أن الجوانب السلبية للأزمة تظهر من خلال تراجع أسعار العقارات بنسبة بلغت 20% خلال السنوات الثلاث الماضية، بجانب هروب سبعة مليارات جنيه إسترليني (تسعة مليارات دولار) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

لكن الأمل عاد مع تصاعد الأصوات الداعية للبقاء في الاتحاد الأوروبي أو الوصول إلى اتفاق مرض معه، وفق قلاون.

ويثير الوضع السياسي غير المستقر في بريطانيا قلق المستثمرين، خاصة الشركات الأوروبية العاملة في المملكة المتحدة، التي تترقب ما سينتهي إليه الوضع، بالنظر إلى أنها تستفيد حاليا من قوانين السوق الأوروبية المشتركة، وحرية التنقل لموظفيها الأوروبيين، والإعفاءات الجمركية في التبادل التجاري داخل حدود الاتحاد.

كما أن سوق العقارات هو الآخر يشهد ركودا نوعا ما، وإحجاما من جانب العملاء خوفا من احتمالات تدهور الأسعار بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فرانشيسكو موسكون أستاذ اقتصاديات الأعمال بجامعة برونل غربي لندن يرى هو أيضا أن الانتظار والترقب سيدا الموقف حاليا في بريطانيا.

ويضيف في حديث لصحيفة محلية أن خروج بريطانيا غير المنظم -إذا حدث- سيتسبب في حالة من الركود، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعطيل كبير في التمويل الاقتصادي.

مخاطر
ما ذهب إليه الأكاديمي البريطاني هو الأمر ذاته الذي أثار قلق الاتحاد البريطاني للصناعة، الذي حذر من العواقب الاقتصادية الكارثية لخروج بريطانيا دون اتفاق.

الاتحاد توقع حدوث تقلص في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 8% إذا خرجت لندن من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الأمر الذي سيعرض آلاف الوظائف للخطر.

وفي حديث للجزيرة نت يقول إنتوتي جيبكوتي -وهو أوروبي مقيم في بريطانيا- إنه وزوجته نجحا في الحصول على موافقة بنكية لتمويل بيتهم الأول، وتمكنا من جمع الدفعة الأولى لشراء بيت في لندن.

لكن جيبكوتي أشار إلى أنه ينتظر منذ أكثر من عام خشية أن يتورط في الشراء بالأسعار الحالية ثم تنهار أسعار المنازل، وقال إنه يفضل الانتظار حتى تتضح الأمور تماما، وإنه لا يحتمل المغامرة.

حالة عدم اليقين امتدت إلى الطلب على المنازل، حيث أشار تقرير لمركز الإحصاء الوطني إلى أنه على مدار العامين الماضيين كان هناك تباطؤ في نمو الأسعار بالمملكة المتحدة.

المصدر : الجزيرة