تسريبات صفقة القرن.. الأهداف والدلالات

تسريبات صفقة القرن.. الأهداف والدلالات

أجمع محللون وسياسيون إسرائيليون أن التسريبات المتعلقة بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروفة بصفقة القرن، لم تختلف عن مقترحات سابقة قدمتها الإدارات الأميركية أو حتى المبادرة العربية.

وقدروا أن تواجه الخطة بالرفض سواء من قبل إسرائيل أو السلطة الفلسطينية، ورجحوا أن توقيت التسريبات بالتزامن مع فترة انتخابات الكنيست التي ستجرى يوم 9 أبريل/نيسان المقبل، يهدف إلى إيصال رسالة للإسرائيليين ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بضرورة تشكيل حكومة مستقبلية يمكنها أن تتناغم وتتعاطى مع الخطة.

صفقة وصفعة
ويرى المحلل السياسي عكيفا الدار أن التفاصيل المنشورة حول خطة ترامب لتسوية الصراع والتطبيع، لا تختلف في جوهرها عما اقترحته الإدارات الأميركية السابقة، كما تتناغم إلى حد كبير مع مبادرة السلام العربية التي تم الإعلان عنها في ختام القمة العربية في بيروت عام 2002.

أما تغييب قطاع غزة عن التسريبات -وفقا للمحلل السياسي- فقد يكون بهدف الضغط على السلطة الفلسطينية لقبول الخطة مقابل تسليمها قطاع غزة وإنهاء حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أو محاولة لإعادة ترسيم الحدود في منطقة سيناء وتسليم غزة لمصر.

وأوضح أن الملفت للنظر أن الخطة التي تأتي من قبل ترامب الذي يعتبر حليفا وصديقا لليمين الإسرائيلي ومعسكر الصهيونية الدينية وللمستوطنين، جاءت “بمثابة صفعة وخيبة أمل لهذا المعسكر الذي يبدي معارضته الشديدة لها”.

ورجح الدار في حديثه للجزيرة نت أن الأهم هو توقيت التسريب بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية، حيث ستحسم نتائجها هوية وتركيبة الائتلاف الحكومي المستقبلي: إما أن يختار الناخب الإسرائيلي تكريس حكومة اليمين الدينية أو حكومة الوسط الليبرالية، وعليه يعتقد المحلل السياسي أن محور الانتخابات -رغم القضايا الداخلية الساخنة- سيكون حول “صفقة القرن”.

تصدٍّ وإحباط
في الجانب الإسرائيلي، قال حزب “اليمين الجديد” برئاسة الوزير نفتالي بينيت إن ترامب صديق حقيقي لإسرائيل، “لكن أمنها والحفاظ على سلامتها تسبق أي مصلحة أخرى، لذلك لن نجلس في حكومة تقسم القدس وتقيم دولة فلسطينية، وسنتصدى بالائتلاف الحكومي المقبل للخطط الخطيرة”.

ذات الموقف عبرت عنه مختلف أحزاب اليمين المتطرف ومعسكر المستوطنين، وأكدت معارضتها ورفضها للخطة، وشددت أنها ستعمل جاهدة لإحباطها وعدم إقرارها من قبل أي حكومة مستقبلية تشكل في إسرائيل.

وقال رئيس المجلس الاستيطاني في “بيت إيل” شاي آلون إن “مقترح ترامب لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين يشوبه الكثير من الشوائب والخروقات، وعليه نحن نعارضه”.

وشدد آلون على أن مجلس المستوطنات في الضفة الغربية يرفض أي مقترح لمنع التوسع الاستيطاني أو تجميد البناء في المستوطنات التي تتحضر لاستيعاب عشرات آلاف العائلات اليهودية، كما أن “القدس الموحدة -عاصمة الشعب اليهودي- لن تكون على طاولة المفاوضات”.

من جانبه، قال عضو الكنيست عن البيت اليهودي موطي يوغيب إنه “إذا فرضت صفقة القرن بمضامينها على إسرائيل، سيتم رفضها ومعارضتها حتى إفشالها لتنضم إلى خطط كيسنجر وأوباما، فأرض إسرائيل كانت وستظل دوما ملكا لشعب إسرائيل.. الدولة الفلسطينية لم تكن أبدا ولن تكون في المستقبل”.

اليمين والوسط
لم يقتصر رفض ما ورد من تسريبات حول مقترح التسوية مع الفلسطينيين على معسكر اليمين المتطرف والمستوطنين، فإدارة حزب الليكود الحاكم وقيادات من معسكر الوسط أبدت تحفظها واختارت الرد بأسلوب دبلوماسي على خطة ترامب، وأجمعت فيما بينها بأن أي حلول أو تسوية يجب أن تكون عبر مفاوضات مباشرة بين تل أبيب ورام الله.

وقال عضو الكنيست عن حزب الليكود أمير أوحانا إن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن يحل في واشنطن أو بروكسل، وإنما في المنطقة على أيدي الإسرائيليين والعرب، ومجرد التفاوض على أرض إسرائيل يشجع الإرهاب”.

وأوضح أوحانا أن صفقة القرن -حسب ما ورد من تسريبات- ما هي إلا “خطة انتحارية”، مؤكدا أن نتنياهو الذي كان قادرا على الوقوف لمدة ثماني سنوات ضد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، يعرف كيف سيتخطى خطة ترامب.

وفي معسكر الوسط بدا ذات الموقف وإن تم طرحه بدبلوماسية من قبل عضو الكنيست عن حزب العمل عمير بيرتس الذي قال “ليس مهما ما سيقدمه الأميركيون، المهم ما سيفعله الإسرائيليون والفلسطينيون”.

وأضاف أن “اتفاق الوضع النهائي واتفاق السلام وتفاصيله سيتم تحديدها هنا في القدس ورام الله، إذ تستطيع واشنطن المساعدة، لكن لا يمكن أن تفعل ذلك من أجلنا”، مشيرا إلى أن الخطة ليست جديدة، لكن “إسرائيل بحاجة إلى قيادة شجاعة لاتخاذ الخطوات اللازمة لمنع جولة أخرى من الحرب”.

الجزيرة