نيويورك تايمز: المساعدات التي تقدمها “سي اي ايه” سرًا لحركات التمرد قلما تنجح

نيويورك تايمز: المساعدات التي تقدمها “سي اي ايه” سرًا لحركات التمرد قلما تنجح

14042458979643964

  نادرا ما حقق تسليح وكالة المخابرات المركزية لحركات التمرد في جميع أنحاء العالم دون دعم مباشر من الأمريكيين على الأرض النتائج المرجوة، وفقا لاستعراض الوكالة  لتاريخ دعمها لحركات التمرد.

وذكرت صحيفة  نيويورك تايمز الأمريكية 14 اكتوبر/ تشرين الاول أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) اجرت مراجعة سرية، لتكشف عن أن العديد من المحاولات السابقة من قبل الجهاز لتسليح ودعم قوى خارجية سرا، كان لها تأثير ضئيل ومحدود جدا على النتيجة طويلة الأمد لأي صراع.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها نشر على موقعها الإلكتروني أن السي آي إيه وفرت الأسلحة لحركات التمرد في شتى أنحاء العالم على مدى تاريخها الممتد 67 عاما، من أنجولا إلى نيكاراجوا وحتى خليج الخنازير في  كوبا، وتعد المساعي المستمرة للوكالة لتدريب ثوار سوريا، أحدث مثال على اعتماد رئيس أمريكي لاحتمال استخدام وكالة التجسس لتسليح وتدريب الجماعات المتمردة سرا.

وذكرت الصحيفة الاميركية أن دراسة داخلية للسي آي إيه انتهت إلى أن هذه المساعي قلما تنجح، مضيفة أن هذه المراجعة لا تزال سرية حتى الآن، وهي واحدة من عدة دراسات للسي آي إيه جرت في عامي 2012 و 2013 في خضم الجدل الدائر في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول كيفية التدخل في الحرب الدائرة في سوريا، وخلصت إلى أن كثيرا من المحاولات التي قامت بها الوكالة في الماضي لتسليح القوى الخارجية بشكل سري، كان لها تأثير ضئيل على النتائج طويلة الأمد للصراع، بل إنها كانت أقل فاعلية حينما كانت هذه المليشيات تقاتل دون أي دعم أمريكي مباشر على الأرض.

وتابعت الصحيفة ان نتائج الدراسة، التي تحدث عنها في الأسابيع الماضية مسئولون حكوميون أمريكيون حاليون وسابقون، تم عرضها تفصيليا في غرفة العمليات في البيت الأبيض، وأدت إلى تنامي الشكوك العميقة بين بعض كبار المسؤولين في إدارة أوباما، حول الحكمة من تسليح وتدريب أعضاء في المعارضة السورية المنقسمة. لكن في شهر نيسان/ أبريل عام 2013، أعطى أوباما إذنا للسي آي إيه لبدء برنامج لتسليح المتمردين في بعض البلدان العربية لمحاربة مقاتلي تنظيم “داعش” الإرهابي، بهدف تدريب ما يقرب من خمسة آلاف من القوات “المتمردة” سنويا.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين بالإدارة الأميركية، والذي شارك في النقاش حول تقرير سري شريطة عدم ذكر اسمه : “أحد الأشياء التي كان الرئيس أوباما يريد معرفتها: هل نجح هذا الأمر من قبل؟”، واستطرد: “كان التقرير شديد الصرامة في استنتاجاته.”

وكان أوباما لمح بإشارة ضمنية إلى دراسة وكالة الاستخبارات الأميركية خلال مقابلة أجرتها معه مجلة “نيويوركر” نشرت هذا العام، وقد أخبر المجلة حينها، متحدثا عن الجدال الثائر حول ما إذا كان ينبغي عليه تسليح المتمردين في وقت سابق: “طلبت من وكالة الاستخبارات، في وقت مبكر للغاية من تلك العملية، أن تعمل على تحليل الأمثلة السابقة للتمويلات الأميركية وتوريدات الأسلحة إلى حركات التمرد في دولة ما، تلك التي خرجت بنتائج جيدة. ولم تتمكن الوكالة من الخروج بالكثير إزاء ذلك”.

وقالت برناديت ميهان، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إنه “من دون توصيف أي من المنتجات الاستخباراتية المحددة، كان الرئيس يشير إلى حقيقة أن توفير الأموال أو الأسلحة فحسب إلى إحدى حركات المعارضة هو أبعد ما يكون عن ضمان النجاح”. وأضافت: “كنا واضحين تماما إزاء ذلك من البداية حينما أوضحنا استراتيجيتنا في سوريا. وكان ذلك هو السبب وراء التأني في تقديم الدعم إلى المعارضة السورية المعتدلة، حيث كان الهدف، بمزيد من الأهمية، أحد عناصر الاستراتيجية متعددة الأوجه من أجل تهيئة الظروف للوصول إلى حل سياسي للنزاع.”

وكان تسليح القوات الأجنبية من المهام الأساسية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية منذ إنشائها، وظل عنصرا رئيسا في الجهود الأميركية لشن المعارك بالوكالة ضد الاتحاد السوفياتي السابق إبان الحرب الباردة، وكانت أولى تلك العمليات في عام 1947، العام الذي أنشئت فيه وكالة الاستخبارات، حينما أصدر الرئيس الأميركي هاري إس. ترومان أوامره بإرسال أسلحة وذخائر بملايين الدولارات إلى اليونان، لمساعدتها في إخماد التمرد الشيوعي هناك.

وفي خطاب له ألقاه أمام الكونغرس في شهر مارس /آذار من ذلك العام، قال ترومان إن سقوط اليونان قد يزعزع استقرار تركيا المجاورة، و” قد تنتشر الاضطرابات بصورة كبيرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط بأكملها”. وساعدت تلك المهمة في تدعيم الحكومة اليونانية الهشة. ولكن في أغلب الأوقات، مع ذلك، دعمت الاستخبارات الأميركية الجماعات المتمردة التي تقاتل ضد الحكومات اليسارية، وكانت النتائج غالبا ما تأتي كارثية.

وهناك عملية خليج الخنازير في كوبا في عام 1961، التي قامت خلالها قوات العصابات الكوبية، التي دربتها الاستخبارات الأميركية بشن هجوم لمحاربة قوات فيدل كاسترو، التي انتهت بكارثة. وخلال فترة الثمانينيات، أجازت إدارة الرئيس السابق ريجان لوكالة الاستخبارات محاولة إسقاط حكومة ساندنيستا في نيكاراغوا، من خلال حرب سرية مع دعم متمردي الكونترا، الذين تعرضوا لهزيمة فادحة في نهاية الأمر.

في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر  عام 2001، قاتلت القوات شبه العسكرية التابعة للاستخبارات المركزية الأميركية مع فرق القوات الخاصة بالجيش الأميركي، جنبا إلى جنب مع الميليشيات الأفغانية، لإخراج قوات حركة طالبان خارج المدن، وإقامة حكومة جديدة في كابل.

وفي عام 2006 نظمت الاستخبارات الأميركية عملية لتهريب الأسلحة من أجل تسليح مجموعة من زعماء الحرب الصوماليين، الذين اتحدوا تحت راية تحالف استعادة السلام ومكافحة الإرهاب برعاية واشنطن. وجاءت تلك الجهود بنتائج عكسية، حيث تعززت قوى المقاتلين الإسلاميين، الذين تدخلت الاستخبارات الأميركية في الأساس لهزيمتهم.

ويقول أستاذ الشؤون العامة والدولية لدى جامعة جورجيا والخبير في شؤون الاستخبارات لوخ كيه. جونسون،: “إنه تاريخ مشوب بالكثير من الاختلاط. إنك بحاجة إلى أناس جيدين ومخلصين فعلا ومستعدين للقتال على الأرض.”

وزاد مسار النزاع السوري من الشكوك المثارة حول ولاء وقدرات المعارضة السورية؛ فسنوات الحرب الأهلية الدامية، قد أدت إلى انقسامات عدة بين القوات التي تحارب قوات الأسد الحكومية، مع ازدياد عدد المقاتلين الذين يدينون بالولاء إلى الجماعات المتطرفة مثل تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة.”

وقال الرئيس أوباما، خلال الشهر الماضي، إنه قد يضاعف الجهود الأميركية، عن طريق اشتراك وزارة الدفاع الأميركية في تسليح وتدريب قوات المتمردين. ولم يبدأ ذلك البرنامج بعد. وقال الأميرال جون كيربي، المتحدث الرسمي باسم البنتاغون، الأسبوع الماضي، إن شهورا ستمر من العمل المضني قبل أن تقرر المؤسسة العسكرية كيفية هيكلة البرنامج وكيفية التجنيد والتأكد من المتمردين. مضيفا: “سيكون جهدا طويل الأمد.”

ترجمة : عامر العمران