كل شيء بدولار: دكان الفقراء يغضب شبكات السوبرماركت الأميركية

كل شيء بدولار: دكان الفقراء يغضب شبكات السوبرماركت الأميركية

رغم أنها شريان حياة للأسر ذات الدخل المنخفض حيث تلبي حاجيات العائلات في المناطق التي تفتقر إلى خدمات البيع بالتجزئة الأساسية، إلا أن متاجر الدولار كانت سببا للضائقة الاقتصادية في شيكاغو بالولايات المتحدة، حسب ما أكده المسؤولون. وتلقى هذه المتاجر رفضا من قبلهم لأنها جذبت الجريمة مثل السطو وقلصت المشاريع الصغيرة وساعدت على انتشار القمامة وخنقت حركة المرور.

واشنطن – نعمة أم نقمة؟ هذا ما يتساءل عنه المسؤولون في البلدات والمدن في جميع أنحاء أميركا وهم يدرسون تكلفة التوسع السريع في متاجر مثل دولار جينيرال ودولار تريالتي التي تبيع كل شيء بدولار.

وأصبحت شيكاغو في فبراير أكبر مدينة تسعى للحد من متاجر الدولار، حيث قرر المسؤولون أنها كانت سببا للضائقة الاقتصادية رغم أنها تلبي حاجيات العائلات في المناطق التي تفتقر إلى خدمات البيع بالتجزئة الأساسية.

ويقول منتقدو هذه المتاجر، التي بقيت مفتوحة خلال جائحة كوفيد – 19 لتوفير المواد الأساسية وشهدت توسعا سريعا بعد ذلك، إنها تجذب الجريمة، مثل السطو، وغالبا ما تضر بأعمال المحلات الأخرى.

وأكدوا أنها تخلق “صحراء غذائية” حيث لا يستطيع المستهلكون الوصول إلى المنتجات الصحية الطازجة. لكنّ داعميها يرون فيها شريان حياة للأسر ذات الدخل المنخفض.

وأصبحت إجراءات شيكاغو الأحدث في حوالي 130 قاعدة فُرضت على توسيع هذه المتاجر خلال السنوات الأخيرة.

وسبق أن فرضت مدن وبلدات أخرى قيودا مماثلة، أو أمرت بوقف توسيع متاجر الخصم، ويتوقع بعض المحللين أن تزداد هذه المعارضة.

وقالت كينيدي سميث، كبيرة الباحثين في معهد الاعتماد على الذات المحلي، إن الأمر خرج عن النطاق. ونشر المعهد تقريرا عن “غزو متجر الدولار” العام الماضي.

وصرّحت سميث لمؤسسة تومسون رويترز “مع نجاح المزيد من المجتمعات في السيطرة على تطوير متجر الدولار.. يطلب آخرون التوجيه”.

وفرض مجلس مدينة شيكاغو من ضمن اللوائح الجديدة حظرا على فتح متاجر على بعد ميل من فرع آخر مملوك لنفس الشركة.

وقال في بيان إن “تنظيم المتاجر ضروري ومرغوب فيه ويصب في المصلحة العامة بتعزيز أحياء أقوى وأكثر مرونة وحماية الصحة العامة والسلامة والرفاهية في مدينتنا”.

وتمتلك دولار تري، التي تضم فاميلي دولار، ودولار جينيرال أكثر من 35 ألف متجر في جميع أنحاء البلاد. وقال متحدث باسم الشركة إن قرار شيكاغو يعني أنها وتجار التجزئة الصغار سيُمنعون من فتح متاجر جديدة في المدينة.

وأكد المتحدث لمؤسسة تومسون رويترز أن هذه الخطوة “ستضر أكثر مما ستساعد المجتمعات التي تدّعي أنها تدعمها من خلال الحد من المرونة اللازمة لتحسين المتاجر وتقديم عروض تناسب دخلها”.

ولم تعلق الشركة على انتقادات المجلس لآثار المتاجر الاقتصادية.

وليست المعارضة الشعبية لمتاجر الدولار سوى أحدث عائق يواجهه تجار التجزئة. كما تأثرت المبيعات بالمنافسة من منصة التجارة الإلكترونية الصينية تيمو وغيرها من المنافسين مثل وولمارت.

وقالت دولار تري في مارس إنها تخطط لإغلاق ما يقرب من ألف متجر فاميلي دولار بعد ضعف مبيعات العطلات. كما تكافح هذه المتاجر أمام التحولات في طلب المستهلكين وارتفاع التكاليف.

وذكرت سميث أن عمليات الإغلاق تمنح المجتمعات “فرصة للتوقف وإيجاد طرق أفضل لضمان تمتع السكان بطعام صحي يكون بأسعار معقولة. ومع تراجع عدد متاجر الخصومات، سيكون طريق المجتمعات أسهل في تطوير خيارات غذائية أفضل أو جذبها”.

لكن هذا لا يفرح الجميع. فقد قالت غرفة تجارة شيكاغولاند ومجموعات أعمال أخرى إن القواعد الجديدة “مضللة” و”ستحد من فرص التنمية الاقتصادية الجديدة في المجتمعات التي تشتد حاجتها إلى هذه الاستثمارات”. ذكر مسؤولون محليون أن منع انتشار متاجر الدولار لم يواجه سوى القليل من مقاومة المستهلكين، حيث تركز الحملات على الأماكن التي توجد فيها بالفعل العديد من متاجر الدولار الأخرى. وتتعدد الأدلة على استجابة تجار التجزئة لطلب حقيقي.

وحدد أول مسح وطني أجراه “مركز العلوم في المصلحة العامة” غير الربحي أن أكثر من 80 في المئة من المستجيبين قالوا إن هذه المتاجر ساعدت مجتمعاتهم ومكّنتهم من توسيع الميزانيات الضيقة.

لكن ما يقرب من 60 في المئة من أولئك الذين لم يتسوقوا في هذه المتاجر قالوا إنهم نفروا من انخفاض جودة المنتجات أو سوء مظهر المتجر، بينما قال 80 في المئة من جميع المستجوبين إنه يجب توفير المزيد من خيارات الطعام الصحي.

وركز الباحثون في كلية أندرسون للإدارة بجامعة كاليفورنيا وجامعة تورنتو على الوصول إلى الغذاء على نطاق أوسع. ووجدوا أن حوالي متجر بقالة واحد سيغلق مقابل كل ثلاثة متاجر خصوم تفتح داخل دائرة نصف قطرها ميلان. وكان هذا مصدر قلق القس دونالد بيريمان، الذي يدير كنيسة مركز الأمل في توليدو بأوهايو. وقال إن حيّه كان ذات يوم موطنا لمجتمع أسود مزدهر، لكنه عانى عقودا من غياب الاستثمار. وصرّح “أعتبر أن كنيستنا تقع في زاوية الفقر والألم. كنا مهتمين باستعادة الشعور بالفخر في هذا الحي”.

وطلب بيريمان وسكان آخرون من توليدو، في 2020، فرض حظر يلزم المتاجر بالدولار بالتقدم للحصول على تصاريح خاصة. لكن نفاذ القانون انقضى بعد سنة. وأصبحوا الآن يضغطون لفرض حظر كامل، ضمن جهد أوسع لربط التنمية الاقتصادية بالدفع نحو خيارات غذائية صحية.

وقال بيريمان “نسعى الآن إلى منطقة غذائية صحية حيث يمكننا تحفيز جلب الغذاء الصحي في مساحة آمنة، خالية من تجار التجزئة مثل متاجر الدولار”.

ترى كيم لاندريكوتس أن العدد الهائل من متاجر الدولار في تانجيباهوا بشمال نيو أورلينز هو الذي غذى معارضتها.

وقالت لاندريكوتس، التي كانت عضوة في مجلس تانجيباهوا وهي اليوم تمثل ولاية لويزيانا، “توجد تسعة متاجر بالدولار في نطاق خمسة أميال أو نحو ذلك”.

وذكرت أن هاتفها لم يسكت حين ظهرت لافتة تعلن عن خطط لمتجر جديد. وقالت “يوجد متجران على نفس الطريق على بعد ميل ونصف. هذا غير منطقي”.

ورفضت لجنة التخطيط في المنطقة خلال العام الماضي طلب مطور لبناء دولار جنرال، متحججة بـ”صحة السكان وسلامتهم”.

وقال سكانت إنجيباهوا، في عريضة تدعو إلى فرض حظر، إنهم تضرروا من عدد متاجر الدولار. وأكدوا أنها خنقت حركة المرور، وأثرت على الصرف الصحي، وقلصت المشاريع الصغيرة وجذبت القمامة والجريمة.

شيكاغو أصبحت في فبراير أكبر مدينة تسعى للحد من متاجر الدولار، حيث قرر المسؤولون أنها كانت سببا للضائقة الاقتصادية رغم أنها تلبي حاجيات العائلات في المناطق التي تفتقر إلى خدمات البيع بالتجزئة الأساسية

وأيد قاض في نوفمبر قرار اللجنة الذي يجري استئنافه الآن. ولم يستجب المطور لطلب التعليق، ولم تعلق دولار جينيرال على القضية أيضا.

وترى لورين كوكران جونسون، المفوضة السابقة في مقاطعة ديكالب بجورجيا، أن مفتاح تحقيق التوازن بين إيجابيات متاجر الدولار وسلبياتها يكمن في التعاون.

وفرضت مقاطعتها حظرا على توسيع متاجر الدولار خلال 2019 ودعمت ذلك بقانون سنة 2022 الذي يفرض مسافة إلزامية بين المتاجر الأكثر شيوعا في المجتمعات السوداء الفقيرة في ديكالب.

وقالت كوكران جونسون، التي تترشح الآن لرئاسة المقاطعة “لم نسجل منذ ذلك الحين أيّ متجر دولار يطلب تصريحا أو ترخيصا تجاريا”.

وأضافت “لست ضد متاجر الدولار. أريد فقط أن أتأكد من أنه لا يخلف تأثيرات ضارة بالمجتمعات”.

ووضعت كوكران جونسون تشريعا لتشجيع المتاجر على تقديم مواد غذائية طازجة، وأصبح للعديد منها قسم للأطعمة الباردة يبيع الحليب والجبن وغير ذلك. وقالت “أصبحوا في وضع فريد ليصبحوا شركاء. أريد منهم أن يتّبعوا سلوكا أفضل حتى يتمكنوا من تلبية احتياجات حرفائهم”.

العرب