ليبيا بين فكي الحرب والهجرة غير النظامية

ليبيا بين فكي الحرب والهجرة غير النظامية

تعيش ليبيا حالة من الفوضى وعدم استقرار منذ اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011 من جهة، وموجة من الهجرة غير النظامية من جهة أخرى.
وعقب مقتل 53 مهاجرا وإصابة 130 على الأقل، في قصف لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على مركز لإيواء اللاجئين، يضم حوالي 600 مهاجرا في منطقة تاجوراء، شرقي العاصمة طرابلس، مطلع يوليو/تموز الجاري، توجهت الأنظار إلى أزمة الهجرة غير النظامية التي تواجهها البلاد.
ومنذ 4 أبريل/نيسان الماضي، تشن قوات حفتر، هجوما على طرابلس، التي تتخذها حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، مركزا لها، مما عمق الفوضى الأمنية، التي استفحلت في البلاد خاصة منذ 2014.
وحسب إحصائيات المنظمات المدنية، فإن 90 في المئة من أعداد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الإيطالية، في 2016، جاؤوا عبر الأراضي الليبية.
وأطلق الاتحاد الأوروبي منذ 2014، برنامجا لتدريب وتجهيز قوات خفر السواحل الليبية، بهدف إعاقة وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأ خفر السواحل الليبي بجلب المهاجرين، الذين ألقوا القبض عليهم في مياه المتوسط إلى بلادهم، وجمعهم في مراكز خاصة بإيواء المهاجرين غير النظاميين.
ونُشرت الكثير من الأخبار بعد ذلك إزاء المعاملة السيئة التي يتعرض لها المهاجرون في هذه المراكز، وبالرغم من ذلك، واصلت الدول الأوروبية جمع المهاجرين في ليبيا بالرغم من الفوضى والحرب المستمرة فيها.
وإلى جانب ذلك، وافقت الحكومة الإيطالية في يونيو/حزيران الماضي، على قرار يحظر بموجبه إنقاذ المهاجرين غير النظاميين في مياه المتوسط.
وأعلنت الحكومة الإيطالية أنه يمكن توقيف سفن الأشخاص الذين يقومون بإنقاذ المهاجرين في عرض المتوسط.
ولقي القرار انتقادات واسعة مفادها بأنه صدر بهدف منع السفن التابعة لبعض المنظمات المدنية الناشطة في مجال إنقاذ المهاجرين.
وحسب إحصائيات منظمة الهجرة الدولية، أوقف أمن السواحل الليبي حوالي 15 ألف مهاجر غير نظامي في مياه المتوسط في 2018، ووصل هذا العدد إلى 3 آلاف و750 مهاجرا، منذ مطلع العام الجاري، بينما لقي 343 مهاجرا مصرعه، حتى أواسط يونيو الماضي.
لكن من المنتظر أن تشهد هذه الأرقام زيادة واضحة، مع ارتفاع عمليات تهريب البشر في فصل الصيف، إذ تم الإعلان عن غرق سفينة قبالة السواحل التونسية، انطلقت من سواحل مدينة زوارة الليبية (غرب)، وكان على متنها 86 مهاجرا.
ووفق نفس الإحصائيات، بلغ عدد المهاجرين الغرقى حوالي 18 ألف و500 شخصا، مع بدء موجة اللجوء في 2014، إضافة إلى آلاف الأشخاص الذين قُتلوا في الصحاري قبيل الوصول إلى السواحل.
وتشير التوقعات بأنه يتم إنفاق حوالي 300 مليون دولار لمهربي البشر في إفريقيا، وآسيا، سنويا، لقاء رحلة الأمل إلى القارة الأوروبية.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، باولا باريجي، إن “المفوضية تقدم المساعدات الإنسانية للمهاجرين في مراكز الإيواء، إلا أن إدارة هذه المراكز بيد السلطات الليبية”.
وأشارت إلى أن المفوضية تعارض وجود مراكز لإيواء المهاجرين في عموم ليبيا، وأنها تقدم المساعدات لأكثر من 20 مركزا، 11 مركزا منها يقع في مناطق الاشتباكات.
ولفتت إلى أن أعداد المهاجرين في جميع مراكز الإيواء يبلغ حوالي 5 آلاف و800 شخصا، حوالي 3 آلاف و800 شخص منهم في المراكز الواقعة بمناطق الاشتباك.
وحسب الأرقام التي أعلنتها بعض المنظمات الدولية، فإن عدد المهاجرين غير النظاميين المسجلين وطالبي اللجوء المتواجدين في ليبيا يبلغ حوالي 50 ألف شخص، إلى جانب حوالي 800 ألف مهاجر غير نظامي، غير مسجل في عموم البلاد.
وضمن إطار برنامج العودة الطوعية، بلغ عدد المهاجرين العائدين إلى بلدانهم في إفريقيا أو آسيا، خلال العام الجاري، حوالي 5 آلاف شخص، من 30 جنسية، في حين يبلغ عدد العائدين اعتبارا من 2015، حوالي 40 ألف شخص.
وأصدرت المفوضية السامية للاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية، بيانا عقب مقتل المهاجرين في تاجوراء إثر قصف لقوات حفتر، دعتا من خلاله كلا من الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي للوقوف أمام تكرار مثل هذه المآسي.
كما دعت المنظمتان المجتمع الدولي لاعتبار ليبيا بلدا غير آمن، لا يجب إعادة اللاجئين إليه، مطالبة المنظمات الأوروبية بدعم مساعي إنقاذ المهاجرين بدلا من حظرها.

الأناضول