هيمنة الصين على القطاعات المنافسة تثير قلق أوروبا

هيمنة الصين على القطاعات المنافسة تثير قلق أوروبا

قلق عالمي من هيمنة الصين الاقتصادية السريعة بات يتصدر عناوين التقارير العالمية، التي تشير إلى أن خطط الاستيلاء الصينية على قطاعات النفط، والسكك الحديدية، والموانئ، والاتصالات أصبحت حقيقية.

ويشير خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ”إندبندنت عربية” إلى أن الصين أطلقت مبادرتها الاقتصادية في كسر احتكار الشركات المنافسة لمعظم القطاعات منذ 2013، وأن خططها المعلنة، أو السريعة ليست جديدة، إلا أن الجديد هو التوسع الصيني في معظم الشريان الاقتصادي الأوروبي، إذ أوردت وكالة “فرانس برس” في تقرير لها أن شركة “سي آر آر سي” المدعومة من الدولة أصبحت أكبر مصنّع للقطارات في العالم، وتتلقى طلبات لشراء قاطرات وعربات من بوسطن وفيلادلفيا مرورا بكمبوديا وكولومبيا وصولا إلى مترو أنفاق لندن وشركة النقل الألمانية “دويتشه بان”.

وأشار التقرير إلى أن عائدات الشركة السنوية بلغت 26 مليار يورو (29 مليار دولار)، وهو مجموع عائدات ثلاث من كبرى الشركات الغربية التي تبلغ عائدات كل منها نحو 9 مليارات كل عام، وهي “بومباردييه” و”سيمنز” و”ألستوم”.

توسع صيني في النفط والزراعة والصناعات

وتشير الوكالة إلى أن شركة “كيم تشاينا” الصينية الحكومية باتت أحد أكبر منتجي البذور والمبيدات في العالم بعدما استحوذت على شركات المبيدات السويسرية العملاقة “سينجينتا” عبر صفقة بقيمة 43 مليار دولار في 2017، بحيث باتت تنافس شركتي “مونسانتو” و”داودوبونت”.

كما أنها أكبر عملية استحواذ قامت بها شركة صينية، بعدما اشترت المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري في 2013 شركة “نيكسين إينرجي” الكندية للطاقة بموجب عقد بقيمة 15,1 مليار دولار.

في الوقت ذاته تسيطر “كيم تشاينا” كذلك على شركة “بيريللي” الإيطالية لصنع الإطارات و”كراوس مافي” الألمانية لصنع الآليات، كما أطلقت الشركة الوطنية الصينية للطاقة النووية مفاعلها المطور محليا “هوالونغ-1” في 2015 لمنافسة المفاعلات الفرنسية والأميركية. واستخدمت تقنيّاته في الأرجنتين وباكستان. كما تهيمن الشركات الصينية لصنع الألواح الشمسية؛ “جينكو” و”ترينا” و”سولار”، على الأسواق العالمية.

ويشير التقرير إلى “أن هيمنة الصين على صعيد شركات النفط، كشفت أن المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري “سي إن أو أو سي” ومؤسسة البترول الوطنية الصينية “سي إن بي سي”، ومجموعة الصين للبتروكيماويات “سينوبك” ضخت استثمارات هائلة في هذا المجال في وقت تعمل الشركات المنافسة لها في العالم على خفض نفقاتها”.

وكشف التقرير “سعي مؤسسة الطائرات التجارية الصينية المحدودة “كوماك” الحكومية إلى تطور صنع طائرات مدنية بداية عام 2021، بهدف تحدي هيمنة “بوينغ” و”إيرباص”، وأكدت الشركة أنها تلقت ألف طلبية لشراء طائرتها “سي919” التي تضم 168 مقعداً.

ويزداد الدور الذي تلعبه شركة الصناعات الغذائية الصينية العملاقة “كوفكو” في تجارة الحبوب في العالم بعدما اشترت القسم الزراعي لشركة “نوبل” السنغافورية لتجارة السلع الأولية إضافة إلى “نيديرا” الهولندية.

عين الصين على قطاع الاتصالات الذكية

وذكر تقرير الوكالة “أن شركة “دي جي آي” التي أسسها طالب جامعي صيني في 2006 أصبحت أكبر مصنّع في العالم للطائرات المسيّرة لأغراض مدنية، وباتت تسيطر على 70% من الأسواق العالمية في هذا المجال، متفوقة على منافستها الفرنسية “باروت”.

أما القطاع الاقتصادي الأكثر تنافسية فهو قطاع الاتصالات حيث استطاعت الصين، طرح منتجات الهواتف الذكية بسرعة فائقة، وباتت منافسا حقيقيا لكبرى شركات الهواتف في العالم، ويشير الخبراء إلى أن نجاح الصين في القفز على عقبات التطور بالدخول إلى تطوير الجيل الخامس من الاتصالات “5 G” من شأنه أن يكسر الاحتكار الغربي لهذا القطاع.

ويشير تقرير وكالة “فرانس برس” إلى أن شركات تصنيع الهواتف الذكية الصينية باتت تهيمن على الجزء الأكبر من الأسواق العالمية بحيث باتت حصة “هواوي” 15% و”شاومي” 8,7% و”أوبو” 8,1%. كما ازدادت مبيعات هواتف “هواوي” و”أوبو” بنسبة 30% العام الماضي في وقت انخفضت مبيعات منافسيها “آبل” و”سامسونغ”.

من جانب آخر تعد مجموعة “هاير” الصينية أكبر مصنّع للمعدات المنزلية في العالم، وتبلغ حصتها في الأسواق العالمية 10%، متفوقة على “ويربول” و”إلكترولوكس”.

واشترت “هاير” قسم المعدات المنزلية التابع لشركة “جنرال إلكتريك” في 2016. وتنافس شركة “كاتل” الصينية، التي تزوّد عمالقة صناعة السيارات على غرار “فولكسفاغن” و”فورد” و”دايملر” ببطاريّات السيارات، إذ كانت شركة “باناسونيك” اليابانية تهيمن على المركز الأول عالميا في مجال صنع بطاريّات السيارات الكهربائية من الليثيوم.

كما يذكر التقرير أن مجموعة “كوسكو” الحكومية الصينية باتت ثالث كبرى شركة للشحن البحري في العالم، إذ تملك 50 ميناء حاويات في أنحاء العالم، بينها “بيريوس” اليوناني و”بلباو” الإسباني.

إلا أن الخبراء توقعوا أن يتراجع النمو في الصين من أعلى مستوى وصل له، والذي بلغ 9% بسبب تراجع الاستهلاك العالمي، واستمرار الحصار والخلاف التجاري مع أميركا.

النمو الصيني مرشح للتراجع

يذكر أن متوسط معدل النمو السنوي للناتج المحلي في الصين بلغ نحو 9.6% خلال الفترة 1980-2017، في حين تضاعف حوالي 40 مرة من أكثر من 305 مليارات دولار إلى ما يزيد على 12 تريليون دولار خلال نفس الفترة، ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي ظل هذا التوسع يشير الخبراء إلى أن النمو الصيني معرض لركود مقبل بسب التغيرات الاقتصادية العالمية، لكن المسؤولين في الصين يرون أن تراجع نموهم إلى 4%، ليس سيئا بالمقياس العالمي، وذكروا أن ديون الدولة الصينية أغلبها محلي، ويصرف في قطاع الإسكان للشعب الصيني.

اندبندت العربي