تحليل اتجاهات الواردات في العراق: انعكاساتها على الاستثمار والنمو الاقتصادي

تحليل اتجاهات الواردات في العراق: انعكاساتها على الاستثمار والنمو الاقتصادي

 

الباحثة شذى خليل*

تأخذ ديناميكيات الاستيراد في العراق مساحة كبيرة في الاقتصاد، وخاصة في مجالات المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، مما ينعكس اثرها على استراتيجيات الاستثمار والمشهد الاقتصادي العام. ومن خلال التعمق في الإحصائيات والاتجاهات المميزة، يمكننا استخلاص رؤى قيمة حول دوافع وعواقب أنشطة الاستيراد في العراق.

في عام 2022، سلطت البيانات التي جمعتها ABC Arabia الضوء على النظام البيئي للاستيراد في العراق، وكشفت عن تدفق كبير للسلع بشكل أساسي من الشركاء التجاريين الرئيسيين مثل الصين وتركيا وإيران ودول أخرى ، وبلغت قيمة الواردات الجماعية من هذه الدول مبلغا مثيرا للإعجاب قدره 53.081 مليار دولار، مما يدل على اعتماد العراق على المصادر الأجنبية للسلع الأساسية.

برزت الصين كلاعب مهيمن في سوق الواردات العراقية، حيث استحوذت على حصة كبيرة حيث بلغ إجمالي الواردات 33.007 مليار دولار. وحذت تركيا حذوها بمبلغ 10.477 مليار دولار، في حين ساهمت إيران بمبلغ 8.9 مليار دولار+ 697 مليون دولار من دول أخرى ، على التوالي. وتؤكد هذه الأرقام على الأصول المتنوعة للسلع والبضائع المستوردة، وتسلط الضوء على الشبكة المعقدة للعلاقات التجارية العالمية التي يشارك فيها العراق.

وبالمضي قدمًا حتى عام 2023، واصلت أرقام واردات العراق مسارها التصاعدي، حيث وصلت إلى 67.25 مليار دولار من 11 دولة مصدرة رئيسية. ويمثل هذا زيادة ملحوظة بنسبة 6% مقارنة بالعام السابق، مما يشير إلى الطلب المستمر على السلع الأجنبية داخل السوق العراقية. وباستثناء الواردات من إيران، بلغت الصادرات إلى العراق 58 مليار دولار، مما يعكس ارتفاعا بنسبة 2.8% عن عام 2022.

إن الحجم الكبير للواردات، وخاصة من المصادر غير الإيرانية، له آثار بعيدة المدى على الاقتصاد العراقي والمشهد الاستثماري. وتتطلب هذه الواردات شراء كميات كبيرة يوميًا من العملة الصعبة، بمتوسط حوالي 206 ملايين دولار، لتسهيل المعاملات التجارية. وعندما نأخذ في الاعتبار الخدمات الإضافية مثل شراء البرمجيات والمعاملات الإلكترونية، فإن الطلب اليومي على الدولارات لأغراض التجارة وحدها يرتفع إلى 225 مليون دولار.

وعلى الرغم من المساهمات الملحوظة من إيران في أرقام واردات العراق، فمن الضروري تشريح طبيعة هذه الواردات لإجراء تحليل شامل. يتكون أكثر من 65% من صادرات إيران إلى العراق من الغاز والكهرباء، مما يؤثر بشكل كبير على ديناميكيات الاستيراد الإجمالية. وباستثناء هذه السلع المرتبطة بالطاقة، تتضاءل قيمة السلع المستوردة من إيران إلى ما يقرب من 3.7 مليار دولار، مما يدفع إلى تقييم دقيق لاعتماد العراق على الواردات الإيرانية.

ومن الضروري التأكيد على موثوقية ودقة البيانات المستمدة من السجلات الجمركية الرسمية للدول المصدرة. إن استخدام الأنظمة الإلكترونية من قبل معظم الدول المصدرة يعزز الشفافية ويقلل من مخاطر التلاعب بالبيانات، مما يضفي مصداقية على الأفكار المستمدة من هذه الإحصاءات.

وفي الختام، فإن اتجاهات الاستيراد في العراق هي بمثابة مقياس لسلامته الاقتصادية واندماجه في السوق العالمية. ويؤكد النمو المطرد في أحجام الواردات على مرونة الاقتصاد العراقي وسط التقلبات الجيوسياسية. وستكون الاستفادة من هذه الأفكار مفيدة في وضع استراتيجيات استثمارية قوية وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام في العراق.

 

وحدة الراسات الاقتصادية /مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية