الباحثة شذى خليل*
يعد العراق البلد الذي يتمتع بتراث تاريخي غني وموارد طبيعية وفيرة، يقف عند منعطف حاسم في مساره التنموي. وفي خضم تحديات عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاقتصادية، هناك منارة أمل تتمثل في تنشيط الزراعة. إن اقتراح تطوير الزراعة في العراق، لا سيما من خلال الهدف الطموح المتمثل في زراعة 150 مليون شجرة نخيل من الرمادي إلى البصرة، يحمل وعداً ليس فقط بالازدهار الاقتصادي ولكن أيضاً بالاستدامة البيئية والرفاهية المجتمعية.
الأثر الاقتصادي:
إن الفوائد الاقتصادية المتوقعة لمثل هذه المبادرة الزراعية الضخمة مذهلة. ومع عائدات سنوية تقدر بـ 12 مليار دولار، فإن هذا المسعى لديه القدرة على ضخ الحيوية في الاقتصاد العراقي، وخلق فرص للنمو والازدهار. علاوة على ذلك، من خلال توظيف ما يصل إلى 500.000 فرد في المهن الزراعية وتصنيع الأغذية، فإنه يعالج قضية البطالة الملحة، ويعزز الاستقرار والتماسك الاجتماعي.
فوائد بيئية:
لا يمكن المبالغة في تقدير الآثار البيئية لهذا التطور الزراعي. إن زراعة ملايين الأشجار في مختلف أنحاء العراق من شأنها أن تساهم بشكل كبير في التخفيف من آثار تغير المناخ. ويوفر الانخفاض المتوقع في درجات الحرارة بما يصل إلى 7 درجات مئوية فترة راحة من الحرارة الحارقة التي تجتاح المنطقة، مما يعزز نوعية الحياة لسكانها. علاوة على ذلك، فإن الحفاظ على الموارد المائية، والذي يتمثل في الحد الأدنى من استهلاك مياه نهر الفرات، يؤكد أهمية الممارسات المستدامة في حماية التراث الطبيعي للعراق للأجيال القادمة.
التطورات الاجتماعية والاقتصادية:
وإلى جانب آثارها الاقتصادية والبيئية، تحمل المبادرة الزراعية المقترحة آثارا اجتماعية واقتصادية عميقة. ومن خلال تنويع الإنتاج الزراعي ودمج أشجار الفاكهة والحمضيات تحت ظلال بساتين النخيل، يستطيع العراق تعزيز الأمن الغذائي وتعزيز التنوع الغذائي. وهذا، إلى جانب الإيرادات المتأتية من زراعة الفاكهة والتي تبلغ حوالي 3 مليارات دولار سنويا، يعمل على تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
الابتكار والاستدامة:
إن استخدام المخلفات الزراعية، مثل السعف والعنب، لإنتاج الأسمدة الطبيعية يجسد روح الاستدامة المتضمنة في هذه المبادرة. إن استصلاح الأراضي الجديدة من خلال العملية المتسارعة التي تسهلها هذه الأسمدة يدل على الالتزام بتسخير الابتكار لتحقيق الصالح العام. علاوة على ذلك، تبرز وزارة الزراعة كجهة فاعلة محورية في دفع هذه الأجندة التحويلية إلى الأمام، مما يجسد روح القيادة الحكيمة والحوكمة الاستباقية.
وفي الختام، فإن اقتراح تطوير الزراعة في العراق، وخاصة من خلال الهدف الطموح المتمثل في زراعة 150 مليون نخلة، يحمل وعداً هائلاً لمستقبل البلاد. ومن الرخاء الاقتصادي والاستدامة البيئية إلى التقدم الاجتماعي والابتكار التكنولوجي، فإن فوائد مثل هذه المبادرة متعددة. ومن خلال تسخير الإرادة الجماعية وموارد شعبه، يستطيع العراق الشروع في رحلة نحو غد أكثر إشراقا وازدهارا، حيث تكون الزراعة بمثابة حافز للنمو والقدرة على الصمود والفخر الوطني. وبينما ينظر العالم إلى ما يجري، تقف وزارة الزراعة على أهبة الاستعداد لقيادة هذه المهمة، إيذانا ببدء حقبة جديدة من الرخاء والوفرة للأجيال القادمة.
الوحدة الاقتصادية/ مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية