الاحتجاجات بالعراق.. هبة فقراء أم ثورة تغيير؟

الاحتجاجات بالعراق.. هبة فقراء أم ثورة تغيير؟

تتشابه صور المحتجين ضد الحكومة الحالية والمطالبين برحيلها؛ بعد يأس تام من الحلول “الترقيعية” والوعود الزائفة والاستحواذ على المال. هناك اختلافات جوهرية هذه المرة عن سابقاتها من الاحتجاجات، ويقول المحلل السياسي الدكتور يحيى الكبيسي إن ما يميز المظاهرات الحالية أنها انطلقت دون أي مقدمات أو مؤشرات، والملاحظ هو الفئات العمرية التي تشكل نواة هذا الحراك، فهم من الشباب عكس المظاهرات الماضية.
ويضيف الكبيسي أن الشباب يرون أن فساد الطبقة السياسية والفساد البنيوي عموما يؤدي إلى حرمانهم من حق المشاركة في الريع الذي يستحوذ عليه المتسلطون، لافتا إلى أن مطلب الخدمات والبنى التحتية قد ظل في خلفية المشهد المطالب بإسقاط النظام.

كما لم يذهب رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية والمحلل السياسي الدكتور واثق الهاشمي بعيدا عن قول الكبيسي، موضحا أن الحكومة تفاجأت -مثل الكتل السياسية- بخروج المظاهرات، على اعتبار أنها كانت دعوات شعبية وعبر وسائل التواصل، من دون رعاية من جهات معروفة حزبية، كما كان يحدث في السابق، والتي كان يدعو لها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أو الحزب الشيوعي.

صفة الثورة
يقول الإعلامي والناشط في حقوق الإنسان خالد الصكر إن الحراك الحالي جاء احتجاجا ضد الفساد والظلم وتدني المستوى المعيشي وارتفاع نسب البطالة المرعبة بسبب غياب الدرجات الوظيفية وفرص العمل، التي اختزلت لفئات تابعة للأحزاب الحاكمة.

في حين يغاير رئيس منظمة كردستان لحقوق الإنسان الدكتور هوشيار مالو ذلك بالقول إنها ليست ثورة فقراء ولا هي ربيع عربي بقدر ما هي ثورة للمطالبة بحقوق مشروعة، ودليل ذلك الشعار الأكثر ترديدا “إيران بره بره”؛ وهو دليل على امتعاض الشعب من الدولة الجارة من خلال تأثيرها السلبي على السياسة العراقية في نظر المتظاهرين.

التعقيدات والنتائج
ويقول الكبيسي: ساعد العنف المفرط الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المحتجين وسقوط ضحايا مدنيين جراء استخدام الرصاص الحي وإطلاق قنابل الغاز، والتعتيم الإعلامي، واستخدام الأساليب التي تستخدمها الدول الشمولية كقطع الإنترنيت والدعاية المضادة وخطابات التشكيك والتحريض باتهام المحتجين بـ”بالبعثيين والصدّاميين”، إلى جانب عدم خروج بيان رئيس مجلس الوزراء الأخير عن هذه المنهجية، حيث تحدث فيه عن “المعتدين غير السلميين الذين رفعوا شعارات يعاقب عليها القانون تهدد النظام العام والسلم الأهلي”؛ على زيادة حجم هذه المظاهرات وحدتها؛ إلى الحد الذي اضطر السلطات إلى إعلان حالة حظر التجول في بغداد وبعض المحافظات.

وعن النتائج المتوقعة للاحتجاجات، قال الكبيسي “رغم الانتشار غير المسبوق لحركة الاحتجاجات الحالية والتعاطف الكبير الذي لقيته من الشعب، فإن أعداد المشاركين ما زالت محدودة نسبيا، ولم تصل إلى الحد الذي تشكل فيه تهديدا حقيقيا على النظام، وبالتالي من الصعب تحديد المسار الذي يمكن أن تتخذه في الأسابيع القادمة، سواء باتجاه التصعيد -خاصة إذا تم ذلك في سياق الدفاع عن السلطة والموقع ومن أطراف ذات طبيعة إشكالية مثل الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران- أو باتجاه الخفوت تدريجيا بعد تفريغ شحنة الغضب”.

قانونيا
وعن موقف القانون، بيّن المستشار القانوني الدكتور محمد جاسم العامري أن ممارسات الحكومة ضد المتظاهرين تعد جرائم يعاقب عليها حسب ما نص عليه الدستور العراقي لسنة 2005، مضيفا أن المادة 38 من الدستور أعطت الحق للعراقيين في التظاهر السلمي.

ويؤكد العامري أن ما تمارسه قوات مكافحة الشغب من وحشية عبر استخدام الرصاص الحي وقتل وإصابة المئات من المحتجين هو جرائم قتل وفق قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969؛ وكذلك تعاقب عليها القوانين الدولية.

ويتابع العامري حديثه قائلا إن المظاهرات التي شهدتها بغداد وباقي المحافظات منذ بداية الشهر الحالي تختلف عن كل سابقاتها؛ لكونها غير مدعومة من أي جهة سياسية داخلية أو خارجية؛ ونتيجة لهذا الاختلاف اختلفت أيضًا طريقة التعامل، ويرجع لهذا اضطراب الحكومة وعدم اتزانها في اتخاذ القرار، مما جعلها تصبح في حكم المجرم.

الجزيرة