هدأت حالة الذعر التي انتابت أسواق المال العالمية خلال الأسبوع الماضي، أمس الاثنين، بعد تواتر التصريحات الصادرة عن قادة البنوك المركزية الكبرى بأنهم سيتخذون كل الخطوات اللازمة وبتنسيق تام لضمان استقرار النظام المالي العالمي، وهو ما قد يترتب عليه ضخ الأموال اللازمة في أسواق المال والمصارف التجارية.
ومن المتوقع أن يجري خفض لأسعار الفائدة، تنفذه المصارف المركزية الكبرى، بما في ذلك البنك المركزي الصيني، وربما بواقع بربع نقطة، خلال الأسبوع الجاري، ثم تتلو ذلك خطوات تحفيزية شبيهة بعمليات شراء الأصول الخطرة من الشركات الرئيسية والبنوك الاستثمارية التي نفذتها المصارف المركزية في عام 2008 عقب اندلاع الأزمة المالية، لإنقاذ العالم من الإفلاس.
وفي أعقاب هذه التصريحات من كبار مسؤولي المصارف المركزية التي كانت متوقعة إلى حد كبير، تحولت شاشات البورصات في آسيا وأوروبا من اللون الأحمر إلى الأخضر، في إشارة إلى اطمئنان المستثمرين، بأن عملية تحفيز جديدة للاقتصادات العالمية يقودها مصرف الاحتياط الفدرالي “البنك المركزي الأميركي”، باتت وشيكة وستجري بأسرع وقت وربما خلال الأسبوع الجاري، كما توقع بذلك الاقتصادي العالمي محمد العريان.
وكان رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، قد وعد باتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم الاقتصاد، مشيراً إلى أن البنك يراقب من كثب التطورات المتعلقة بفيروس كورونا. وقال باول، في بيان صدر يوم الجمعة: “لا تزال أساسيات الاقتصاد الأميركي قوية، لكن فيروس كورونا يشكل مخاطر متزايدة على النشاط الاقتصادي”.
وتابع باول: “يراقب مجلس الاحتياطي الفيدرالي من كثب التطورات وتأثيراتها في التوقعات الاقتصادية، وسنستخدم أدواتنا ونتصرف حسب الحاجة لدعم الاقتصاد”.
وكان الاقتصادي الأميركي كيفن وارش، قد ذكّر في تصريحات مساء الجمعة، بضرورة تحرك منسق بين البنوك المركزية لإنقاذ أسواق المال من الانهيار.
وفي ذات الشأن، توقع مصرف “غولدمان ساكس” في مذكرة للعملاء، أن يجري البنك المركزي خفضين لأسعار الفائدة بمعدل ربع نقطة لكل، أي أنه سيخفض الفائدة الأميركية على الدولار بنصف نقطة ربما خلال الشهر الجاري.
من جانبه قال المصرف المركزي البريطاني أمس الاثنين في بيان، إنه سيعمل مع المصارف العالمية لتأكيد أن “كل الخطوات اللازمة سيجري اتخاذها” لتعويض الخسائر الاقتصادية التي سببها فيروس كورونا.
وقال البنك في بيانه، إنه يقوم حالياً بتقييم تداعيات الفيروس على الاقتصادات والنظم المالية حتى يتأكد أن كل الخطوات التي ستتخذ ستضمن حماية الاستقرار المالي والاقتصادي من تداعيات الفيروس”.
ويعمل بنك إنجلترا كذلك مع وزارة الخزانة والشركاء الدوليين لضمان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية الاستقرار المالي والنقدي، وسط تفشي الفيروس عالمياً.
وأوضح متحدث باسم البنك لوكالة بلومبيرغ أن المصرف المركزي يواصل مراقبة التطورات ويقيم الآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي واقتصاد المملكة المتحدة والأنظمة المالية.
من جانبه، قال محافظ البنك المركزي الياباني هاروهيكو كورودا أمس الاثنين، إن البنك سيعمل على ضمان استقرار الأسواق المالية من خلال شراء الأصول لضخّ السيولة النقدية في الأسواق.
وأكد كورودا في بيانه الذي نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن بنك اليابان سيراقب من كثب التطورات المستقبلية، وسيعمل على ضخ السيولة النقدية وضمان استقرار الأسواق المالية من خلال الأدوات السوقية المناسبة وشراء الأصول.
وأشار إلى أن أسواق المال العالمية تعاني من الاضطراب نتيجة الغموض المحيط بالنشاط الاقتصادي العالمي على خلفية انتشار الفيروس كورونا.
وسط هذه الطمأنات القوية، ارتفعت أسواق المال في اليابان وأوروبا أمس الاثنين، حيث استقرت الأسهم الأوروبية بعد أسوأ أداء أسبوعي لها منذ الأزمة المالية في 2008، بفضل الآمال في أن تتدخل البنوك المركزية الرئيسية للتصدي لتداعيات وباء كورونا على النمو العالمي.
وارتفع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي الذي يقيس أداء أسواق المال الأوروبية بنسبة 1.8 بالمئة في التعاملات الصباحية، بعد تهاويه 12 بالمئة الأسبوع الماضي.
وحسب رويترز، قادت شركات التعدين والنفط والغاز المكاسب في المؤشرات. كذلك تعززت المعنويات بعد بيانات قاتمة لنشاط المصانع الصينية، حيث غذت التوقعات باتخاذ مزيد من إجراءات التحفيز، حتى مع انحسار حالات الإصابة الجديدة في البلاد.
وضرب تفشي الفيروس الاقتصادات النفطية واقتصادات الأسواق الناشئة المعتمدة على تصدير السلع الأولية.
وكانت توقعات متشائمة قد ذكرت أن النمو الاقتصادي العالمي قد يتراجع بنحو النصف من التقديرات التي وضعت له قبل اكتشاف الفيروس.
في هذا الشأن، أظهرت بيانات أولية لمعهد التمويل الدولي، أمس الاثنين، أن مديري المحافظ سحبوا 9.7 مليارات دولار من أسهم الأسواق الناشئة في فبراير/شباط في ظل مخاوف من انتشار الفيروس الذي أوقد شرارة عمليات بيع في الأصول عالية المخاطر.
وكشفت المؤسسة أن الخسائر، التي تكبدتها الأسواق في آسيا وأميركا اللاتينية في فبراير/شباط، وصلت بإجمالي التدفقات الخارجة من أسواق الأسهم والسندات في الاقتصادات النامية إلى 11.9 مليار دولار منذ بداية العام، مقارنة بتدفقات داخلة 35.7 مليار دولار للفترة نفسها من 2019.
وخسرت أسواق الأسهم الآسيوية 4.5 مليارات دولار، بينما خسرت صناديق أميركا اللاتينية 3.8 مليارات دولار في فبراير/شباط.
وأضاف المعهد أنه في الوقت نفسه جذبت ديون الأسواق الناشئة 13.2 مليار دولار في فبراير/شباط لتصل تدفقاتها من بداية العام إلى 44.8 مليار دولار مقارنة بـ 50.7 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وجمعت صناديق الدين الآسيوية 5.1 مليارات دولار في فبراير/شباط، بينما استقطبت صناديق سندات أميركا اللاتينية 4.3 مليارات دولار.
العربي الجديد