موسكو – حمّلت موسكو النظام التركي مسؤولية فشل جهود إنشاء منطقة منزوعة السلاح شمال محافظة إدلب السورية.
وألقت باللوم على تركيا لما آلت إليه الأوضاع شمال سوريا، متهمة أنقرة بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية وبمساعدة المتشددين بدلا من ذلك.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن التحصينات “الإرهابية” اندمجت مع مواقع المراقبة التركية في إدلب، مما أدى إلى هجمات يومية على قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا. كما اتهمت الوزارة الروسية تركيا بانتهاك القانون الدولي بزيادة عدد القوات في المحافظة السورية.
ميدانيا تتواصل خسائر الجيش التركي، حيث قالت وزارة الدفاع التركية الأربعاء إن جنديين تركيين قتلا وأصيب ستة في هجوم لقوات الحكومة السورية في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا.
وذكر بيان الوزارة أن الجيش التركي رد بعدما فتحت القوات السورية النار ويواصل قصف أهداف. وبهذا يرتفع عدد قتلى الجيش التركي، الذي بدأ عملية في إدلب الشهر الماضي، إلى 59 منهم واحد أمس الثلاثاء.
وتأتي الاتهامات الروسية عشية اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان بعد إصرار من الأخير أملا في الخروج من المأزق والتوصل لاتفاق جديد.
ويعول أردوغان كثيرا على لقائه بنظيره الروسي، حيث قال الأربعاء إنه يتوقع أن تسفر محادثاته هذا الأسبوع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عن التوصل سريعا إلى وقف لإطلاق نار في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا.
في المقابل يرى مراقبون أن الاتهامات الروسية الموجهة إلى تركيا حيال تطورات الوضع في سوريا هي رسالة مباشرة إلى أردوغان لكي لا يعلق أمالا كبيرة عن لقاء الخميس مع بوتين.
وجاء الموقف الروسي الحازم تجاه أنقرة لينفي صحة الخطاب الذي يتم التسويق له تركيًّا ويوحي بأن روسيا تغض الطرف عن العمليات العسكرية التركية في سياق تبادل المصالح.
كما انتقد الكرملين صمت المجتمع الدولي حيال الانتهاكات التركية شمال سوريا، حيث قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيجور كوناشينكوف، إن الدول الغربية والأمم المتحدة لم تكترث على الإطلاق بـ “الانتهاكات الجسيمة” لمذكرة سوتشي لعام 2018 بشأن إدلب السورية.
وأضاف المتحدث في بيان نشر الأربعاء أن تلك الانتهاكات “ارتكبتها تركيا والجماعات الإرهابية المتواجدة هناك، والمتمثلة في قصف متزايد للمناطق السورية المجاورة وقاعدة حميميم الروسية.
إضافة إلى عمل النظام التركي على تعزيز قبضة الإرهابيين من هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني وحراس الدين على المنطقة. وتمازج مواقعهم مع نقاط المراقبة التركية بدلا من إخراجهم من المنطقة وفصلهم عن المعارضة المعتدلة”.
وتأتي الانتقادات الروسية كردّ مباشر على إعلان واشنطن استعدادها لدعم قوات الجيش التركي في عملياته العسكرية في آخر معاقل حلفائه من الجماعات المتشددة شمال غرب البلاد.
ويقول محللون إن تطورات الوضع في إدلب تخدم بشكل مباشر الأجندة الأميركية، حيث تراهن على المزيد من تأزم الوضع هناك بين تركيا وروسيا، وما سيعني ذلك من تفكك الروابط التي نسجها الطرفان على مدار السنوات الأخيرة.
وبات النظام التركي اليوم في مفترق طرق بعد تتالي خسائره العسكرية والسياسية في الجبهة السورية، حيث فقد أردوغان هامش المناورة فيما يخص الملف السوري.
وعلى خلفية استغلال الرئيس التركي لملف اللاجئين كورقة ضغط على الجانب الأوروبي، طالبت وزيرة الدفاع الألمانية، أنيجريت كرامب-كارنباور، الأوروبيين بتعزيز اهتمامهم بالمنطقة.
وقالت كارنباور “كان من الواضح دائما بالنسبة لي أن الاتفاق بين تركيا وروسيا لا يمكن أن يكون حلا دائما.. هذا يتضح على نحو أكبر حاليا”.
يذكر أن الوزيرة اقترحت في أكتوبر الماضي، عقب تشاور مع المستشارة أنجيلا ميركل، إقامة منطقة أمنية بمراقبة دولية في منطقة الحدود بين سوريا وتركيا، إلا أن هذا المقترح لم يتم تنسيقه مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم.
وأوضحت الوزيرة أن مقترحها لا يزال مطروحا، مضيفة أنه من الجيد أن ميركل مستمرة في حوار مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان حول ما إذا كان من المفيد إقامة منطقة آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية الضرورية للمواطنين في إدلب.
العرب