قال تقرير في موقع أويل برايس الأميركي إن التفاؤل الحالي للمحللين ووسائل الإعلام بنهاية الخلاف المستمر في أوبك بلس بشأن سعر النفط وتخفيضات الإنتاج ليس له مبرر على الإطلاق، ذلك أن انهيار الطلب في العالم من جانب المصنعين والمستهلكين قد لا يوازيه الخفض المقترح من جانب روسيا وأميركا ومنتجين آخرين.
وأضاف التقرير -الذي نشر قبل أيام- أن التقلبات المستمرة في سوق النفط والمعركة بين كبار المنتجين للحصول على حصص في السوق والاستحالة اللوجستية لفرض تخفيضات الإنتاج الأميركية وتدمير الطلب المستمر الناجم عن فيروس كورونا ليست قضايا يمكن حلها من خلال هذا الاجتماع.
وفي تقرير لموقع “أويل برايس”، قال الكاتب سيريل ويدرشوفن إنه بعد هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أوبك أدلت السعودية وروسيا بتصريحات انتقادية بشأن تأثير ونفوذ الرئيس الأميركي في هذه المسألة.
وبينما يتردد بوتين ومحمد بن سلمان في مواجهة ترامب فإن القوة الحقيقية عندما يتعلق الأمر بسوق النفط لا تقع على عاتق الرئيس الأميركي، يقول الكاتب.
ويضيف “في الواقع، لا تظهر تغريدة ترامب -التي تدعي أن محمد بن سلمان وبوتين سيوافقان على خفض إنتاج النفط بأكثر من عشرة ملايين برميل في اليوم- تقديره المفرط لسلطته على البلدين فحسب، بل تظهر أيضا نقصا في المعرفة بأساسيات السوق وانهيار الطلب الحالي في جميع أنحاء العالم”.
وأوضح الكاتب أن تغريدات ترامب ونهجه العام تجاه هذه المسألة يشيران إلى أنه وإدارته بعيدان عن الواقع، فحتى لو خفضت السعودية وروسيا الإنتاج بعشرة ملايين برميل في اليوم فإن رد فعل أسعار النفط سيكون ضئيلا وقصير الأجل.
تفاؤل سلبي
ويحذر كبار خبراء سوق النفط حاليا من تدمير إجمالي للطلب بنحو عشرين مليون برميل في اليوم أو أكثر، في وقت تخفض فيه الشركات بقطاع المصب جميع عمليات الإنتاج مع انهيار الطلب من جانب المصنعين والمستهلكين في جميع أنحاء العالم.
ويقول الكاتب إن عمليات إغلاق البلدان في أكثر من نصف العالم لها تأثير كبير، مما يضر بالطلب على النفط والغاز وأنواع أخرى من الطاقة، لذلك يعتبر الكاتب أن خفض الإنتاج بأكثر من عشرة ملايين برميل في اليوم ليس حلا حقيقيا ويمكن أن يتسبب في رد فعل سلبي للأسواق.
وسيكون اجتماع “أوبك بلس والأصدقاء” المقبل صعبا للغاية، فهناك احتمال حقيقي لفشله، حيث إن الأهداف التي تم تحديدها غير واضحة تماما، وفق الكاتب.
وفي الواقع، دعت السعودية إلى اجتماع طارئ، ليس فقط لأعضاء أوبك بلس ولكن لجميع الدول المنتجة للنفط، وهذا يعني أن الولايات المتحدة مدعوة، ومن المرجح أن تحضر.
ويرى الكاتب أنه بدعوة الولايات المتحدة لحضور الاجتماع يبدو أن السعودية أفشلت خدعة ترامب، لأنه بحضور واشنطن الاجتماع ستعلن بشكل ضمني أن اتفاقية خفض الإنتاج المحتملة ستشمل أميركا.
وبين الكاتب أنه عند النظر إلى قطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة يمكن القول إن شركات النفط والغاز الأميركية وواشنطن ليست على نفس الخط.
وبحسب الكاتب، فإن الاقتراحات القائلة إن واشنطن قادرة على السيطرة على النفط الأميركي أو حتى إجباره على خفض الإنتاج سخيفة وستنتهي في معركة قانونية ضخمة، وحتى لو حضر ممثلو تكساس فقط فمن غير المرجح أن تمتثل شركات النفط لهذا القرار.
وفي تصريحات لاحقة أدلى بها الرئيس الأميركي، قال ترامب إن أوبك لم تضغط عليه ليطلب من منتجي النفط بالولايات المتحدة خفض إنتاجهم لدعم أسعار الخام العالمية التي شهدت انخفاضا حادا بسبب فيروس كورونا، في وقت ألمحت روسيا وبقوة إلى ضرورة مشاركة أميركا في مساعي استقرار الأسواق.
ويتمثل التهديد الرئيسي الثاني الذي يشكله الاجتماع المقبل في أن السعودية غير مقتنعة على الإطلاق بأنها بحاجة إلى تغيير الإستراتيجيات الحالية التي تتبعها، وفق الكاتب.
وتجبر أهداف السعودية المنشودة -التي تتمحور حول استعادة حصتها في السوق- روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع منتجين من خارج أوبك، مثل صناعة الصخر الزيتي، من أجل إخضاعها لأهوائها.
وفي هذا السياق، صرح العديد من المسؤولين السعوديين بأنهم على استعداد لمناقشة اتفاقية جديدة ولكن في حال تحمل عبء تخفيضات الإنتاج المحتملة جميع المنتجين وليس المملكة السعودية وروسيا والإمارات فحسب، كما أورد تقرير أويل برايس.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يعتبر التقرير أن مطالبة ترامب روسيا والسعودية بتخفيض أكثر من 10 ملايين برميل في اليوم طلب لا يمت إلى الواقع بصلة.
وأشار الكاتب إلى أن موقف روسيا ظل غير واضح حتى اللحظة الراهنة، بينما لا يزال بوتين يتصرف كما لو أنه ليس هناك ما يدعو للقلق بالنسبة له.
وبالنسبة لروسيا، ينظر إلى الموقف الحالي الذي اتخذه ترامب على أنه فرصة للحصول على بعض التنازلات من الولايات المتحدة قريبا.
ومن المرجح أن روسيا تفكر في التعاون مع الولايات المتحدة إذا وافقت واشنطن على إنهاء العقوبات الروسية، لكن ذلك ليس مهما لموسكو بقدر أهمية ربط علاقة قوية مع الرياض وأوبك في المستقبل، ذلك أن الفرص المستقبلية مع السعودية أكثر جاذبية لبوتين من ربط علاقة إيجابية مع رئيس من المحتمل ألا يعاد انتخابه هذا العام.
وأفاد الكاتب بأنه من أجل الوصول إلى خفض قدره عشرة ملايين برميل يوميا سيتعين على أوبك إقناع جميع الدول المنتجة للنفط بالموافقة على هذا القرار.
وفي الوقت الحاضر، يبدو إقناع مثل هذه القائمة الكبيرة من الدول المستقلة والانضمام إلى هذه الجهود بعيدا عن الواقع، ومن غير المحتمل أن توافق دول مثل ليبيا وإيران والعراق والبرازيل وكندا في الوقت الحاضر على خفض الإنتاج، وهذا سبب آخر لاحتمال فشل اجتماع أوبك المقبل، وفق تقرير الكاتب.
يشار إلى أن المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال أمس الاثنين إن بوتين لا ينوي في الوقت الحالي التواصل مع الرئيس الأميركي، ونفى في الوقت نفسه عزم بوتين إجراء اتصالات مع منتجي النفط الروس قبل انعقاد مؤتمر “أوبك بلس”.
موقف حرج
ويقول الكاتب إن من المحتمل أن يؤدي فشل المحادثات في اجتماع أوبك بلس المقبل إلى جانب الجدل الكبير الذي سيثيره هذا الملف في المنابر الإعلامية لدفع الأسواق إلى حالة من الهيجان، ومن شأن هذا الخوف واستمرار تدهور قاعدة الطلب أن يشكلا معضلة خطيرة لأسواق النفط.
وأشار إلى أنه في حال خفضت أوبك بلس إنتاجها دون مساعدة الدول الأخرى فإنها ستفقد نفوذها في المستقبل، ويمكن أن تنهار الأسواق في نهاية المطاف.
ويختم الكاتب بأنه أمام عدم اتخاذ أي خطوة جديدة يمكن للسعودية وروسيا مواصلة إيهام العالم بأن خفض أوبك بلس للإنتاج من شأنه أن ينقذ الأسواق.
المصدر : وكالات,مواقع إلكترونية