أوردت صحيفة ذي هيل (The Hill) مقالا رأى كاتبه أن هناك مخاوف متنامية في الأوساط السياسية الأميركية من أن الولايات المتحدة باتت على وشك الخروج عن الطريق، وسط ضجة بشأن تصريحات الرئيس دونالد ترامب الأخيرة والتي رفض فيها التعهد بانتقال سلمي للسلطة إذا خسر الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأشار المقال إلى أن تصريحات ترامب المثيرة للقلق تأتي في وقت يشهد فيه النسيج الاجتماعي توترا نتيجة لعوامل عديدة من بينها تفشي جائحة كورونا في البلاد والاحتجاجات التي اندلعت ضد الظلم والعنصرية والمعركة السياسية التي يخوضها الحزبان الجمهوري والديمقراطي لاختيار قاض جديد لخلافة القاضية الراحلة الليبرالية بالمحكمة العليا روث غينسبورغ، التي توفيت الأسبوع الماضي.
يضاف إلى كل ما سبق الاستقطاب السياسي الشديد والتوتر الذي أذكته الانتخابات الرئاسية التي لا تفصلنا عنها سوى 5 أسابيع.
مخاوف من حرب أهلية ثانية
وأوردت الصحيفة تعليقات لشخصيات سياسية وإعلامية مؤثرة بشأن تصريحات ترامب الأخيرة، حيث قال النائب الديمقراطي عن ولاية تكساس آل غرين، الذي دفع باتجاه عزل ترامب عام 2017 ، إنه شعر بالقلق من وقوع “اضطرابات يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة في هذا البلد”.
وأضاف غرين “إن الانتقال السلمي للسلطة ليس موقفا يتخذه المحافظون، ولا موقفا يتخذه الليبراليون، إنه تقليد أميركي. هناك بعض التقاليد التي يجب أن تصمد أمام اختبار الزمن. يجب ألا نحاول تقويض هذا التقليد، وكلمات الرئيس تقوضه”.
بينما رأى النائب الجمهوري السابق، كارلوس كوربيلو، أن أولئك الذين لم يأخذوا تهديدات ترامب على محمل الجد مخطئون، وقال إن ترامب “لديه بالتأكيد القدرة على خلق وضع فوضوي للغاية فيما يتعلق بنتائج الانتخابات، وعلى الجميع أن يأخذوه على محمل الجد”.
أما الكاتب الصحفي الشهير توماس فريدمان، فقد وصف تصريحات ترامب بأنها “إنذار بالحريق” وقال خلال لقاء تلفزيوني بقناة “سي إن إن” (CNN) الأميركية الخميس الماضي إنه بدأ حياته المهنية في مجال الإعلام بتغطية الحرب الأهلية في لبنان، وقال “أشعر بالرعب من أن أجد نفسي أنهي حياتي المهنية كصحفي يغطي ثاني حرب أهلية محتملة في تاريخ أميركا”.
سيناريو الفوضى
وما فتئ ترامب يقرع طبول التحذير بشأن ما يصفه بمخاطر التصويت عبر البريد منذ شهور، على الرغم من عدم وجود أدلة موثوقة على أن الإدلاء بالأصوات عبر خدمة البريد أكثر عرضة للاحتيال من التصويت الشخصي، وفقا للصحيفة.
وكان ترامب قد امتنع عن التعهد بانتقال سلمي للسلطة إذا خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض “يجب أن نرى ما سيحصل”، وذلك ردا على صحفي سأله الأربعاء الماضي في البيت الأبيض عما إذا كان يتعهد بالالتزام بأبسط قواعد الديمقراطية في الولايات المتحدة، وهي الانتقال السلمي للسلطة في حال عدم فوزه بالانتخابات.
وردا على سؤال حول تلك التصريحات في اليوم التالي، قال ترامب “نريد التأكد من أن الانتخابات نزيهة، ولست متأكدا من إمكانية ذلك”.
وأوضح المقال أنه لا توجد آلية قانونية واضحة يمكن لترامب من خلالها القيام بذلك، وأن الدستور الأميركي ينص على أن الفائز في الانتخابات سيؤدي اليمين كرئيس في 20 يناير/كانون الثاني، وأي محاولة لتحدي ما ينص عليه الدستور تعني أن ترامب يخاطر بالطرد من البيت الأبيض، ربما على يد جهاز المخابرات.
ووفقا للصحيفة فإن السيناريو المرجح في نظر الكثيرين، هو أن ترامب سيحاول التشكيك في نتائج الانتخابات بعد إعلانها، في حال عدم فوزه، وسيسعى لتأجيج مشاعر الاستياء بين مؤيديه من خلال الادعاء بأن الفوز قد سرق منه، ويمكن لمثل هذه التصريحات أن تجر الشعب الأميركي إلى صراع خطير حتى وإن وافق ترامب على تسليم السلطة في 20 يناير/كانون الثاني من العام المقبل.
المصدر : الصحافة الأميركية