خلاف إيراني تركي حول انتهاك سيادة العراق!

خلاف إيراني تركي حول انتهاك سيادة العراق!

تصاعدت الحرب الكلامية وعمليات استدعاء السفراء بين طهران وأنقرة أمس، وذلك بعد تصريحات لإيرج مسجدي، السفير الإيراني في العراق، في حوار مع موقع رووداو التابع لإقليم كردستان العراق استنكر فيه عمليات الجيش التركي ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، وقال إن على أنقرة مغادرة العراق و«احترام» أراضيه، مؤكدا «رفض التدخل العسكري في العراق».
ركّز الردّ التركي على نقطتين، الأولى هي ضرورة دعم إيران لتركيا في مكافحتها للإرهاب (وهو شعار تستخدمه طهران لتبرير تدخّلها أو نفوذها العسكري في عدة بلدان عربية) والثانية هي أن سفير إيران في العراق هو «آخر شخص يمكن أن يلقّن أنقرة درسا في احترام حدود العراق».
يشكّل قضاء سنجار شمال العراق منطقة توتّر بين البلدين، ولكن لسببين مختلفين، فإيران تقوم باستخدام المنطقة كمعبر لميليشياتها بين العراق وسوريا، فيما تقوم تركيا بملاحقة الحزب الكرديّ المسلّح الذي تعتبره تهديدا خطيرا لأمنها القومي، وخصوصا بعد عملية جرت منتصف الشهر الماضي واتهمت فيها أنقرة حزب العمال باغتيال 13 مدنيا تركيا عثر على جثثهم في كهف في شمالي العراق.
ما تقوم به تركيا مؤخرا هو عمليات انتقام لمقتل مواطنيها، غير أنه جزء من حرب طويلة الأمد بين أنقرة والحزب المسلّح، أما التواجد الإيراني فهو جزء من استراتيجية كبرى لاستتباع العراق ولتوسيع امبراطوريتها العسكرية ونفوذها في المشرق العربيّ وتعزيزه في سوريا ولبنان.
تصريح السفير الإيراني في بغداد هو، عمليا، إعلان عن أن العراق شأن إيراني بحت لا يقبل التشارك والتقاسم، لا يجوز للدول الأخرى، بالتالي التدخّل فيه، وإذا كان هذا يصحّ على الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترتفع دعوات إيران ومحازبيها الكثر في العراق لها بالخروج، فمن الأولى أن يطبّق مبدأ الاحتكار هذا أيضا على تركيا.
وإذا كانت أنقرة قد لاحظت المفارقة الغريبة في كلام مسجدي، فإن الإساءة الحقيقية قد لحقت في الواقع بالعراقيين أنفسهم، وبدولتهم وجيشهم اللذين وكّلوهما مسؤولية «السيادة» العراقية، وبانتظار أن يقوم الرئيس برهم صالح، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بالدفاع عن تلك السيادة، قرأنا تصريحا يتناسب مع مدى قدرة هذه الدولة على الدفاع عن سيادتها المسفوحة، حيث طالب محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي، ممثلي البعثات الدبلوماسية في العراق بـ«احترام سيادة العراق كي يُعامل بالمثل» فيما قال أحد النواب، رامي السكيني، إن «التراشق الكلامي» بين السفيرين «يمثل استخفافا بالسيادة العراقية».
يُدرك السفير الإيراني طبعا أنه يسيء للعراقيين ولسيادتهم حين تدافع عنها دولة تقوم بما يقارب الاحتلال والتدخّل العسكري والسياسي والأمني والاقتصادي في شؤونهم اليومية، ويساهم أنصارها المسلّحون في قمع أي محاولة استقلال عراقية، كما تناهض، بقوة، محاولات المحتجين العراقيين لتغيير واقع الفساد والتبعية الذي يسود البلاد، كما أنه يُدرك أن تدخّل بلاده في العراق هو استدعاء مضمر لكل أنواع الاحتلالات الأخرى.

القدس العربي