يدخل الاقتصاد العالمي منطقة مجهولة بعد عقد من المخاوف بشأن عدم كفاية الطلب والقدرة الشرائية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، فقد بدأت تظهر الآن مؤشرات على نقص العرض، ويعني الافتقار إلى السلع والخدمات واليد العاملة أن الطلب المرتفع يتم تلبيته بشكل بطيء أو لا يتم تلبيته على الإطلاق.
في هذا التقرير، ذكرت مجلة “إيكونوميست” (Economist) البريطانية أن هناك أدلة تشير إلى أن اختناقات العرض قد تؤدي إلى مفاجآت غير سارة يمكن أن تعيق التعافي الاقتصادي بعد الجائحة.
ولا يوجد مكان يعاني النقص في العرض بشكل حاد أكثر من الولايات المتحدة، حيث هناك طفرة جارية، كما أن إنفاق المستهلكين ينمو بنسبة تزيد على 10% بمعدل سنوي، في حين أنفق الناس ما يزيد على تريليوني دولار من المدخرات الإضافية المتراكمة في العام الماضي.
وأوضحت المجلة أن الطفرة تخلق نوعين من الاختناق، أولهما يتعلق بسلاسل التوريد، حيث سُجّل نقص في كل شيء من الأخشاب إلى أشباه الموصلات، وتضاعفت تكلفة شحن البضائع من الصين إلى الولايات المتحدة 3 مرات، ولم تبلّغ الشركات عن تأخيرات من الموردين بهذا الشكل الحاد منذ عقود.
أما النوع الثاني من الاختناق يظهر في أسواق العمل، ففي أبريل/نيسان الماضي، خلقت الولايات المتحدة 266 ألف وظيفة فقط، ومع ذلك، بلغت الوظائف الشاغرة أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي الوقت الحالي تكافح الشركات لملء تلك الوظائف، ويجادل الاقتصاديون حول ما إذا كانت إعانات البطالة السخية تمنح الناس سببا لعدم البحث عن عمل، كما أن انتقال اليد العاملة من الصناعات المحتضرة إلى الصناعات النامية سيستغرق وقتا.
ومع ارتفاع الطلب مقابل نقص العرض، أصبح التضخم في دائرة الضوء. ففي أبريل/ نيسان الماضي، ارتفعت أسعار المستهلك الأميركي بنسبة 4.2% على أساس سنوي، مقارنة بحوالي 2.6% في مارس/آذار الماضي.
ويعكس هذا جزئيا التأثيرات الأساسية (أسعار النفط مرتفعة كما كانت في عام 2019 ولكنها أعلى بنسبة 272% مما كانت عليه في أبريل/نيسان 2020) يعكس ذلك أيضا ارتفاعا أساسيا حقيقيا في الأسعار العالمية، وترتفع أسعار تسليم المصنع في الصين بأسرع معدل منذ أكثر من 3 أعوام.
الولايات المتحدة خلقت 266 ألف وظيفة فقط ومع ذلك بلغت الوظائف الشاغرة أعلى مستوياتها على الإطلاق (غيتي)
تصر البنوك المركزية على أن الحافز الأقصى يجب أن يستمر خوفا من تعريض الانتعاش الناشئ للخطر، وفي هذا الصدد، قالت لايل برينارد، عضو مجلس الاحتياطي الفدرالي، إن ارتفاع التضخم مع إعادة فتح الاقتصاد سيكون مؤقتا إلى حد كبير.
من جهته، لا يرى جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، أي سبب يدعو للقلق، فسيتحمل بنك الاحتياطي الفدرالي تضخما أعلى من الهدف إلى حد ما لبعض الوقت، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه يتوقع تراجع الأسعار قريبا، وكذلك يفعل العديد من المتنبئين.
لكن هذا النهج ينطوي على عدد من المخاطر، أولها أن التضخم يتلاشى ببطء، حيث اختفت اختناقات العرض في المرحلة المبكرة من الوباء في عام 2020 بسرعة، لكن ليس هناك ما يضمن حدوث ذلك الآن. وقد ترتفع توقعات التضخم أيضًا إذا اعتقد الناس أن البنوك المركزية ستتصرف ببطء وبعد فوات الأوان.
أسعار الفائدة
وتناقش العديد من الشركات الآن التضخم مع مستثمريها، ويعتقد تجار سوق السندات أن بنك الاحتياطي الفدرالي سيضطر إلى التصرف في وقت أقرب مما يريد، وفي الواقع، يخشى بيل دادلي، المحافظ السابق، أن يضطر بنك الاحتياطي الفدرالي إلى رفع أسعار الفائدة إلى 4.5% لجعل الاقتصاد يستقر.
وأفادت المجلة بأن هذا يشير إلى الخطر المتمثل في زعزعة ارتفاع أسعار الفائدة الحاد للأسواق، وحتى الآن، كان الحدث الرئيسي هو البيع المكثف لأسهم التكنولوجيا، وهو أمر يمكن التحكم فيه.
المصدر : إيكونوميست