اعتبر محللون أن نمو أعمال مصارف سلطنة عُمان منذ بداية 2021 رغم الإجراءات المنجرة عن الأزمة الصحية يعطي لمحة عن استقرار ومتانة القطاع المصرفي الذي تعوّل عليه الحكومة كثيرا كونه أحد صمامات الأمان لنمو الاقتصاد، لأنه يتبع سياسات مالية متوازنة ولديه السيولة الكافية لتمويل المشروعات وضمان استدامتها.
مسقط – أثبتت نتائج أعمال القطاع المصرفي العماني في الثلث الأول من هذا العام أن بمقدور البنوك امتصاص الصدمات وحماية اقتصاد البلد الخليجي في ظل ما يتمتع به من قوة مالية وسيولة يستطيع من خلالها مواصلة دعم وتمويل كافة المشروعات التنموية وتقديم مختلف التسهيلات الائتمانية خلال الأعوام المقبلة.
وتقول الحكومة إن القطاع المصرفي يعتبر شريكا أساسيا وموثوقا وخاصة لمؤسسات القطاع الخاص وللمستثمرين الأجانب في مجال تقديم التمويل والاستشارات المالية حتى في وقت الأزمات، لذلك تراهن عليه كثيرا في المساعدة على دفع النمو قدما نحو مستوى أفضل.
وتظهر البيانات الصادرة عن البنك المركزي العُماني الاثنين، والتي نشرتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي سجل بنهاية أبريل الماضي نموا بواقع 4.1 في المئة بمقارنة سنوية ليبلغ 24.9 مليار ريال (64.7 مليار دولار).
وضمن هذا الإجمالي، شهدت ودائع القطاع الخاص لدى القطاع المصرفي زيادة تقدر بنحو 6.8 في المئة لتصل إلى قرابة 17.3 مليار ريال (نحو 45 مليار دولار).
وبيّنت الأرقام أن حصة قطاع الأفراد في توزيع إجمالي قاعدة الودائع للقطاع الخاص، بلغت حوالي 50.9 في المئة، ثم كل من قطاعي الشركات غير المالية والشركات المالية بحصة قاربت من 32.4 في المئة و14.2 في المئة على التوالي، أما النسبة المتبقية 2.5 في المئة فتوزعت على قطاعات أخرى.
واللافت أن رصيد الائتمان الممنوح (القروض) من قِبل البنوك التقليدية والإسلامية أو ما يُعرف بشركات الإيداع الأخرى ارتفع بواقع 3 في المئة ليصل إلى 27.2 مليار ريال (70.7 مليار دولار) بنهاية أبريل الماضي.
وتتسق هذه النتائج مع توقعات الخبراء في وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية بنهاية الربع الأول من العام الحالي حينما أشاروا إلى أن الربحية الأساسية ستتحسن بشكل متواضع خلال العام الجاري، بسبب الانتعاش التدريجي في الإقراض، لكن الانتعاش الاقتصادي البطيء وتكلفة المخاطر التي لا تزال مرتفعة يحدّان من التحسن.
وكانت الخسائر الائتمانية للقطاع المصرفي العماني قد ارتفعت بنهاية العام الماضي إلى 4.1 في المئة من إجمالي القروض الممنوحة، حيث استفادت البنوك من المخصصات التي بحوزتها والدعم الذي قدمته الحكومة.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني سعيد بن أحمد الصقري لوسائل إعلام محلية في وقت سابق، أن اختبارات “ضغط” على المصارف المحلية أظهرت مؤشرات إيجابية بشأن قدرة القطاع على مواجهة الصدمات، مثل انخفاض أسعار النفط والقروض المتعثرة.
وأقرّت الحكومة العمانية إجراءات تقشفية بتخفيض حجم النفقات الحكومية في محاولة منها لتخفيف آثار فايروس كورونا بفعل غياب موارد مالية احتياطية.
وقفز مستوى القروض التي منحتها البنوك الخاصة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بنحو 1.2 في المئة ليبلغ 60.6 مليار دولار، توزعت على مختلف القطاعات.
واستحوذ قطاع الشركات غير المالية على ما نسبته 46.7 في المئة، يليه قطاع الأفراد ومعظمه تحت بند القروض الشخصية بنسبة 45.1 في المئة، أما النسبة المتبقية فقد توزعت على قطاع الشركات المالية 4.8 في المئة وقطاعات أخرى بنسبة 3.4 في المئة.
وسجل إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قِبل البنوك التجارية التقليدية زيادة بنسبة 1.5 في المئة، أما بالنسبة إلى الائتمان الممنوح للمشروعات الخاصة فقد انخفض بمقدار 49.7 مليار دولار بنهاية أبريل 2021 بسبب الظروف المتعلقة بالجائحة.
ومع ذلك تؤكد المصارف المحلية أنها ستواصل وضع إمكانياتها وقدراتها المالية والفنية في خدمة مختلف المشاريع التنموية التي تنوي حكومة سلطنة عُمان تنفيذها خلال المرحلة المقبلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
ويأتي هذا الالتزام بفضل قوة الملاءة المالية التي تتمتع بها المصارف، والتي تتوافق مع المعايير والأنظمة الدولية لكفاية رأس المال، مدعومة بالسيولة النقدية المتوفرة للقطاع المصرفي.
وفي ما يخص بند الاستثمارات، فقد نما إجمالي استثمارات البنوك التجارية التقليدية في الأوراق المالية بواقع 40.6 في المئة لتصل إلى حوالي 12.5 مليار دولار.
وضمن هذا البند، سجل الاستثمار في الصكوك وسندات التنمية الحكومية زيادة بنسبة 27.3 في المئة خلال تلك الفترة ليبلغ 5.7 مليار دولار، في حين سجلت استثمارات البنوك التجارية التقليدية في الأوراق المالية الأجنبية انخفاضًا بمعدل 9.9 في المئة أي ما يقارب 2.3 مليار دولار.
وعُمان منتج صغير للنفط بمستويات لا تتجاوز 952 ألف برميل يوميا، بسبب الالتزام باتفاق أوبك+، مما أثّر بشدة على الميزانية ودفع إلى إقرار خطة إصلاح اقتصادي شاملة، فيما تظهر أرقام المركز الوطني للإحصاء والمعلومات للحسابات القومية للسلطنة أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 15.3 في المئة خلال 2020.
وبالنظر إلى حجم النمو والتعاملات المالية تعد سلطنة عُمان المصنفة ديونها عالية المخاطر من وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث، من أضعف اقتصادات منطقة الخليج الغنية بالنفط، وقد راكمت ديونا في السنوات الأخيرة لتعويض الهبوط في إيرادات النفط.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن إجمالي أصول البنوك التقليدية والإسلامية يبلغ حوالي 14.3 مليار دولار، أي ما نسبته 14.6 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي، الذي يضم 19 مؤسسة مالية.
العرب