تبدي سلطنة عمان حرصا على الدفع بالعلاقات مع زنجبار نحو آفاق أرحب لاسيما على صعيد التعاون الاقتصادي، مستندة في ذلك على إرث حضاري مشترك مع هذا الأرخبيل الواقع في منطقة حيوية بالمحيط الهندي.
مسقط- وجه سلطان عمان هيثم بن طارق دعوة رسمية لرئيس زنجبار حسين علي مويني لزيارة مسقط، في خطوة تعكس رغبة عمانية في طي صفحة حكم آل بوسعيد للأرخبيل الذي يحظى اليوم بحكم ذاتي ضمن دولة تنزانيا، وبدء صفحة جديدة قائمة على المنجز التاريخي والثقافي المشترك بين الجانبين.
وستكون هذه الزيارة الأولى لرئيس زنجباري إلى السلطنة. ويرى متابعون للشأن العماني أن دعوة السلطان هيثم تندرج في سياق البناء على زيارة دولة أدتها رئيسة تنزانيا سامية صولوحو حسن إلى مسقط الشهر الماضي وامتدت لثلاثة أيام، حيث تم خلالها التوقيع على حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدان.
وكانت زنجبار، وهي مجموعة من الجزر يطلق عليها سابقا “بر الزنج”، تحت حكم الإمبراطوية العمانية منذ العام 1856 إلى حدود 1964، حينما قامت “ثورة” قادتها مجموعة من الأفارقة، ضمن حركات التحرر التي شهدتها قارة أفريقيا، وأطاحت بالسلطان العماني جمشيد بن عبدالله البوسعيدي، ليتحد هذا الأرخبيل لاحقا مع تنجانيقا مكونا جمهورية تنجانيقا وزنجبار المتحدة والتي استبدل الاسم بعدها بستة أشهر إلى تنزانيا.
ويشير المتابعون إلى أن علاقة عمان بزنجبار لم تنقطع يوما، وأن مسقط كانت حريصة على إبقاء الجسور قائمة مع الجانب الآخر على الرغم من بعض الندوب التي خلفتها طريقة انتهاء حكم آل بوسعيد لهذا الأرخبيل الواقع في المحيط الهندي.
وتحتل عمان المرتبة الثالثة في ترتيب الدول المستثمِرة في زنجبار بعد الولايات المتحدة وكينيا. وفي سياق مسار لتعزيز العلاقات الاقتصادية فتحت الشركة الوطنية للطيران العماني خطا مباشرا مع زنجبار في العام 2011.
وفي خطوة لا تخلو من رمزية، أهدى السلطان قابوس في العام 2017 لزنجبار مسجدا كبيرا. وقد أشاد الرئيس السابق علي محمد شين بهبة السلطان يوم التدشين قائلا “أشكر السلطان على تشييد هذا الصرح الإسلامي العظيم، إنه مبنى رائع ورحب يفيد الناس”.
وخلال حكم السلطان قابوس أظهرت السلطنة اهتماما كبيرا بتوثيق حقبة حكم العمانيين في زنجبار، فكانت أن رممت مبنى «بيت العجائب» أو قصر العجائب، وهو مبنى تاريخي في مدينة زنجبار القديمة، ويعتبر واحدا من ستة قصور بنيت من قبل السلطان العماني برغش بن سعيد، ثاني سلاطين زنجبار.
وقد عملت مسقط على توثيق مختلف الأحداث التي تخص الوجود العماني في زنجبار في برامج وثائقية مختلفة بالإضافة إلى إعداد دراسات تاريخية للحفاظ على تاريخها.
◙ مسقط كانت حريصة على إبقاء الجسور مع زنجبار على الرغم من بعض الندوب التي خلفتها طريقة انتهاء حكم آل بوسعيد
وأنتجت سلطنة عمان المسلسل التاريخي «زهرة القرنفل» الذي يتناول تاريخ الإمبراطورية العُمانية في عهد سعيد بن سلطان البوسعيدي. كما أنتجت فيلم «حكاية بيوت زنجبار» الذي يحاكي أنماط الحياة العُمانية في زنجبار ويحاول إبراز نمو العمارة فيها، وكذلك شرائط وثائقية من بينها «أثر الوجود العُماني في شرق أفريقيا».
ويقول المتابعون إن السلطان هيثم حريص على السير قدما في نهج توثيق الروابط مع زنجبار، مشيرين إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس علي مويني ستشكل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية لاسيما على الصعيد الاقتصادي.
واستقبل الرئيس علي مويني الأحد محمد بن ناصر الوهيبي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية والوفد المرافق له، حيث سلّمه دعوة لزيارة سلطنة عُمان.
وبحسب وكالة الأنباء العمانية الرسمية فقد “تم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون والشراكة بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين العُماني والزنجباري”.
وكان الرئيس الزنجباري التقى في مارس الماضي بوزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، خلال زيارة قام بها الأخير لدولة تنزانيا.
ووفق وسائل إعلام عمانية، فقد تطرق اللقاء حينها إلى العلاقات التاريخية والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والاستثمارية. وركز على “حرص حكومتي البلدين على مواصلة التعاون في جميع المجالات وتشجيع تنمية الشراكة التجارية والاستثمارية بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعود بالمزيد من المنافع لشعبي البلدين”.
العرب