اختُتم في روما الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «تنظيم الدولة» برعاية وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، وحضور ممثلي أكثر من 83 دولة عضو في التحالف بينهم وزراء خارجية 40 دولة، بالإضافة إلى الأمين العام للحلف الأطلسي وممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومندوبي الجامعة العربية والإنتربول ومنظمات دولية وأممية أخرى. ولوحظ بصفة خاصة تركيز دي مايو وبلينكن على أن انحسار التنظيم في مناطق واسعة من العراق وسوريا لا يعني نهاية أخطاره، خاصة في ضوء التقارير التي تشير إلى اتساع انتشاره في القارة الأفريقية ومنطقة الساحل.
وعلى هامش الاجتماع التقى عدد من وزراء خارجية الدول المعنية بالملف السوري وبحثوا جملة من القضايا التي تخص الإطار الأعرض للأوضاع في سوريا وخاصة إعادة تثبيت ممرات إيصال المساعدات الإنسانية، على أعتاب اجتماع لمجلس الأمن الدولي للتصويت على هذه المسألة. وقد أشار البيان المشترك إلى عموميات مثل أن التحالف يقف مع الشعب السوري دعماً لتسوية سياسية دائمة طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وكذلك مساندة المبادرات المحلية الساعية إلى تأمين الاستقرار والاندماج في المناطق المحررة من تنظيم الدولة.
ورغم مشاركة تركيا في هذا الاجتماع، فإن غياب روسيا وإيران كان ثغرة واضحة لجهة وضع توصيات المجموعة موضع التطبيق في الحدود الدنيا، خاصة وأن موسكو لوحت مسبقاً بأنها قد تستخدم حق النقض في مجلس الأمن الدولي لتعطيل أي قرار يتيح تمديد العمل في ممرات إيصال المساعدات الإنسانية. كذلك فإن غياب الدولتين ينطوي أيضاً على انتفاء مشاركتهما الفعلية في أعمال التنسيق العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية والإنمائية التي تستهدف تطويق «تنظيم الدولة» وتجفيف منابع تمويلاته ومواجهة أنشطته التعبوية والقتالية.
وهذا مجرد وجه واحد من وجوه العطالة النسبية التي اقترنت بعمل التحالف منذ إطلاقه في أيلول/ سبتمبر سنة 2014، حين جرى الإعلان عن أن أهداف التحالف لا تقتصر على تفكيك شبكات التنظيم وإضعافه ودحره كهدف ختامي، بل تستهدف أيضاً تدمير البنى التحتية الاقتصادية والمالية المرتبطة به، وإفشال حملاته الدعائية والتبشيرية عن طريق تنمية المناطق التي يحتلها. والحصيلة في هذا المضمار ليست هزيلة ومحدودة فقط، بل ثمة معطيات تقول إن تعثرها يفسح المجال أمام هجمات مضادة للتنظيم على هذه المستويات وسواها.
وثمة دلالة خاصة في إلحاح وزير الخارجية الأمريكي على وجود قرابة 10 آلاف من مقاتلي التنظيم قيد الاحتجاز في معسكرات اعتقال تشرف عليها «قوات سوريا الديمقراطية» وأن هذا الوضع غير مقبول. وهو كذلك بالطبع، ما خلا أن السبب يكمن في أن العديد من الدول الأعضاء في التحالف، على شاكلة بريطانيا وفرنسا مثلاً، تمتنع عن استقبال مواطنيها المقاتلين السابقين في «تنظيم الدولة» رغم توصية التحالف باستقدامهم إلى بلدانهم الأصلية إما لمحاكمتهم أو تحويلهم إلى مراكز إعادة التأهيل.
وخلاصة القول إن هذا الاجتماع، أسوة بسابقه قبل سنتين، لا ينجز الكثير خارج السؤال الدائم المؤسف: من يتمدد أكثر، التحالف أم التنظيم؟
القدس العربي