تحت عنوان “هل يستطيع اليمن الحفاظ على وحدته الترابية؟” تناول تحليل تشر على موقع مجموعة “يوراسيا” المخاطر والتحديات التي يواجهها اليمن لموقعه الجغرافي، حيث اكتسب جنوب منطقة شبه الجزيرة العربية أهمية جغرافية في القرن التاسع عشر مع افتتاح قناة السويس في مصر.
إذ لم يعد سالكو الطريق البحري بين أوروبا وآسيا مضطرين إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، لكن يمكن المرور بسرعة وأمان أكبر عبر البحر الأحمر.
وحتى اليوم، يعد الطريق عبر قناة السويس أحد أهم طرق التجارة البحرية العالمية؛ حيث استخدمته حوالي 18 ألفا و800 سفينة عام 2020.
وعند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يشكل مضيق باب المندب، الذي يبلغ عرضه 26 كلم، عنق زجاجة تمر من خلالها قناتان للشحن: القناة الرئيسية وممر ضيق بطول 7 كيلومترات بين جزيرة بريم (المعروفة أيضا باسم ميون) وشبه الجزيرة العربية.
وتوضح الظروف الجغرافية أنه يمكن لمن يسيطر على تلك المنطقة مراقبة حركة الشحن وتعطيلها بسهولة.
لذلك، ليس من قبيل المصادفة أن تشهد تلك المنطقة، في السنوات الأخيرة، سباقا دوليا محتمدا على إنشاء قواعد عسكرية، وهو سباق يعززه إلى حد كبير الصعود الجيوسياسي للصين وتركيا، ومفهوم السياسة الخارجية للإمارات. كما يتعزز بسبب انتشار القرصنة والتنظيمات المتطرفة في منطقة القرن الأفريقي.
ومنذ عام 2014، تورط اليمن أيضا في حرب أهلية؛ ما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح، في صراع بين الحوثيين والقوات الحكومية، وفصيل يمني آخر هو “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيا والذي يقاتل من أجل الانفصال عن البلاد.
ويقول التقرير أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي حاصره الحوثيون وطُرد من العاصمة، سعى إلى الحصول على دعم تحالف تقوده السعودية منذ عام 2015، والذي بدوره أحبط هزيمته العسكرية وحافظ على حالة من الجمود لسنوات.
ومع ذلك، هناك مؤشرات متزايدة على أن الحكومة اليمنية المعترف بها غير قادرة بشكل متزايد على تأكيد وحدة أراضي اليمن، حتى في مواجهة حلفائها الدوليين.
ويشير التحليل أنه في مارس/آذار 2021، تم تداول صور أقمار اصطناعية من شركة “إنتل لاب” الأمريكية عبر وسائل إعلام مثل مجلة “ذي درايف” الأمريكية وقناة “تي آي تي” التركية، والتي تُظهر أعمال إصلاح وتوسيع على مدرج بطول 1.8 كلم في جزيرة بريم.
وفي البداية، كان هناك غموض كامل حول الجهة التي تنفذ أعمال البناء. واتجهت الشكوك على الفور إلى الإمارات، التي سبق لها أن بدأت في بناء مدرج في الجزيرة بطول 3 كلم للطائرات المقاتلة في وقت مبكر من عام 2016، لكنها أوقفت العمل في العام التالي.
ومع ذلك، اعترف التحالف الذي تقوده السعودية في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أواخر مايو/أيار، بأنه وراء أعمال البناء في المدرج، وفقا لصحيفة “ديلي صباح” التركية.
وهذا يتناقض بشكل واضح مع تصريح وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، الذي نقلته “الأناضول”، بأنه “لا يوجد اتفاق مطلقا مع أحد على إنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي اليمنية”.
ويذكر الحادث بآخر مماثل جرى في أواخر أغسطس/آب 2020.
ففي ذلك الوقت، تحدثت تقارير عن أنشطة إسرائيلية إماراتية في جزيرة سقطرى، وهي بؤرة إقليمية نائية تقع على بعد 340 كلم جنوبا من البر اليمني و100 كيلومتر من منطقة القرن الأفريقي.
وبينما لا يوجد تأكيد لخطط إنشاء قاعدة تجسس في تلك الجزيرة، يمكن من خلالها مراقبة حركة النقل البحري في المحيط الهندي بسهولة، حذر شيخ مشايخ سقطرى “عيسى سالم بن ياقوت” في سبتمبر/أيلول 2020 من تقويض الحقوق السيادية لليمن بالجزيرة. كان “ياقوت” يشير إلى أنشطة الإمارات لتثبيت موطئ قدم عسكرية لها في الجزية في ظل”المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي سيطر على الجزيرة منتصف عام 2020، ومن ناحية أخرى لربط الجزيرة بالإمارات، كما ذكرت مؤخرا قناة “فرانس 24” ومركز “ريسبونسبل ستيت كرافت” البحثي.
وحسب التحليل فمن خلال مشاريع البناء الخاصة بهما، لا يقوم التحالف السعودي والإمارات فقط بتأمين الجزر في اليمن لأهدافهما الاستراتيجية الخاصة، لكنهما يحبطان تحركات مماثلة من دول مثل روسيا، التي ترغب أيضا في تعزيز قدراتها على نشر قواتها بالمحيط الهندي.
ويؤكد أن الوضع الحالي يشكل خطرا كبيرا على اليمن.
فطالما بقيت السلطات اليمنية غير قادرة على الحفاظ على السيادة الإقليمية بمواجهة العالم الخارجي والدخول في اتفاقيات حق انتفاع مع الحلفاء، فسيكون هناك حافز إضافي للدول المعنية للعب على الوقت، وتشجيع حكومة يمنية عاجزة، والسماح باستمرار الوضع القائم.
القدس العربي