بغداد – قللت أوساط سياسية خليجية من أهمية اللقاءات التي تقوم بها شخصيات عراقية وسعودية واعتبرت أنها لا تعكس بالضرورة مثالية العلاقات بين البلدين، وهو ما يتعارض مع فكرة الوساطة العراقية لحل الخلافات في المنطقة.
وقالت هذه الأوساط “إذا كان مقياس التقارب بين الدول يتم على أساس اللقاءات الجانبية على مستوى المستشارين والسفراء، فإن العلاقة بين العراق والسعودية ستكون مثالية”.
ريناد منصور: هدف العراق هو التحول من موقعه كمرسال إلى محرّك للمحادثات
ففي بغداد التقى السفير السعودي عبدالعزيز الشمري بمستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وأطلقا تصريحات تؤكد على التقارب بين البلدين وتشير إلى وجود تنسيق عالي المستوى بينهما.
لكن العراق يجد نفسه ساحة صراع بين النفوذ الإيراني الإقليمي ومحاولة السعودية احتواء هذا النفوذ. واستأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق في ديسمبر 2015، بعد 25 عاما من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990.
وشّكل العراق والسعودية في يوليو الماضي المجلس التنسيقي بين البلدين، الذي يتولى مهمة بحث جميع الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية بين البلدين.
ويسعى العراق، البلد الذي أنهكته الحروب والعقوبات والصراعات الحزبية والطائفية والعرقية، للتحوّل من ساحة صراع إلى وسيط من خلال قمة إقليمية تهدف إلى نزع فتيل الأزمات في المنطقة.
ويطمح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي وصل إلى السلطة في مايو 2020 عقب حراك احتجاجي مناهض للنظام في أكتوبر 2019، إلى جعل العراق ندا لطهران والرياض وأنقرة وواشنطن.
وتهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر إلى منح العراق “دورا بنّاء وجامعًا لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة”، حسب ما أكدته مصادر من محيط رئيس الوزراء.
لكن ذلك يشكل تحديا لهذا البلد الذي تمارس فيه إيران نفوذا كبيرا؛ حيث تبدو السلطات عاجزة عن تلبية تطلعات الشعب على صعيد العمل والخدمات الأساسية ومكافحة الإفلات من العقاب وغير ذلك من الملفات الساخنة.
وحتى الآن لم يتأكد سوى حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك في الحدث، إلى جانب نظيره المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني.
ودُعي إلى المشاركة أيضا الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي فضلا عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لكنهم لم يؤكدوا حضورهم بعد بحسب مصدر عراقي. وقد وجهت دعوات للمشاركة في مؤتمر جوار العراق إلى كل من الكويت وقطر والإمارات.
وفي حال حضر الخصمان الإيراني والسعودي معًا وجلسا إلى طاولة واحدة في هذه القمة فسيشكل ذلك حدثًا بحدّ ذاته، وقد يعزز موقع بغداد كـ”وسيط”، وفق توصيف الباحث في مركز “شاتام هاوس” ريناد منصور.
وكانت بغداد أصلاً، خلال الأشهر الماضية، مسرحا للقاءات مغلقة بين ممثلين عن الرياض وطهران. ويرى منصور أن هدف العراق الحالي هو التحول من موقعه كـ”مرسال” إلى “محرّك” للمحادثات بين إيران والسعودية اللتين قطعتا علاقاتهما عام 2016.
وحتى الآن لم يكشف المنظمون العراقيون عن المواضيع التي ستطرح خلال القمة. ويرجّح أن بغداد تنوي أيضا طرح ملف النفوذ الإيراني على أراضيها والذي صار بالنسبة إلى الكثير من العراقيين حضورًا سلبيّا.
وأوضح مراقب غربي متابع للملف طلب عدم كشف هويته أن “العراق يريد الإمساك بزمام الأمور في تحديد مساره، ولم يعد يرغب بعد اليوم في الخضوع لتأثيرات التوترات الإقليمية”.
العرب