بدأت الترتيبات الدبلوماسية الأمريكية للتهئ لعقد القمة الرباعية التي دعا إليها الرئيس الأمريكي(جوبايدن) على اعتاب اجتماعات منظمة الأمم المتحدة لهذا العام في نيويورك والتي ستعقد في الخامس والعشرين من أيلول ٢٠٢١ وستكون القمة الرباعية بين دول (الهند واستراليا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية ) بما يعرف بمنظمة(كواد) وهو الاجتماع الأمني الأول على مستوى رؤساء الوزراء الذي يحظى باهتمام الإدارة الأمريكية بعد التطورات الميدانية التي رافقت الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والتبعيات الأمنية والسياسية التي أحدثها الانسحاب، وسعي واشنطن لاستعادة دورها الميداني في منطقة حيوية في آسيا الوسطى وعبر المحيطين الهادي والهندي والدول القريبة من الصين، والمسعى الأمريكي يذهب باتجاهات عديدة إضافة إلى ما ذكر عن برنامج الاجتماع للجنة الرباعية من مناقشة حيوية لكيفية معالجة أثار جائحة كورونا على مجمل الاقتصاد العالمي وطريقة الارتقاء بالواقع الصحي وتوفير جميع مستلزمات اللقاحات المضادة وإيجاد عوامل تساهم في التقليل من تبعيات الجائحة، كما وان موضوعة معالجة ازمة المناخ وضرورة مساهمة جميع الدول في توسيع مدارات العمل باتجاه الحفاظ على طبيعة وآفاق الرؤية العلمية و الميدانية للتعامل مع الأزمة بما ينعكس إيجابيا على مجمل التطورات العالمية ومع أن هذين الموضوعين قد تم ادراجهما في جدول الأعمال التي سيتم مناقشتها في الاجتماع الرباعي الموسع ولكن هناك آفاق عديدة وأهداف واسعة لهذا الاجتماع تتركز أهميتها في طبيعة العلاقة السياسية والاقتصادية التي تربط هذه الدول مع الصين وتوجهاتها بجعل منطقة المحيط الهادئ مفتوحة للجميع والوقوف أمام التحديات والتطلعات الصينية للتمدد والنفوذ .
الولايات المتحدة الأمريكية لديها أهداف سياسية داخلية تسعى لاستثمار انعقاد هذا الحوار لتحسين وضعها الداخلي بعد الانسحاب العشوائي الأمريكي من كابول وإعادة دور واشنطن في ترميم العلاقات الدولية ومواجهة الأصوات الداخلية التي تندد بطريقة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والذي ترى أنه اساء كثيرا لسمعة الجيش الأمريكي والاستعداد للانتخابات القادمة لمجلس النواب وتحسين موقف الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس بايدن .
سبق الرئيس الأمريكي وان حدد معالم وآفاق السياسة الخارجية التي سيتبعها في برنامجه الانتخابي قبل فوزه وهي أولويات وتوجهات تتعلق بمنطقة آسيا الوسطى والمحيط الهادئ وتأسيس إستراتيجية أمنية للأمن القومي الأمريكي لاحتواء الصين وتوجهاتها ومشاريعها الاقتصادية ونفوذها المالي والتجاري وتوسيع نطاق التعاون مع الاتحاد الاوروبي لجعل الصين في أولى مقررات اجتماعاتهم الدورية .
يأتي اجتماع المجموعة الرباعية (الهند واستراليا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية ) كعلامة واضحة تعكس النشاطات والتوجهات للجهود الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية لمواجهة الصين والتركيز على منطقتي المحيطين الهادئ والهندي ، مما احدث العديد من ردود الأفعال الصينية وخشيتها من نتائج هذه الحوارات واللقاءات والتحركات الأمريكية وتتمثل في التوجه العام لتبادل المعلومات الاستخبارية السياسية حول الإستراتيجية والسلوك الصيني في المنطقة والخوف أن تتحول هذه اللجنة الر باعية إلى تحالف عالمي يمكن له أن يتوسع ليضم اليه دول آسيوية أخرى لتكون في مواجهة طموحات الصين وتقويض أدواتها ومشاريعها في الميدان وتأسيس اتحاد اقتصادي كمركي يضم دول اللجنة الرباعية وآخرين وصولا إلى اتفاقيات اقتصادية وتجارية في جميع الجوانب العلمية والتكنولوجية.
سبق الإعلان عن موعد عقد اجتماع اللجنة الرباعية في ٢٥ أيلول ٢٠٢١ أن تمت عدة لقاءات وحوارات بين الهند واستراليا على مستوى القمة الرئاسية وبعض الوزراء في الحكومتين أكدت على الشراكة الاستراتيجية الشاملة ورسم خطوات العمل المشترك ضمن دائرة التحالف السياسي وبناء مرتكزات لادامة زخم المنتدى الأمني الرباعي في ضوء المعطيات التي تشهدها منطقة المحيط الهادئ والتطورات الأمنية في أفغانستان والتي سيكون لديها تأثيرات بعيدة المدى ولسنين عديدة والمحافظة على العلاقة الوثقى مع الولايات المتحدة الأمريكية.
نتائج ومعطيات الاجتماع الرباعي والتوصيات التي سيخرج بها ستكون محاطة باهتمام الصين للتعامل معها وفق الرؤية السياسية القادمة والأحداث القائمة ضمن السياسية الاقتصادية والتوجهات العملية والنفعية التي تتضمنها خطة الحزم والطريق الصينية التي ترى فيها القيادة الصينية انها الكفيلة بمواجهة أي من التحديات التي ستفرض عليها والاستعداد لمواجهتها.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية