لاحظ كاتب عمود رأي في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن حكومة الرئيس جو بايدن، التي تم تخليصها من الترامبية، كشفت، في عدة قضايا داخلية وخارجية عن كونها لا تختلف، في بعض مظاهرها، عن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، مشيرا إلى التعامل مع الحلفاء الغربيين، والذي كانت إحدى ذراه الكارثة الدبلوماسية التي حصلت مع فرنسا، وكذلك بعض القضايا الأمريكية المحلية بما يخص اللاجئين.
واجه الفلسطينيون، خلال حقبة ترامب، استراتيجية أمريكية تبنت خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو وأضافت عليها اللمسات التجارية لمستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر، التي تبدت في خطة «صفقة القرن» والنزعات العدوانية (عبر الدعم غير المشروط لسياسات اليمين المتطرف والمستوطنين) ومن المثير، في هذا الأمر، أن تسريبات حديثة أشارت إلى أن ترامب نفسه قال عدة مرات في جلساته الخاصة في «البيت الأبيض» إن صهره كان ولاؤه لإسرائيل أكبر من ولائه لأمريكا.
عاين الفلسطينيون، في المقابل، سياسات مختلفة من قبل إدارة بايدن، عكست نفسها على الوضع السياسي الإسرائيلي حيث تمت إزاحة نتنياهو أخيرا عن سدة رئاسة الحكومة، كما بدأت الإدارة الأمريكية بالتراجع تدريجيا عن بعض سياسات ترامب فيما يخص القدس والقيادة الفلسطينية والتمويل واللاجئين وحل الدولتين، غير أن إدارة بايدن، حافظت، من جهة أخرى، على بعض إرث إدارة ترامب، ومنها ما سمي «اتفاقات أبراهام» (رغم أنها لم تعد تستخدم هذا الاسم المحمل بالدلالات الدينية) التي رعت تطبيعا رسميا عربيا مع إسرائيل، وحافظت على سياسة ممارسة الضغوط والإغراء لدول أخرى للدخول في سلك التطبيع.
شهد موضوع الدعم المالي لـ«القبة الحديدية» الإسرائيلية بعض الجدل في مجلس النواب الأمريكي، لكن إقراره حصل بعدها، بأغلبية «ساحقة» كما ذكرت وكالات الأنباء، بعد أن بشرت «إيباك» وهي أكبر مجموعة ضغط إسرائيلية في واشنطن، الأربعاء الماضي، بأن المجلس سيفعل ذلك رغم أن «المتطرفين المناهضين لإسرائيل في الكونغرس يحاولون منع هذا التمويل».
تمكن «المتطرفون المناهضون لإسرائيل» في الكونغرس من تسجيل نصر رمزي بنقلهم بند دعم القبة الحديدية من ميزانية الحكومة الفدرالية إلى ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) فقد كان محرجا سياسيا لبعض النواب الديمقراطيين أن يعتبر الإنفاق على الدفاع عن إسرائيل، إقرارا بسياساتها المعادية للفلسطينيين، وأن يكون ذلك جزءا من السياسات الداخلية الأمريكية، وبنقلها إلى نفقات وزارة الدفاع، يصبح دعم القبة جزءا من السياسات الخارجية للدفاع وليس السياسات الداخلية الأمريكية.
يبدو الأمر بالنسبة للفلسطينيين وكأن تغير الرؤساء الأمريكيين وإداراتهم لا يغير من كون إسرائيل (وما تشكله اللوبيات المالية والسياسية الكبرى المرتبطة بها) هي جزء من المسائل الداخلية والخارجية الأمريكية، وأن جزءا من نضالهم الطويل الأمد لنيل حقوقهم، يرتبط بقدرتهم على التشبث بحقوقهم على الأرض، كما بمحاولة نيل وزن أكبر لدى الناخب والمؤسسات الأمريكية.
القدس العربي