تسود الشارع النجفي حالة عدم مبالاة بالانتخابات التشريعية المؤمل إجراؤها يوم السبت القادم وسط تنافس نفس الكتل والأحزاب الشيعية المتهمة بالفشل السياسي والفساد على 12 مقعدا في البرلمان ممثلين لمحافظة النجف (جنوب العاصمة بغداد).
وتمتلك محافظة النجف الأشرف قيمتها الاعتبارية الدينية من وجود مرقد الإمام علي فيها الذي يزوره الملايين من العراقيين والمسلمين الشيعة سنويا، فضلا عن وجود مركز المرجعية الشيعية برئاسة آية الله علي السيستاني الذي يمتلك التأثير الكبير على مجريات ما يحدث من تطورات سياسية في العراق.
إلا أن المحافظة التي تتنافس فيها الكتل الانتخابية عبر 104 مرشحين، منهم 74 من الرجال وثلاثون مرشحة من النساء، تكاد تكون مركزا مؤثرا للرفض الشعبي لسطوة الأحزاب الشيعية التي تستحوذ على القرار السياسي في المدينة.
أبوميثاق المساري: الماكنة الانتخابية للفتح تعمل باتجاه، والماكنة الانتخابية للتيار الصدري أيضا تعمل باتجاه آخر
وشهدت المدينة احتجاجات دامية أثناء انتفاضة تشرين، وكانت أسوة ببغداد والناصرية والبصرة وبقية المحافظات، معبرة عن رفض العراقيين للتدخل الإيراني سواء عبر الأحزاب والميليشيات التابعة لها أو عبر المؤسسات الإيرانية المنتشرة بكثافة في النجف.
وعبر المحتجون حينها عن غضبهم بحرق القنصلية الإيرانية في النجف، الذي ردت عليه الميليشيات بعمليات اغتيال للناشطين النجفيين.
واغتيل العديد من النشطاء الرافضين للتدخل الإيراني وتبعية الميليشيات لطهران مثل علاء الشبلي. فيما اغتيل الناشط إيهاب الوزني في مدينة كربلاء المجاورة للنجف.
ولا يتوقع غالبية أهالي محافظة النجف أي تغيير سياسي يطرأ على المدينة بعد الانتخابات، لأن نفس الأحزاب والوجوه يعاد تأهيلها.
ويمثل النجف حاليا في مجلس النواب أربعة نواب من التيار الصدري وثلاثة من قائمة الفتح التي تجمع الميليشيات الولائية، بينما تحظى كتلة حزب الدعوة جناح رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بثلاثة مقاعد، أما تيار الحكمة الذي يرأسه رجل الدين عمار الحكيم فله مقعد واحد مثله مثل دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وتتنافس نفس الكتل تقريبا في الانتخابات الحالية مع وجود مرشحين من كتل أخرى، الأمر الذي يرجح عدم حدوث أي تغيير جوهري في سطوة هذه الأحزاب على المدينة المقدسة وإن اختلفت نسب فوزها في انتخابات يوم السبت المقبل.
ويدفع التيار الصدري بقوة لزيادة عدد مقاعده بغية أن يكون المنافس الرئيسي لتشكيل الحكومة المقبلة.
ومع أنه من المبكر الحديث عن تفاهمات بين هذه الكتل، إلا أن غالبية القراءات السياسية تشير إلى أن معركة كسر العظم مستمرة بين الكتل والأحزاب الشيعية، وستظهر بوضوح في النجف.
وإذا كان يرجح أن يحدث أي نوع من التفاهم بين التيار الصدري والكتلة التي يمثلها حيدر العبادي وعمار الحكيم، فيستحيل أن يحدث أي تفاهم مع دولة القانون وبدرجة أقل مع كتلة الفتح التي يرأسها هادي العامري.
ويرجح المحلل السياسي هاشم البياتي أن تحظى الكتلة الصدرية بعدد مقاعد أكثر من الانتخابات السابقة، وقد يحدث نوع من التفاهم مع كتل شيعية أخرى غير كتلة المالكي.
اقرأ أيضا: إيران في مرمى السخط الشعبي المتزايد في العراق
واستبعد أبوميثاق المساري عضو تحالف الفتح الذي يجمع الميليشيات الولائية أي تفاهم مع التيار الصدري.
وقال “الماكنة الانتخابية للفتح تعمل باتجاه، والماكنة الانتخابية للتيار الصدري أيضا تعمل باتجاه آخر”.
ووسط ذلك التنافس الانتخابي لا يعول النجفيون كثيرا على نتائج الانتخابات، كما لا يرون في الحملات الانتخابية لهذه الأحزاب أي برنامج سياسي أو خدمي تقدمه للمدينة.
وطالب هاشم محمد علي وهو مدير منظمة شبابية في النجف، المرشحين بالتقرب أكثر من الجمهور والتحدث عن مشاريعهم السياسية.
وتساءل في تصريح لشبكة رووداو الإخبارية “ما الضير في أن يدخل المرشح إلى المقاهي الشعبية ويتحدث عن برنامجه الانتخابي، أو يلتقي بتجمعات شبابية؟”.
إلا أن مواطنا نجفيا يرى أن جميع المرشحين هم وجوه مستهلكة ومرفوضة في الشارع النجفي، مؤكدا أنهم يدركون بمجرد توجههم إلى المقاهي والتجمعات الشعبية أنهم سيواجهون بالرفض والازدراء.
وقال المواطن النجفي الذي فضل عدم ذكر اسمه خشية من التصفية “إن الدعاية والتجمعات الانتخابية تقتصر على باعة وشراء الأصوات من شيوخ العشائر والمتاجرين بالمال الانتخابي القذر”.
وقال ناشط مدني من النجف “الدعاية الانتخابية نراها عبارة عن إعلانات أو صور معلقة بالشوارع”، لافتا إلى أنه “حتى لو خرج المرشح وتحدث إلينا عن برنامجه الانتخابي، فكالعادة سيكون مملا، بالإضافة إلى الوعود الزائفة، وأي شيء يتحدث به عن برنامج سوف لن يحصل”.
104 مرشحين من الأحزاب الشيعية يتنافسون على 12 مقعدا لمدينة النجف في البرلمان العراقي
وأكد عبدالله حسين علي صاحب متجر ملابس من النجف أن “المرشحين ينشرون صورهم اليوم بدون برامج انتخابية”، مشيرا إلى أنه ينبغي على المرشح أن “يأتي إلى الشباب ويعرض عليهم مشروعه الانتخابي، حتى ننتخبك أعطني سقفا زمنيا لتطبيق برنامجك”.
وتساءل “كيف لي أن أنتخبك ودعايتك مجرد صور في الشوارع؟ وتقول تعالوا انتخبوني. لنفترض أنني انتخبتك دون علمي بمشروعك الانتخابي، ما الذي ستقدمه لي في المستقبل، وما الذي ستقدمه لمحافظتك؟ وما الذي ستقدمه للشباب؟ كل هذه الأمور لم تذكر في الدعايات الانتخابية، مجرد صور منتشرة في الشوارع دون أي فائدة”.
صحيفة العرب