يقول دبلوماسيون إن إيران والولايات المتحدة تبديان القليل من المرونة إزاء القضايا الجوهرية في المحادثات النووية غير المباشرة في فيينا، مما يثير تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى حل وسط قريبا لتجديد الاتفاق المبرم عام 2015 بما يبدد المخاوف من اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط.
لا تزال النقاط الشائكة هي سرعة ونطاق رفع العقوبات عن طهران، بما في ذلك مطالبة إيران بضمان أمريكي بعدم اتخاذ المزيد من الخطوات العقابية، وكيف ومتى يتم استعادة القيود على أنشطة إيران النووية
وبعد ثماني جولات من المحادثات، لا تزال النقاط الشائكة هي سرعة ونطاق رفع العقوبات عن طهران، بما في ذلك مطالبة إيران بضمان أمريكي بعدم اتخاذ المزيد من الخطوات العقابية، وكيف ومتى يتم استعادة القيود على أنشطة إيران النووية.
وكان الاتفاق النووي قد حد من نشاط إيران لتخصيب اليورانيوم ليصعب عليها تطوير أسلحة نووية، وهو طموح تنفيه طهران، مقابل رفع العقوبات الدولية.
لكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق في عام 2018، قائلا إن الاتفاق لم يقدم ما يكفي لكبح أنشطة إيران النووية وبرنامجها للصواريخ الباليستية ونفوذها في المنطقة، ثم أعاد فرض العقوبات الأمريكية التي أضرت بشدة بالاقتصاد الإيراني.
وبعد انتظار لمدة عام، ردت إيران على ضغوط ترامب بخرق الاتفاق تدريجيا، وتضمن ذلك إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتكريره إلى درجة نقاء انشطاري أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج.
وبعد أشهر من المحادثات التي بدأت بعد أن حل جو بايدن محل ترامب في البيت الأبيض، يقول المسؤولون الغربيون الآن إن الوقت ينفد أمام إحياء الاتفاق. لكن المسؤولين الإيرانيين ينفون أن الوقت يمثل أي ضغط عليهم، ويقولون إن الاقتصاد يمكن أن يستمر بفضل مبيعات النفط إلى الصين.
نحن بحاجة إلى ضمانات
قال مسؤول إيراني سابق إن حكام إيران “واثقون من أن نهجهم الصارم القائم على عدم قبول حلول وسط… سيؤتي ثماره”.
وقالت فرنسا أمس الثلاثاء إنه على الرغم من إحراز بعض التقدم في نهاية ديسمبر، كانون الأول، ما زالت إيران والقوى العالمية بعيدة عن إحياء الاتفاق.
وأشارت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء إلى تحقيق “تقدم بسيط” لكن غير كاف في الأسابيع الأخيرة.
وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحافيين “التقدم البسيط لا يكفي أيضا إذا كنا نرغب” في إحياء اتفاق 2015.
وتصر إيران على الرفع الفوري لجميع العقوبات التي فرضت في عهد ترامب في عملية يمكن التحقق منها. وتقول واشنطن إنها سترفع القيود التي تتعارض مع اتفاق 2015 إذا استأنفت إيران الامتثال للاتفاق، مما يعني أنها ستترك قيودا أخرى مثل تلك المفروضة بموجب الإرهاب أو تدابير حقوق الإنسان.
وقال مسؤول إيراني رفيع “يجب على الأمريكيين تقديم تأكيدات بأنه لن يتم فرض عقوبات جديدة على إيران في المستقبل تحت أي مسمى. ونحن بحاجة إلى ضمانات بأن أمريكا لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى”.
وذكر موقع نور نيوز الإخباري، التابع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، اليوم الأربعاء أن الشروط الرئيسية لإيران في المحادثات “هي التأكيدات والتحقق”.
ولم يتسن حتى الآن الاتصال بمسؤولين أمريكيين للتعليق على مسألة الضمانات. ومع ذلك، قال مسؤولون أمريكيون إن بايدن ليس بوسعه التعهد بأن الإدارة الأمريكية لن تتراجع عن الاتفاق مستقبلا لأن الاتفاق النووي هو تفاهم سياسي غير ملزم وليس معاهدة ملزمة قانونيا. وردا على طلب للتعليق على هذه المعضلة القانونية الأمريكية، قال مسؤول إيراني “هذه مشكلتهم الداخلية”.
وفيما يتعلق بمسألة التحقق من رفع العقوبات، وهي مرحلة سيتعين على إيران فيها العودة إلى القيود على برنامجها النووي، قال المسؤول الإيراني الكبير إن إيران وواشنطن اختلفتا حول الجدول الزمني.
وأضاف “تحتاج إيران إلى أسبوعين للتحقق من رفع العقوبات (قبل أن تتراجع عن خطواتها النووية). لكن الطرف الآخر يقول إن بضعة أيام ستكون كافية لتحميل النفط على متن سفينة وتصديره وتحويل أمواله من خلال نظام مصرفي”.
التهديدات
ألقت تهديدات من جانب إسرائيل بظلالها على المحادثات. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك أسلحة نووية، في حين أنها تنظر إلى إيران بوصفها تهديدا لوجودها. وهددت إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا رأت أن الدبلوماسية في نهاية المطاف غير قادرة على احتواء قدرات وإمكانات إيران النووية.
وتقول إيران إنها سترد بقوة إذا تعرضت للهجوم.
وقال دبلوماسي غربي “أوائل شباط (فبراير) هو موعد نهائي واقعي لمحادثات فيينا”. وأضاف أنه كلما بقيت إيران خارج الاتفاق، زادت الخبرة النووية التي ستكتسبها وقلّ الوقت الذي قد تحتاجه للسباق لصنع قنبلة إذا اختارت ذلك.
وقال دبلوماسي غربي آخر “ما زلنا غير متأكدين مما إذا كانت إيران تريد حقا التوصل إلى اتفاق” لإحياء الاتفاق النووي.
واستبعدت إيران الالتزام بأي موعد نهائي “من وحي الخيال” للمحادثات.
وقال مسؤول إيراني ثان مقرب من فريق التفاوض الإيراني “لقد طلبوا عدة مرات من إيران إبطاء أنشطتها النووية أثناء المحادثات، وحتى الأمريكيون نقلوا رسائل حول اتفاق مؤقت من خلال أطراف أخرى… ورفضت إيران ذلك”.
وردا على طلب للتعليق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، طلب عدم نشر اسمه، لرويترز “بالطبع نحن، والمجتمع الدولي بأسره، نريد من إيران أن تبطئ برنامجها النووي، وقد أبلغنا ذلك بوضوح شديد”.
وأضاف “لا نتفاوض على التفاصيل علنا”.
وتشمل نقاط الخلاف الأخرى أجهزة الطرد المركزي النووية المتقدمة الإيرانية، وهي أجهزة تنقي اليورانيوم لاستخدامه كوقود في محطات الطاقة الذرية أو استخدامه في صنع أسلحة في حالة وصوله إلى درجة نقاء عالية.
وقال المسؤول الأول “المناقشات مستمرة حول مطالبة إيران بتخزين وإغلاق أجهزة الطرد المركزي المتقدمة”.
وردا على طلب للتعليق على هذه المسألة، قال دبلوماسي غربي “نحن نبحث عن سبل لتجاوز خلافاتنا مع إيران بشأن عملية التحقق”.
(رويترز)