بازل (سويسرا) – أدت سنوات من الجفاف الشديد إلى سقوط مملكة حمير التي كانت قوية في عهد ما قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وهو ما ساهم في تهيئة الأوضاع لانتشار الإسلام في المنطقة، حسب ما أفادت به دراسة سويسرية نشرت الخميس.
وتأتي هذه الدراسة لتضيف تفسيرا جديدا للعوامل الاقتصادية التي ساعدت على انتشار الإسلام، ودون أن يمس ذلك بالبعد الروحي.
وتسلط نتائج الدراسة المنشورة في مجلة “ساينس جورنال” الضوء على دور الأحداث المناخية القاسية في “تغيير مسار التاريخ”، وفق ما ذكرته جامعة بازل السويسرية في بيان، مشيرة إلى “درس مهم” يتزامن مع حدوث تغييرات كبيرة في الطقس اليوم.
وتتبّع البحث مصير مملكة حمير، التي استمرت أكثر من 400 عام وتركت آثارا لنظام الري الخاص بها لا تزال موجودة حتى اليوم في اليمن.
كان السكان في معاناة كبيرة نتيجة الجوع والحرب. وهذا يعني أن الإسلام واجه أرضا خصبة ساعدت على نشر أفكاره
ويضيف تفسير الجفاف بعدا اقتصاديا إلى قراءة سابقة ترتبط بقطع طرق التجارة بين اليمن وبلاد الشام.
وعانت التجارة في مكة كثيرا في القرن السابع الميلادي بعد نشوب الحرب الساسانية – البيزنطية، مما أدى إلى معاناة كبيرة للفقراء الذين أصبحوا أول المؤمنين بالرسالة المحمدية.
وفي مرحلة لاحقة صار الضعف الذي دب في بنية الإمبراطوريتين الفارسية الساسانية والرومية البيزنطية بسبب الحرب بينهما (602 – 628) أحد مسببات انهيار جيوشهما أمام قوات الفتح الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
وتمكنت جيوش الفتح الإسلامي من تدمير الإمبراطورية الساسانية بشكل كامل، واستولت على أهم الولايات البيزنطية على البحر المتوسط امتدادا من سوريا الكبرى ومرورا بمصر ووصولا -في مراحل لاحقة- إلى أقصى شمال أفريقيا.
ومن خلال تحليل معدل نمو وتكوين الصواعد، والذي يكشف عن مقدار هطول الأمطار الذي استقبلته المنطقة بمرور الوقت، تمكن الباحثون في مجلة “ساينس جورنال” من تحديد فترة الجفاف في أوائل القرن السادس.
وقال دومينيك فليتمان الذي قاد البحث “حتى بالعين المجردة يمكن أن نرى من الصواعد أنه كانت هناك بالتأكيد فترة جفاف شديدة استمرت عدة عقود”.
وأكدت مصادر تاريخية مثل بيانات مستويات المياه في البحر الأحمر أن الجفاف تزامن مع انهيار المملكة التي كانت تواجه أيضا اضطرابات سياسية وحربا في الشمال بين الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية.
لكن فليتمان أكّد أنّ أزمة المياه شكّلت عاملا حاسما في انهيار المملكة التي كانت تعتمد على الزراعة والتجارة.
وذكر أنّ “الماء هو بالتأكيد أهم مورد. ومن الواضح أن انخفاض هطول الأمطار -وخاصة على مدى عدة سنوات من الجفاف الشديد- يمكن أن يزعزع استقرار مملكة شبه صحراوية وهشّة”.
وجاء في بيان جامعة بازل أن مملكة حمير -التي كانت يوما قوية- عندما غزت مملكة أكسوم، من موقعها في الأراضي التي تعرف الآن بإثيوبيا، فقدت “الأهمية إلى الأبد”.
وذكر فليتمان “عندما نتدبر الظواهر الجوية الشديدة، فإننا غالبا ما نفكر (ماذا حدث) خلال الفترة القصيرة التالية، بشكل يقتصر على بضع سنوات”.
لكنّ فليتمان أشار إلى أن نتائج الجفاف كانت أكثر ديمومة.
وقال “كان السكان في معاناة كبيرة نتيجة الجوع والحرب. وهذا يعني أن الإسلام واجه أرضا خصبة” ساعدت على نشر أفكاره.
ووصف الجفاف بأنه “عامل مهم” وراء انتشار الإسلام بسبب معاناة السكان وبالتالي تقبل العديد منهم أفكارا روحانية جديدة قد تخفف من مشاكلهم وآلامهم.
العرب