نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي للمعلق جوش روغين، اتهم فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالتخلي عن القيادة في سوريا وتسليمها لإيران وروسيا.
وقال روغين إن زيارة الرئيس بايدن للشرق الأوسط الأسبوع الماضي، أزالت أي مظهر للقيادة الأمريكية، وأنها تحاول معالجة الأزمة في سوريا. وسياسة الإهمال هذه تضر بالمصالح الأمريكية والإقليمية وتهدد بوضع مسؤولية الأمن الإقليمي في عهدة كل من روسيا وإيران.
ولاحظ الكاتب أن بايدن لم يذكر سوريا ولا مرة واحدة، أثناء رحلته التي استمرت أربعة أيام في المنطقة، مع أن الزيارة قُدمت باعتبارها صورة عن تواصل الإدارة الأمريكية مع المنطقة التي حققت فيها قوى مثل إيران وروسيا تأثيرا واسعا. ولم تقدم إدارة بايدن أفكارا جديدة حول كيفية حل الأزمة السياسية السورية. ولم يعبّر عن أي مواقف أو إشارات لقادة دول الخليج الذين اجتمع معهم، ويقومون بشكل ثابت وبطيء بإلغاء وضع “المنبوذ” للرئيس السوري بشار الأسد، رغم استمراره بارتكاب مذابح ضد شعبه.
وفي مقال الرأي الذي نشره بايدن في “واشنطن بوست” قبل سفره إلى الشرق الأوسط، لم يذكر سوريا إلا في سياق الحديث عن إنجازات بلاده في ملاحقة الإرهابيين هناك.
وقال روغين إن بايدن انتقد في حملته الرئاسية وبشدة الرئيس السابق دونالد ترامب؛ لأنه لم يفعل الكثير لمنع تركيا من ضرب حلفاء الولايات المتحدة، الأكراد في شمال- شرق سوريا. ومع تحضير تركيا لعملية جديدة، لم يقل بايدن أي شيء. وهو ما فوّض الدبلوماسية لكل من إيران وروسيا اللتين اجتمعتا هذا الأسبوع مع تركيا في طهران للبحث في سوريا بدون أن يكون للولايات المتحدة صوت.
وفي الوقت نفسه، اتفقت روسيا وإيران على توسيع الشراكة العسكرية التي تطورت أثناء الحرب في سوريا، ونقلها إلى أوكرانيا. وتقوم روسيا بمهاجمة حلفاء الولايات المتحدة في سوريا، الوحدات المحلية التي كانت تساعد واشنطن في الحرب ضد تنظيم “الدولة”.
ويرى الكثير من السوريين أن بايدن غائب عن ساحة العمل، ففي شهادة أمام مجلس الأمن الدولي في حزيران/ يونيو، انتقد عمر الشغري الذي قضى ثلاثة أعوام في سجون الأسد، الولايات المتحدة لأنها حنثت بوعودها. وقال: “كانت الولايات المتحدة، وفي الفترة الأخيرة حكومتكم، محددة في بياناتها الفارغة بدون فعل”. وأضاف: “من المفترض أنكم قادة العالم الديمقراطي، ولكنني لا أراكم حتى في الساحة الدولية”. وانتقد الشغري القيادة في الأردن لأنها قررت إغلاق حدودها أمام الاجئين السوريين، كما انتقد الإمارات لترحيبها بالأسد وإعادته إلى المجتمع الدبلوماسي، واستقبالها له في آذار/ مارس. وقال مخاطبا الإمارات: “أيتها الإمارات، أليس لديك احترام للشعب الذي يعاني منذ سنين ولكل واحد مات تحت التعذيب في سوريا ولكل أم فقدت ابنها؟ التطبيع هو جريمة”. مضيفا: “عار عليك”.
ونقل الكاتب عن متحدث باسم مجلس الأمن الدولي، أن سوريا هي “موضوع حاضر في النقاشات” مع شركاء الولايات المتحدة بمنطقة الخليج، وأن الإدارة الأمريكية “تتواصل بشكل دائم عبر الدبلوماسية الهادئة في سوريا”، وأشار المتحدث إلى أن سوريا ذُكرت في البيان الصادر بعد لقاء بايدن مع قادة السعودية والأردن ومصر والعراق الأسبوع الماضي. وقال: “نواصل طرح سوريا مع شركائنا في الخليج، وحثهم على عدم اتخاذ تحركات قد تمنح الشرعية للنظام السوري، ونحن لم نرفع العقوبات المفروضة على سوريا”.
وفي الوقت الذي لم ترفع فيه إدارة بايدن العقوبات، إلا أنها لم تطبق أيا من العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، والذي يعاقب أي بلد أو شركة تتعامل مع النظام السوري. وفي الحقيقة، حرفت إدارة بايدن نظرها عندما حقق نظام الأسد أرباحا من صفقة غاز إقليمية. والمكان الوحيد الذي كانت فيه الإدارة نشطة، هو الأمم المتحدة، حيث قاتل وفد الولايات المتحدة للحفاظ على آخر ممر إنساني لتوفير الطعام والدواء لملايين السوريين الذين يعيشون خارج مناطق النظام في إدلب.
وحتى هناك، قبل الوفد الأمريكي بالمقترح الروسي وهو تمديد فتح الممر لستة أشهر أخرى وليس عاما. ويناقش مسؤولو الإدارة، أن تراجع مستويات العنف والتركيز على المساعدات والإرهاب هو أكبر ما تأمله في هذا الوقت. لكن العنف منخفض لو قرر الواحد تجاهل تجويع روسيا والأسد ملايين الأبرياء السوريين وتعذيب عشرات الآلاف. وطالما بقيت روسيا وإيران في مقعد القيادة الدبلوماسية، فلن تحصل سوريا على سلام دائم. وبدون تحرك دبلوماسي بقيادة أمريكية، فستظل سوريا المصدر للاجئين والإرهاب والمخدرات وعدم الاستقرار، وفق قول الكاتب. وهذا ما اعترفت به إدارة بايدن قبل دخولها البيت الأبيض.
وقال أنطوني بلينكن، وزير الخارجية، قبل شهرين من انتخابات عام 2020: “فشلنا بمنع الخسارة الفادحة من الأرواح، وتحول ملايين الناس إلى لاجئين أو تشردوا في بلادهم وهو أمر علينا العيش معه”. مضيفا: “هذا واحد من الأشياء التي ننظر إليها بجدية ولو حملنا المسؤولية فهو شيء سنتحرك عليه”. وأصبح لدى بايدن المسؤولية للتحرك، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قائدة في الشرق الأوسط في وقت تتقيّح الأزمة السورية بدون نهاية، وتترك الشعب السوري يعاني.
القدس العربي