واشنطن – يرى خبراء أن نقل غاز تركمانستان عبر خط أنابيب عبر تركيا إلى القارة الأوروبية “حدث تاريخي” يعزز أمن الطاقة في أوروبا التي اهتزت جراء أزمات الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويدعو الخبراء الدول الأوروبية إلى ضرورة دعم هذه المبادرة التي طرحها زعماء تركيا وأذربيجان وتركمانستان في السادس عشر من ديسمبر الماضي، من أجل التغلب على أزمة الطاقة وتنويع مواردها.
واحتضنت مدينة تركمانباشي التركمانية المطلة على بحر قزوين “القمة الثلاثية الأولى”، التي انتهت بتوقيع الزعماء المشاركين مذكرة تفاهم حول تطوير التعاون في مجال الطاقة لتسليم غاز تركمانستان إلى تركيا وأوروبا.
وقالت غولميرا رزاييفا الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن تركمانستان لديها احتياطي كبير من الغاز الطبيعي وتصدر مليارات الأمتار المكعبة منه إلى الصين كل عام.
وأوضحت رزاييفا أنه ليس من المجدي من حيث التكلفة المالية، نقل غاز تركمانستان بشكله الطبيعي المسال إلى أذربيجان ومن ثم إلى تركيا وأوروبا، لكن من الأنسب إجراء هذه الشحنة عن طريق إنشاء خطوط أنابيب جديدة.
تركمانستان من بين موردي الغاز الرئيسيين في العالم، باحتياطيات مؤكدة من الغاز تبلغ حوالي 13.6 تريليون متر مكعب
وأشارت إلى أنه ضمن نطاق مبادرة نقل الغاز التركمانستاني إلى تركيا وأوروبا، قد تكون هناك حاجة لاستثمارات إضافية في مناطق إنتاج الغاز وفي منشآت تركمانستان الموجودة في البر وبحر قزوين.
وذكرت رزاييفا أن تركمانستان كانت مستعدة لبيع الغاز الطبيعي إلى القارة الأوروبية، لكنها لم تستطع اتخاذ أي خطوات في هذا الصدد بسبب ضغوط من روسيا.
ولفتت إلى أن تركيا عازمة على حماية تركمانستان سياسيا وعسكريا، مضيفة “لهذا السبب يتم الآن تفعيل هذه الفكرة التاريخية، وأنا أسميها حدثا تاريخيا”.
وقالت رزاييفا إن غاز تركمانستان يمكن نقله عبر تحالف ثلاثي يتكون من تركمانستان وأذربيجان وتركيا، بحجم 10 مليارات متر مكعب في المرحلة الأولى، مبينة أن غاز تركمانستان قد يكون أكثر ملاءمة لتركيا، بالنظر إلى التكلفة المادية.
وتابعت قائلة “إذا اشترت تركيا الغاز التركماني بسعر مناسب، فسوف تتعزز يد أنقرة في مواجهة الدول الأخرى التي تشتري منها الغاز، وهذا يجعل تركيا واحدة من أغنى البلدان في المنطقة وحتى في العالم صناعيا”.
وأردفت “إذا اشترت تركيا الغاز الروسي والتركماني وصدرته إلى أوروبا على شكل مسال، فقد يحوّل ذلك تركيا إلى مصدّر كبير للغاز، وربما على الأقل مصدر مهم للغاز مثل روسيا”.
ووصف صوهبت كاربوز مدير النفط والغاز في اتحاد شركات الطاقة في دول البحر المتوسط، قمة الغاز التركماني بأنها “تطور جيد”، مضيفا أن كمية الغاز التي سيتم شحنها من تركمانستان يجب تحديدها.
غاز تركمانستان يمكن نقله عبر تحالف ثلاثي يتكون من تركمانستان وأذربيجان وتركيا، بحجم 10 مليارات متر مكعب في المرحلة الأولى
واستطرد “في المرحلة القادمة يجب القيام بالاستثمارات الفنية والبنية التحتية اللازمة للتمكّن من شحن الغاز، ويجب على أوروبا دعم ذلك لأن ممر الغاز الجنوبي هو مشروع ذو أولوية لأوروبا”.
وحول إيصال غاز تركمانستان إلى أوروبا عبر خط أنابيب، قال كاربوز “يمكن أن يساعد بالتأكيد في حل أزمة الطاقة في أوروبا. على أوروبا أن تدعم ذلك، لأن ممر الغاز الجنوبي هو مشروع ذو أولوية بالنسبة إلى أوروبا”.
وشدد على أن الغاز الطبيعي الذي سيتم شراؤه عبر أذربيجان وتركيا هو أكثر منطقية بالنسبة إلى أوروبا من شراء الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة أو الاعتماد على سوق الغاز الطبيعي المسال.
ولفت كاربوز إلى أن دول جنوب شرق أوروبا بحاجة إلى دولة وممر يمكن الاعتماد عليهما في ملف الغاز الطبيعي، وأن هذه المبادرة يمكن أن تكون بمثابة بلسم لهذه الدول، مضيفا أن مشكلة أوروبا الرئيسية تتمثل في إنشاء فروع جديدة لتوريد الغاز للدول الأكثر اعتمادا على روسيا في القارة.
وتركمانستان التي تتمتع بصفة مراقب في منظمة الدول التركية، من بين موردي الغاز الرئيسيين في العالم، باحتياطيات مؤكدة من الغاز تبلغ حوالي 13.6 تريليون متر مكعب.
وخلال عام 2021 أنتجت تركمانستان 79.3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، استخدمت 36.7 مليار متر مكعب منه، وصدرت 31.5 مليار متر مكعب إلى الصين و10.5 مليار متر مكعب إلى روسيا.
العرب