يجول المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في حوار مع “العربي الجديد”، على أبرز التطورات التي تشهدها المنطقة وما تأثيراتها على العراق، خصوصاً عودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية وتبعات ذلك، إضافة إلى نظرة بغداد لأزمتي السودان وليبيا.
ويتطرق العوادي إلى ملفات داخلية تتعلق بما حققته حكومة محمد شياع السوداني حتى اليوم، إضافة إلى مواضيع متعلقة بالطاقة والبطالة والموازنة المالية، ويشرح الأهمية الاستراتيجية لمشروع طريق التنمية الذي يرعاه العراق ويسعى لإقناع دول الجوار للمشاركة فيه. كما يتحدث عن الاتفاق الذي توصلت إليه بغداد مع واشنطن لتطبيق برنامج عمل لإنهاء عمليات تهريب الدولار من العراق وتنظيم حركة تدفق وخروج الأموال.
كيف ينظر العراق لزيارة أمير قطر؟
زيارة سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تاريخية وتكتسب أهمية بالغة بالنسبة للعراق وتؤسس لعلاقات أوسع وأشمل، وهي بادرة إيجابية ستساهم فعلاً في تطوير مستوى العلاقات الثنائية.
العلاقات بين البلدين انطلقت منذ زمن بعيد وعُززت بتشكيل ما يُعرف باللجنة العراقية ـ القطرية العليا المشتركة ضمن مشروع مبادرة التعاون العراقي ـ القطري عام 1979، أي قبل 44 عاماً، وهذه اللجنة لم تعقد سوى 6 دورات كان آخرها في عام 2018، وكانت هناك فرصة لأن تنعقد الدورة السابعة في العام 2020 لكنها تأخرت بسبب جائحة كورونا، والآن هناك اتفاق على أن تُعقد هذه الدورة وأن تستمر الاجتماعات لما يصب في مصلحة تطوير العلاقات.
الزيارة خُصصت لإبرام مذكرات عدة للتفاهم، وهناك 5 نقاط أساسية للتعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري والمالي، وواحدة من قضايا الزيارة الأساسية تتمثل بالحديث عن مشاركة قطر بمشروع طريق التنمية.
ثمانية أشهر على حكومة محمد شياع السوداني، ما أهم ما تحقق من برنامجها الحكومي؟
فريق تنفيذ البرنامج الحكومي تشكّل في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وصدر الأمر الوزاري بتنفيذ البرنامج الحكومي في يناير/كانون الثاني 2023، ما يعني أنه مضى 6 أشهر على بدء تنفيذه، وحالياً هناك تقييم لأداء الوزارات فيما يتعلق بتطبيق البرنامج الحكومي وستصدر نتائجه قريباً، ولا نريد أن نستبق الأرقام إذ إنها الآن في طور الإعداد الشامل وسيتم الإعلان عنها لجميع الوزارات قريباً.
يتردد في بغداد ارتياح لعودة العلاقات السعودية الإيرانية. هل هناك مكاسب مباشرة؟
تحسن العلاقات بين الدول الإقليمية يضع أسس الاستقرار، والعراق أكبر الرابحين من عودة العلاقات بين السعودية وإيران، وهو سعى لأن يكون شريكاً ووسيطاً لإنتاج معادلات تهدئة تصب في صالح المنطقة ككل، ومن ثمارها عودة العلاقات بين السعودية وإيران. لقد عانينا بعد التغيير عام 2003 من تقاطعات الدول الإقليمية، وكل واحدة منها كان لديها مشروع، وكذلك عانينا من تنظيمات إرهابية جعلت الوضع في حالة غليان. والحقيقة أن النهوض الاقتصادي في العراق ومجيء الاستثمارات يتطلب وضعاً أمنياً جيداً لأن عدم الاستقرار عقبة أساسية أمام تدفق الأموال، الأمن متداخل وأي أزمة في دولة ستؤثر على جيرانها.
العراق سعى لأن يكون شريكاً ووسيطاً لإنتاج معادلات تهدئة تصب في صالح المنطقة ككل
كذلك فإنّ تحسّن العلاقات بين تركيا ودول الخليج وبين السعودية وإيران يخلق استقراراً على مستوى العالم الإسلامي وهدوءاً على مستوى المنطقة، والعراق ينمو بالهدوء ويزدهر. ما تشهده المنطقة من تقاربات جعل الدول تفكر بطريقة تنموية ليفرض حديث المال نفسه ومعه التجارة والمشاريع الاستراتيجية من طرق وسكك حديد وغيرها، وهذا يصب في صالح اقتصاديات هذه الدول ويُنجح مشاريعها التنموية.
كما أن تحسن العلاقات بين العراق والسعودية حالة إيجابية في ظل رؤية البلدين الداعمة لاستقرار المنطقة وهو يتحقق بالتعاون ليس على مستوى التجارة والاقتصاد، بل في الجانبين الأمني والاستخباري. وهذا التحسن فتح كذلك الباب أمام الاستثمارات السعودية في العراق، والسعودية دولة مهمة ولديها شركات كبرى عالمية، وبالتالي فإن هذا الانفتاح من شأنه أن يصب في مصلحة البلدين على مستويات متعددة، وهناك المجلس التنسيقي العراقي – السعودي والذي ثبّت الاتفاقات الثنائية لمشاريع عمل.
يجول المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في حوار مع “العربي الجديد”، على أبرز التطورات التي تشهدها المنطقة وما تأثيراتها على العراق، خصوصاً عودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية وتبعات ذلك، إضافة إلى نظرة بغداد لأزمتي السودان وليبيا.
ويتطرق العوادي إلى ملفات داخلية تتعلق بما حققته حكومة محمد شياع السوداني حتى اليوم، إضافة إلى مواضيع متعلقة بالطاقة والبطالة والموازنة المالية، ويشرح الأهمية الاستراتيجية لمشروع طريق التنمية الذي يرعاه العراق ويسعى لإقناع دول الجوار للمشاركة فيه. كما يتحدث عن الاتفاق الذي توصلت إليه بغداد مع واشنطن لتطبيق برنامج عمل لإنهاء عمليات تهريب الدولار من العراق وتنظيم حركة تدفق وخروج الأموال.
كيف ينظر العراق لزيارة أمير قطر؟
زيارة سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تاريخية وتكتسب أهمية بالغة بالنسبة للعراق وتؤسس لعلاقات أوسع وأشمل، وهي بادرة إيجابية ستساهم فعلاً في تطوير مستوى العلاقات الثنائية.
العلاقات بين البلدين انطلقت منذ زمن بعيد وعُززت بتشكيل ما يُعرف باللجنة العراقية ـ القطرية العليا المشتركة ضمن مشروع مبادرة التعاون العراقي ـ القطري عام 1979، أي قبل 44 عاماً، وهذه اللجنة لم تعقد سوى 6 دورات كان آخرها في عام 2018، وكانت هناك فرصة لأن تنعقد الدورة السابعة في العام 2020 لكنها تأخرت بسبب جائحة كورونا، والآن هناك اتفاق على أن تُعقد هذه الدورة وأن تستمر الاجتماعات لما يصب في مصلحة تطوير العلاقات.
الزيارة خُصصت لإبرام مذكرات عدة للتفاهم، وهناك 5 نقاط أساسية للتعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري والمالي، وواحدة من قضايا الزيارة الأساسية تتمثل بالحديث عن مشاركة قطر بمشروع طريق التنمية.
ثمانية أشهر على حكومة محمد شياع السوداني، ما أهم ما تحقق من برنامجها الحكومي؟
فريق تنفيذ البرنامج الحكومي تشكّل في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وصدر الأمر الوزاري بتنفيذ البرنامج الحكومي في يناير/كانون الثاني 2023، ما يعني أنه مضى 6 أشهر على بدء تنفيذه، وحالياً هناك تقييم لأداء الوزارات فيما يتعلق بتطبيق البرنامج الحكومي وستصدر نتائجه قريباً، ولا نريد أن نستبق الأرقام إذ إنها الآن في طور الإعداد الشامل وسيتم الإعلان عنها لجميع الوزارات قريباً.
يتردد في بغداد ارتياح لعودة العلاقات السعودية الإيرانية. هل هناك مكاسب مباشرة؟
تحسن العلاقات بين الدول الإقليمية يضع أسس الاستقرار، والعراق أكبر الرابحين من عودة العلاقات بين السعودية وإيران، وهو سعى لأن يكون شريكاً ووسيطاً لإنتاج معادلات تهدئة تصب في صالح المنطقة ككل، ومن ثمارها عودة العلاقات بين السعودية وإيران. لقد عانينا بعد التغيير عام 2003 من تقاطعات الدول الإقليمية، وكل واحدة منها كان لديها مشروع، وكذلك عانينا من تنظيمات إرهابية جعلت الوضع في حالة غليان. والحقيقة أن النهوض الاقتصادي في العراق ومجيء الاستثمارات يتطلب وضعاً أمنياً جيداً لأن عدم الاستقرار عقبة أساسية أمام تدفق الأموال، الأمن متداخل وأي أزمة في دولة ستؤثر على جيرانها.
العراق سعى لأن يكون شريكاً ووسيطاً لإنتاج معادلات تهدئة تصب في صالح المنطقة ككل
كذلك فإنّ تحسّن العلاقات بين تركيا ودول الخليج وبين السعودية وإيران يخلق استقراراً على مستوى العالم الإسلامي وهدوءاً على مستوى المنطقة، والعراق ينمو بالهدوء ويزدهر. ما تشهده المنطقة من تقاربات جعل الدول تفكر بطريقة تنموية ليفرض حديث المال نفسه ومعه التجارة والمشاريع الاستراتيجية من طرق وسكك حديد وغيرها، وهذا يصب في صالح اقتصاديات هذه الدول ويُنجح مشاريعها التنموية.
كما أن تحسن العلاقات بين العراق والسعودية حالة إيجابية في ظل رؤية البلدين الداعمة لاستقرار المنطقة وهو يتحقق بالتعاون ليس على مستوى التجارة والاقتصاد، بل في الجانبين الأمني والاستخباري. وهذا التحسن فتح كذلك الباب أمام الاستثمارات السعودية في العراق، والسعودية دولة مهمة ولديها شركات كبرى عالمية، وبالتالي فإن هذا الانفتاح من شأنه أن يصب في مصلحة البلدين على مستويات متعددة، وهناك المجلس التنسيقي العراقي – السعودي والذي ثبّت الاتفاقات الثنائية لمشاريع عمل.
أحد التزامات الحكومة في برنامجها محاربة البطالة، هل ثمة خطة عملية؟
البطالة أساس المشاكل في البلد، وحكومة محمد شياع السوداني وضعت خطوات عملية لتوفير مئات الآلاف من الوظائف في السنوات الثلاث المقبلة عبر الشراكة مع القطاع الخاص بدون تحميل الموازنة أعباء مالية إضافية.
هنالك العديد من المشاريع المهمة التي ستوفر عدداً كبيراً من الوظائف، من بينها طريق التنمية وكذلك ميناء الفاو ومشاريع تحلية المياه ومشروع النبراس للصناعات البتروكيماوية في البصرة، وكذلك المشاريع المتلكئة التي تعتزم الحكومة إنهاء ملفها خلال العام 2026.
حكومة السوداني وضعت خطوات عملية لتوفير مئات الآلاف من الوظائف في السنوات الثلاث المقبلة
كذلك تدرس الحكومة مشاريع قدّمها مستثمرون في مجالات السكن وإنشاء معامل الإسمنت والحديد والصلب، وهذه كلها ستوفر عدداً كبيراً من الوظائف. وفيما يتعلق بمطالبات إعادة العمل بالمصانع القديمة لتوفير الوظائف ودعم الاقتصاد وفقاً لما يشير إليه المطالبون، فحقيقة الأمر أنها تتطلب تحديثاً شاملاً بخطوط إنتاجية جديدة وتصميمها على استخدام وقود بعيد عن النفط الأسود المضر بالبيئة لتكون منتجة وداعمة للاقتصاد. بعض المصانع المتوقفة يبلغ عمرها بين 40 و50 عاماً، ورؤية رئيس الوزراء تؤكد تحديث تلك المصانع بالشراكة مع القطاع الخاص.
“طريق التنمية”، ما الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع وهل تلقيتم رسائل إيجابية بشأنه؟
العراق تلقى رسائل إيجابية للغاية من دول الجوار المعنية بالطريق وأخرى حول العالم، ونحن بحالة دهشة من التفاعل الإيجابي لكثير من الدول مع المشروع فضلاً عن مؤسسات إقليمية ودولية.
بالإمكان إيجاز أهمية المشروع بأربع نقاط، الأولى أنه حاجة داخلية وطنية مهمة لإنقاذ الاقتصاد العراقي إذ إنه سيرتبط بثلاثة مشاريع عملاقة ستقام في مدينة البصرة، الأول هو ميناء الفاو الذي سيكتمل في منتصف عام 2025، ومشروع النبراس للصناعات البتروكيمياوية الذي رصد له 500 مليون دولار ضمن موازنة 2023 للشروع بإنشائه، وثالثاً المدينة الصناعية الأكبر في الشرق الأوسط والتي سترتبط بميناء الفاو ومشروع النبراس، وكلا المشروعين سينطلق في العام المقبل.
هذه المشاريع الثلاثة بدون خطوط طرق برية وسكك حديد لا قيمة لها، ومن هنا تنطلق أهمية طريق التنمية، إذ إن قدرة ميناء الفاو ستكون 3.5 ملايين حاوية سنوياً، وبناءً عليه يجب أن تكون قدرة الطريق البري والسكك الحديد التحميلية متناسبة، بل أعلى من حجم قدرة ميناء الفاو لإنجاح عمله وإنجاح مشروع طريق التنمية الذي سيعتمد على قطارات حديثة تصل سرعتها إلى 300 كلم/ساعة لنقل البضائع من جنوب العراق لأقصى شماله وبالعكس بمدة تتراوح ما بين 3 و4 ساعات. والسكك الحديد سيتم إنشاؤها وفقاً للطراز المعمول به في أوروبا وليس الحالي التقليدي ومن نقطة وصوله إلى تركيا عبرها بإمكانه إكمال رحلته نحو أوروبا بدون عوائق.
العراق تلقى رسائل إيجابية للغاية من دول الجوار المعنية بطريق التنمية وأخرى حول العالم
النقطة الثانية أنه سيكون مشروعاً إقليمياً ودولياً، إذ إنه سيرتبط مع تركيا شمالاً ومنها إلى أوروبا ومع إيران شرقاً ومنها إلى قارة آسيا ومع دول الخليج العربي جنوباً، ومع سورية ولبنان ليمتد إلى البحر المتوسط.
النقطة الثالثة أنه سيكون طريقاً لنقل الطاقة من الخليج والعراق نحو أوروبا. وأظهرت الحرب الروسية – الأوكرانية الحاجة لطريق جديد من الخليج نحو أوروبا، والعراق تخدمه الجغرافيا وموقعه الاستراتيجي، ونقل الطاقة عبره يوفر طريقاً مختصراً وأقل تكلفة من نقلها عبر الخليج ومن ثم مضيق هرمز وبحر العرب ومن ثم عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وصولاً إلى قناة السويس ومنها للبحر المتوسط وأوروبا إذ إن المسافة طويلة جداً. ولولا الوضع الأمني والسياسي الذي عاشه العراق في الأعوام السابقة لكان مشروع طريق التنمية قد بدأ منذ العام 2010.
أما النقطة الرابعة في أهمية المشروع، أن العراق محاط بدول صناعية كتركيا شمالاً وإيران شرقاً وسورية والأردن غرباً، وجميع هذه الدول يهمها أن توصل منتجاتها نحو أوروبا أو نحو بعضها البعض وبقية دول المنطقة. وبالتالي فإن طريق التنمية يمثل حلقة الوصل التي تحقق هذا الهدف عبر خطوط السكك الحديد والنقل البري وهذا سيجعل العراق قلب التجارة في غرب آسيا والمنطقة وهو هدف استراتيجي نأمل تحقيقه خلال 5 إلى 6 سنوات بعد إكمال طريق التنمية.
تحقق هذه النقاط الأربع سيوفر للعراق موارد مالية توازي الواردات النفطية، والحكومة العراقية الحالية تخطط لإكمال 80 في المائة من طريق التنمية داخل العراق على الأقل في فترة توليها المسؤولية حتى نهاية العام 2026، وبعدها حينما تجد دول الجوار أن العراق أكمل البنى التحتية المطلوبة من الممكن أن تربط خطوط السكك الحديد والبر مع العراق.
ماذا ستضيف عقودكم مع شركتي “سيمنز” الألمانية و”جنرال إلكتريك” الأميركية في أزمة إنتاج الكهرباء؟
بداية لا وجود لأي ضغط أميركي لمنح شركة “جنرال إلكتريك” عقوداً في قطاع الكهرباء العراقي أو حجب عقود عن شركة “سيمنز” الألمانية وهذا لا يعدو كونه حديثاً إعلامياً، والشركتان من الأفضل عالمياً وهناك منافسة بينهما ولا توجد أي ضغوط على العراق بشأن منح العقود. الحكومة العراقية عمدت إلى عدم ربط سيادة البلد بشركات من دولة واحدة، بل هي منفتحة على أفضل الشركات في مجال الطاقة ومن مناشئ مختلفة كالصين، وأميركا، وألمانيا، وكوريا الجنوبية.
لا وجود لأي ضغط أميركي لمنح شركة “جنرال إلكتريك” عقوداً في قطاع الكهرباء العراقي
واحد من مضمون الاتفاقات مع شركة “سيمنز” و”جنرال إلكتريك” هو إنشاء محطات جديدة تعمل بأسلوب الدورة المركبة توضع قرب محطات الكهرباء التي تعمل بالوقود، وتستغل ما خرج منها من حرارة يتم إعادة تدويرها بالدورة المركبة لإنتاج الطاقة الكهربائية. وهذه التجربة بدأت حالياً بمحطة الصدر الغازية شرقي بغداد، وهو أول إجراء رسمي أدخل مذكرات التفاهم حيز التنفيذ، وهذا بطبيعة الحال واحد من أهم برامج تقليل آثار التغير المناخي.
والعقدان يتضمّنان كذلك القيام بصيانة طويلة للوحدات التوليدية تستمر خمس سنوات تستهدف إرجاعها إلى طاقاتها التصميمية الأولية بمعنى أنها ستعود لقدراتها التي انطلقت منها أول مرة ما يعني إضافة طاقة إنتاجية جديدة، والنقطة الثانية نصب محطات تعمل على الغاز المصاحب وأخرى على الطاقة النظيفة وبالتالي نتوقع زيادة في الإنتاج تزيد عن 10 آلاف ميغاواط.
ما أهمية جولة التراخيص النفطية الخامسة المرتقبة للعراق؟
من الناحية الأساسية ستوفر للعراق احتياجاته من الغاز، وهي مكاسب ستنهي حاجته للاستيراد في توليد الكهرباء وتحقيق هذا الهدف سيسهم بتطوير قطاعات بحاجة للكهرباء خصوصاً الصناعية. الكهرباء عصب الحياة، وتأمينها عامل أساس لتحقيق الاستقرار في البلد لأنه سيحسن من نفسية ومزاجية المواطنين وينهض بحركة الصناعة والتجارة. حقيقة ملف الطاقة مرتبط بالقرار السيادي للبلد داخلياً وخارجياً من دون الارتهان لأي دولة وتحقيق هذا الهدف يتم بتأمين الوقود محلياً وتحقيق الاكتفاء من الطاقة.
اقتصادياً، العراق يحرق غازاً مصاحباً بقيمة 4 مليارات دولار ويستورده بذات القيمة، أي أنه يخسر 8 مليارات دولار سنوياً جراء حرق الغاز واستيراده، وتأمين الحاجة المحلية ووقف الحرق سيعني إضافة مبلغ ضخم للموازنة من الممكن استخدامه بقطاعات مهمة خدمياً وتنموياً.
بيئياً، العراق خامس دول العالم تأثراً بالتغير المناخي، وواحد من الأضرار التي تزيد هذا التحدي هو حرق الغاز المصاحب الذي تؤكد التقارير أنه يتسبب بمشاكل صحية ترقى لمستوى الإصابة بالسرطان. وملف التغير المناخي بات يتصدر اهتمامات دول العالم لما له من أضرار كبيرة، وهنالك اتجاه في المنطقة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة البديلة (طاقة شمسية ورياح)، ونعتقد أن ملف التغير المناخي سيلقي بظلاله على ملفات السياسة والاقتصاد بصورة كبيرة، والمطلوب من العراق أن يواكب التطور ويحمي سيادته للحيلولة بدون فرض حلول وشروط من دول تمس سيادته.
مشاريع الحكومة في هذا الجانب تتضمن وقف حرق الغاز المصاحب عبر جولات التراخيص النفطية والغازية، والنجاح بذلك سيقدم خدمة حقيقية للبشرية لما له من أضرار على البيئة، كذلك تشترط الحكومة أن تكون المشاريع الصناعية الجديدة صديقة للبيئة، بمعنى أن تستخدم وقود الغاز الذي لا يولد انبعاثات كاربونية وكذلك تكون مواقعها بعيدة عن المدن، ومن هنا تنبع أهمية إضافية لاستثمار الغاز لأنه سيشغل مشاريع غير مضرة بالبيئة.
العربي الجديد