انقلب الدعم الأميركي لمؤتمر الرياض الخاص بالمعارضة السورية إلى حذر وتردد في ظل انزعاج روسيا من بعض نتائجه، وخاصة تركيز السعودية على توحيد موقف المعارضة حول الحل السياسي بدل الاعتكاف على مهمة تصنيف الجماعات السورية السياسية والعسكرية إلى معتدلة ومتطرفة مثلما يريد الروس.
وحذرت الولايات المتحدة أمس من أن بعض النقاط لا تزال عالقة في إعلان الرياض.
وسيلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الثلاثاء للبحث في الملف السوري وسبل مكافحة تنظيم داعش. وقبلها سيتباحث كيري مع نظيره السعودي عادل الجبير لمعالجة النقاط العالقة في اتفاق الرياض.
وكشف كيري أنه تحادث مع وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ووزير الخارجية عادل الجبير منذ توقيع الاتفاق.
ولم يحدد المسؤولون الأميركيون والروس بعد النقاط المختلف عليها لكن واشنطن ترغب في أن تكون موسكو مرتاحة للاتفاق.
وأشار مراقبون إلى أن الانزعاج الروسي بدأ مع دعوة أحرار الشام التي تنظر إليها موسكو على أنها فصيل جهادي لا يختلف عن النصرة ويجب أن يكون في قوائم الإرهاب في عمّان وليس قوائم المعارضة في الرياض.
ولم يخف المسؤولون الروس انزعاجهم من نتائج مؤتمر الرياض حتى أن بوتين امتدح أمس التنسيق القائم مع الجيش الحر في الحرب على داعش، وحمل هذا المديح تهديدا خفيا بأن روسيا لن تقبل بالاعتراف سوى بالجيش الحر بانتظار أن يحسم أمر تصنيف المعارضة إلى معتدلة ومتطرفة.
وهو الأمر الذي أوكل إلى الأردن، لكن مؤتمر السعودية جعل أمر التصنيف صعبا بعد أن بدا أن الرياض أعادت تأهيل غالبية المعارضة وأظهرتها كمجموعات معتدلة، وهو ما يتنافى والخطة الروسية التي تريد تصنيف غالبية المعارضة كمتشددة خاصة تلك التي تقاتل الأسد وتطالب برحيله.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن إصرار الغرب على إزاحة الأسد قبل أن يعمل بشكل وثيق في مكافحة داعش “خطأ فادح”.
وقال مصدر روسي مطلع إن موسكو تحفظت على نتائج اجتماع المعارضة في الرياض لعدة اعتبارات أبرزها التمثيل الكبير للفصائل العسكرية في الهيئة العليا للمفاوضات. وقد حققت هذه الفصائل حصة تعادل ثلث المقاعد مما يعطيها حق تعطيل أيّ اتفاق أو تنازل في المفاوضات مع النظام.
ولم تدع إلى مؤتمر الرياض شخصيات مقربة من موسكو بشكل كاف وخصوصا قدري جميل المقيم في موسكو وصالح مسلم الزعيم الكردي الموالي للروس والإيرانيين.
وزاد البيان الختامي للمؤتمر في تأزيم الموقف حين شدد على رحيل بشار الأسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، وهذا يعاكس الخطة الروسية الأميركية التي تسمح للأسد بدور يستمر حتى بدء الانتخابات.
لكنّ المراقبين لفتوا إلى أن الانزعاج الروسي ليس فقط من إضفاء السعودية لصفة الاعتدال على فصائل تعد متشددة، ولكن للدور الذي أصبح للسعودية في الملف السوري، حيث بدت الرياض المرجعية الوحيدة للمعارضة وطرفا لا يمكن القفز عليه في أيّ حل، وهو ما يناقض ما تريد أن تبدو عليه موسكو من كونها ماسكة بكل أوراق الملف.
صحبفة العرب اللندنية