حرب معنوية أو “سيكولوجية”، وهي من موضوعات علم النفس الاجتماعي وعلم النفس العسكري، اختلف المتخصصون في مبناها اللغوي؛ فمنهم من يطلق عليها “الحرب الباردة”، ومنهم من يطلق عليها “حرب الأفكار” و”الحرب الدعائية”، ولكنهم جميعا اتفقوا على معناها القائل؛ لأنها “شكل من أشكال الصراع الذي يهدف إلى التأثير في الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، لإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن الحرب النفسية”.
وعرفت -أيضا- بأنها “استخدام النشاطات التي تسبب الخوف والقلق لدى الأشخاص الذين تريد التأثير فيهم دون الإضرار بهم جسديا”.
نشأة المصطلح
وردت عبارة “الحرب النفسية” لأول مرة في مؤلف الكاتب الألماني الكولونيل “بلاو”، وكان رئيسا للمعمل النفسي بوزارة الدفاع، وقد أصدره في 1930 بعنوان “ما معنى كل الدعاية؟”، ووضع فيه أسس الحرب النفسية.
شاعت فيما بعد عبارة “الحرب النفسية” خلال الحرب العالمية الثانية من قبل الحلفاء ودول المحور على السواء، وكانت تعبّر عن الدعاية المبنية على الاستفادة من دروس علم النفس، ومن بين أولى التعريفات للحرب النفسية في الجيش الأميركي، التعريف القائل إنها: “استخدام أي وسيلة بقصد التأثير في الروح المعنوية وعلى سلوك أي جماعة لغرض عسكري معين”.
ثم عرّفت في معجم المصطلحات الحربية للجيش نفسه بأنها “استخدام مخطط من جانب الدولة في وقت الحرب أو في وقت الطوارئ لإجراءات دعائية، بقصد التأثير في آراء جماعات أجنبية عدائية أو محايدة أو صديقة وعواطفها ومواقفها وسلوكها، بطريقة تعين على تحقيق سياسة الدولة وأهدافها”.
وقد عدل هذا التعريف في طبعة المعجم اللاحقة بحذف كلمتي “في وقت الحرب أو في وقت الطوارئ”؛ لأن مجال الحرب النفسية لا يقتصر على هذه الأوقات فقط.
وهناك نسخة خطية للبحرية الأميركية أُعدّت في 1946 وأعيدت كتابتها في 1950، وجاء فيها أن “المهمة الأساسية للحرب النفسية هي فرض إرادتنا على إرادة العدو، بغرض التحكم في أعماله بطرق غير الطرق العسكرية، ووسائل غير الوسائل الاقتصادية”.
مع ذلك لا يوجد تعريف محدد للحرب النفسية، فهي مرتبطة بالعلوم النفسية والاجتماعية، وظهرت نتيجة ثمار الوعي النفسي والتطبيق العملي للعلوم النفسية الحديثة.
وعلى الرغم من كونها ليست مثل الحرب المعروفة، التي تستخدم فيها الأسلحة والذخائر، فإنها لا تقل ضراوة وفتكا عن الحروب العسكرية، فسلاحها الكلمة والصورة التي تؤثر بالسلب أو الإيجاب في المعنويات، إضافة إلى المشاعر والمواقف وتصرفات المجموعات المعادية أو المحايدة أو الصديقة لتغيير السلوك نحو الهدف والمقصد الذي وجهت إليه الحرب النفسية، وذلك دعما لسياسة أو لأحداث راهنة، أو لخطة عسكرية، في ظروف الحرب أو الأزمات والمواجهات.
استعمالها تاريخيا
على الرغم من أن الحرب النفسية غالبا ما ينظر إليها على أنها اختراع حديث، فإنها من أصل قديم. إذ استخدمها “كورش” الكبير ضد بابل، و”زرك سيس” ضد الإغريق، وفيليب الثاني المقدوني ضد أثينا، وخالد بن الوليد ضد الروم، ويوسف بن تاشفين ضد القشتاليين، وعبد المالك السعدي ضد البرتغال؛ وكذا المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ومعروف أن “إستراتيجية الطابور الخامس” كانت أحد أساليب الحرب النفسية المستخدمة في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)؛ وهي عبارة عن فصيل من العملاء التخريبيين السريين الذين يحاولون تقويض تضامن الجماعة بأي وسيلة.
وينسب المصطلح تقليديا إلى أحد “الجنرالات” القوميين اسمه إميليو مولا، واستعملها خلال الحرب الأهلية أثناء تحرك 4 من كتائبه (طوابير) إلى مدريد، فأشار إلى وجود أنصاره المتشددين داخل العاصمة على أنهم “طابور خامس”، يعملون بالخفاء في مدريد بهدف تقويض الحكومة الموالية من الداخل.
كما استخدم المغول الحرب النفسية في العصور الوسطى، وكان لها أثر كبير في توسع رقعة دولتهم، فقد لجأ “جنكيز خان” إلى إرسال الجواسيس في بداية القرن 11 الميلادي، لبث الرعب في نفوس الأعداء، من خلال التهويل، وإطلاق الشائعات، ومحاولة إضعاف معنويات المقاتلين، عبر نشر الأخبار عن أعداد الجيش المغولي الكبيرة وأفعالهم الوحشية.
وكان يخدع جيش عدوه فيجعله يعتقد أن جيش المغول أكبر من الواقع عن طريق مجموعة مدربة من الفرسان، كانوا يتحركون بسرعة كبيرة من مكان إلى آخر.
الحربان العالميتان
ظهرت أهمية الحرب النفسية مع بدء استخدامها في السياسة بشكل واسع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، وبالتحديد مع ظروف تفكك الاتحاد السوفياتي، وهذا التصور للحرب النفسية واعتمادها في تحليل وإدارة الصراع أعطاها أهمية بالغة، ودفع العالم الغربي وأميركا في النظام الدولي الجديد إلى استخدامها ضمن أفضل الأسلحة المؤثرة التي هيأت العالم للقبول بانفراد أميركا برئاسة وقيادة العالم بعد انهيار السوفيات.
ولا يخلو التاريخ من صور الحرب النفسية، فقد كان استخدامها في فترة الحروب العالمية واضحا؛ إذ شهدت الحرب العالمية الأولى تحولات جذرية في وسائل العمليات النفسية، فبعدما كان استخدامها عرضيا أصبح فنا وعلما قائما بذاته، حتى إن بعض المهتمين قد ذهب إلى القول، إن كسب الحرب العالمية الأولى يعود الفضل فيه للعمليات النفسية.
على الرغم من عدم نجاح الألمان في دعايتهم خلال الحرب العالمية الأولى، ولا سيما في الجبهة الداخلية، فقد استفادت ألمانيا من هذا الدرس؛ إذ وصلت النازية إلى السلطة عن طريق استمالة الرجل العادي، عندما طبّق “هتلر” هذا التكتيك في الميدان الدولي، بادئا بالتأثير في الجماهير في كل مكان، فأقام عروضا تدل على القوة ثم انتهى إلى الوحشية الباردة التي لا يهمها ما يحدث في سبيل تحقيق أهدافها.
لذا فإن مجالات الدعاية في كلتا الحربين العالميتين كانت متشابهة، غير أن مجهودات الحرب النفسية في الحرب العالمية الثانية كانت أكبر في مجالها، فأصبح اسم الحرب النفسية الاسم الجديد للدعاية، وبدأ الراديو يلعب دورا رئيسا في نشر الدعاية بين عدد كبير من المستمعين لهذا الهدف.
وفي الحرب الثانية استطاعت دول المحور (إيطاليا، ألمانيا، اليابان، إسبانيا) أن تنال رضا شعوبها عبر حرب عدوانية، ثم تفتيت خصومها للحصول على النصر، فكان عليها أن تدخل الخوف والرعب في نفوس أعدائها المباشرين، وقد استخدمت الدعاية السوداء بشكل واسع النطاق قبل العمليات الحربية، على الرغم مما بذل من جهد كبير لإخفائها.
في السياق الاجتماعي
كان الإغريق يسمون الفيلسوف سقراط “الطبيب الأول”، وقد كان له كذلك إلمام كبير بالطب إلى جانب الفلسفة، ويحكى أن هذا اللقب الذي أطلق على سقراط قد أغاظ جاره الذي كان طبيبا بالفعل؛ مما دفعه إلى أن استنكر عند الملك إطلاق لقب “الطبيب الأول” على سقراط؛ مدعيا أنه أفضل منه وأحق بلقب “الطبيب الأول”؛ فبلغ ذلك سقراط فقال “إذا أثبت ذلك فهو الطبيب الأول ولست أنا”.
فسأل الملك الطبيب عن طريقة يثبت بها أنه أفضل من سقراط. فقال “سأسقيه السم الزعاف وهو يسقيني كذلك سما من صنعه؛ فمن عالج نفسه فهو الأعلم ومن مات فهو الخاسر”، فانهمك الطبيب في تحضير السم بينما استدعى سقراط 3 أشخاص، وأمرهم أن يسكبوا الماء في مدق ويدقوا باستمرار 40 يوما حتى يسمع جارُه الطبيب.
وفي اليوم المحدد التقى الطبيب وسقراط أمام الملك؛ وقد أعدّ كل منهما ترياقا لسم خصمه. فطلب الطبيب أن يبدأ سقراط بشرب السم فشربه، فاصفر لون سقراط وأصابته الحمى غير أنه ما لبث ساعة حتى شفي. بعد أن تناول ترياقه الذي أعدّه. ثم أمر الملك الطبيب أن يشرب السم الذي أعده سقراط وخلال لحظات وقع الطبيب على الأرض صريعا.
فقال سقراط للملك، ما أعطيته للطبيب لم يكن سما، بل ماء عذبا وسأشرب منه وأنتم ستشربون ولا ضرر منه. ثم سئل سقراط عن سبب موت الطبيب بعد شربه الماء؛ فأجاب بأنه سقط بسبب قوة الإيحاء لديه؛ بعد أن ظل 40 يوما يستمع إلى أصوات الدقاقين وهو يعتقد أنهم يعدّون له السم، فكان للعامل النفسي أثر أكبر من أثر السم، مما أدى إلى وفاته. وهكذا يكون سقراط قد قتل خصمه بالوهم فقط، أو ما نسميه اليوم بالحرب النفسية.
التاريخ الإسلامي
ولعل واحدا من أهم الأمثلة على الحرب النفسية ما أوهم به خالد بن الوليد خصومه الروم في معركة مؤتة بأن جيش المسلمين بات الليل يستقبل المدد؛ ثم في اليوم الموالي أوهمهم أنه يستدرجهم إلى كمين أعدّه لهم وراء تلة، فسحب جيشه وهم جاثمون ينظرون إليه ينسحب دون أن يطاردوه ويثخنوا فيه وهو مدبر عنهم.
وكذلك الكتمان الشديد الذي فرضه رسول الله ﷺ إبان التوجه إلى مكة لفتحها دون أن تعلم قريش فتستعد لحرب قد تكون طاحنة؛ إلى أن فوجئوا به على أبوابهم وهو على رأس جيش غفير لا طاقة لهم به، فاضطروا إلى تسليم مكة دون حرب.
وفي معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لعبت حماس على الوتر النفسي إلى جانب تقدمها العسكري، حتى صار جنود الاحتلال دائمي القلق والهلع والتوتر، شاعرين أن المقاومة تحيط بهم من كل جانب، فوصف بعضهم مقاتليها بالأشباح، وبلغ الأمر حد نشر المقاومة مقاطع فيديو مصورة من وسط خيام أقامها جنود الاحتلال في غلاف القطاع، التُقطت بكاميرا تخرج من تحت الأرض.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن التصريحات والبيانات التي يصدرها قادة المقاومة أسهمت في زعزعة ثقة المجتمع الإسرائيلي، فطالبت كثير من فئاته بإقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أوصل الوضع إلى ما هو عليه برأيهم.
فقد كشفت حماس -مثلا- أن الحكومة الإسرائيلية رفضت تسلّم جثث أسرى قتلوا في قصف الاحتلال رغم عرض منها بذلك، فثار أهالي المأسورين متهمين حكومتهم بخذلانهم، كما كان لصور تسليم الأسرى للصليب الأحمر وهم مبتسمون ومرتاحون ويودعون مقاتلي المقاومة أثر كبير في دحض الرواية الإسرائيلية الساعية إلى شيطنة المقاومة.
أهداف الحرب النفسية
تسعى الحرب النفسية إلى تحقيق أهداف عدة حسب الظروف والطرف المعادي، منها ما يلي:
إضعاف إيمان الجماعة المعادية بكل ما يخصها من دين وعقيدة أو مبادئ وقيم، عن طريق تضخيم بعض الأخطاء السلوكية أو التصورات الفكرية، وتهوين بعض القيم والتشهير بها إلى درجة الاستهزاء.
إثارة بذور وعوامل الفرقة والشقاق في نفوس الجماعة المحايدة أو المعادية، بتفريق أفراد الشعب عن القيادة وتفريق أبناء المجتمع الواحد عن بعضهم البعض.
تهويل وتضخيم الضائقة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، من أجل فرض الهيمنة والوصاية على الدولة المستهدفة، عن طريق قروض وخطط إنقاذ وفق شروط تزيد الدولة المستهدفة تبعية ورضوخا.
تحقيق السيطرة على إرادة الشعوب وقياداتها وتوجيهها، وحسب ما يخدم مصالح وسياسات الطرف المعادي، من خلال التشكيك في قدرات وخطط وبرامج البلدان المستهدفة، لجعلها تستسلم لقرارات الدول الاستعمارية دون نقاش ولا ملاحظة.
تشجيع ودعم التطرف الديني والسياسي للتشويش على القناعات والاعتقادات الدينية الصحيحة والمعتدلة والتشكيك في مصداقيتها.
تعميم مشاعر الإحباط واليأس بين أفراد المجتمع، خاصة بين فئة الشباب بحكم خصوصية اهتماماته وطموحاته، وغيرها من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وإستراتيجية.
ويؤكد مثل هذه الأهداف البروفسور “رجدار داکروس”، رائد الحرب النفسية في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، حينما قال، إن من أهم أهداف الحرب النفسية ما يلي:
تحطيم قيم وأخلاقيات الشعب الذي توجّه إليه الحرب النفسية.
إرباك نظرة الشعب السياسية وقتل معتقداته كافة، ومُثُله التي يؤمن بها.
قصف الشعب بـ”الدروس والمثُل” الجديدة ليؤمن بها بعد ذلك.
توسيع شقة الخلاف بين الحكومات وشعوبها.
غرس بذور الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
أدوات الحرب النفسية
لتحقق الحرب النفسية مفعولها ونتائجها، تعتمد على أدوات عدة؛ ومن أهمها:
الشائعات
تنقل الشائعات عن طريق الأفراد والصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون أو أجهزة الإعلام الأخرى؛ مثل: توجيه نداءات بواسطة مكبرات الصوت، وتوزيع المنشورات التي تحتوي التشجيع على الاستسلام؛ بهدف التأثير النفسي في الرأي العام المحلي، أو الإقليمي، أو العالمي، أو القومي؛ تحقيقا لأهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على نطاق دولة واحدة، أو دول عدة، أو على النطاق العالمي أجمع.
والشائعة تمس العديد من الأحداث، كالحرب والكوارث وارتفاع الأسعار أو علاقات سياسية أو اقتصادية، وقد تمس أشخاصا أو جماعات وغيرها، وتستهدف معنويات الشعب، لذا أطلق عليها الحرب المعنوية أو الحرب النفسية.
ومن أهم الوظائف الرئيسة للشائعات، إثارة الرعب في نفوس الأعداء، وتزييف الحقائق، ورفع الروح المعنوية أو تحطيمها، وتحطيم الثقة في المصادر الإعلامية والتشكيك فيها، وإثارة البلبلة والفوضى.
الدعاية
تشاع الدعاية في العدو لإرباك خططه ومشروعاته، ولها دور بارز في التأثير في واقع الأفراد والمجتمعات؛ فالقسم الأعظم من الحرب النفسية يُدار بواسطة الدعاية عبر نقل معلومات معينة وأفكار وآراء، وحتى أكاذيب، وأصبحت للدعاية في عصرنا الحالي مساحات واسعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي اختزلت الوقت وقربت أنحاء المعمورة حتى أصبح العالم قرية، إذ يؤثر ما يحدث في أقصى الشرق في واقع وحياة من في أقصى الغرب، والعكس صحيح.
كما تعرف الدعاية على أنها “التعبير عن الآراء أو الأفعال التي يفعلها الأفراد أو الجماعات عمدا، على أساس أنها ستؤثر في آراء أو في أفعال أفراد آخرين أو جماعات أخرى لتحقيق أهداف محددة مسبقا، وذلك من خلال المراوغات النفسية”.
وقد أسهم التطور التقني في زيادة تأثير الدعاية في الجماهير، فأصبحت الدول تبث وترسل أفكارها بغرض إحداث التأثير والسيطرة على الاتجاهات، موظفة في ذلك النظريات الحديثة في علم النفس والاجتماع والإعلام، التي تمكن من تعميق التأثير في الجماهير.
تاريخ الدعاية في الحقيقة هو تاريخ البشرية نفسه، فمنذ أن بدأ الإنسان يعبّر عن نفسه من خلال الكلمات والكتابة والرموز؛ لم ينفك يبحث بشتى الوسائل، من خلال الإيهام والمبالغة وتحريف الحقائق، وإعادة صياغة الأخبار من أجل الوصول إلى هدفه.
غسيل الدماغ
ويسمى -أيضا- الإقناع القسري، وله أهمية في الحرب النفسية لإقناع غير المؤمنين بقبول ولاء أو أمر أو عقيدة معينة. ويتم تطبيق المصطلح عموما على أي تقنية مصممة للتلاعب بالفكر أو العمل البشري ضد رغبة أو إرادة أو معرفة الفرد، من خلال التحكم في البيئة المادية والاجتماعية؛ حيث تتم محاولة تدمير الولاءات لأي مجموعات أو أفراد غير موالين، ولإثبات أن مواقف الفرد وأنماط تفكيره غير صحيحة ويجب تغييرها، ولتنمية الولاء والطاعة المطلقة تجاه الشخص والحزب الحاكم.
حظيت طبيعة غسيل الدماغ (كما حدث في السجون السياسية الشيوعية) باهتمام واسع بعد انتصار الشيوعيين الصينيين في 1949 وبعد الحربين الكورية والفيتنامية.
المقاطعة الاقتصادية
هي رفض منهجي وامتناع طوعي عن استهلاك منتجات شركة أو دولة ما، أو إقامة أي علاقة اقتصادية معها، للضغط عليها أو إرغامها على الاستجابة لمطالب محددة، كتغيير مواقفها أو سياساتها تجاه بعض القضايا.
وتعدّ المقاطعة الاقتصادية سلاحا رادعا فعَّالا في مواجهة الآخر وتطويع إرادته، لما تستطيع إلحاقه به من أضرار اقتصادية، كتراجع حجم المبيعات والصادرات، وما يترتب على ذلك من آثار سياسية واجتماعية.
الحرب النفسية هي أخطر الحروب التي تواجه الثورات والحركات الإصلاحية في كل زمان ومكان؛ إذ تحاول أن تصيب الأفكار والتعاليم والمبادئ الناهضة، وتحُول بينها وبين الوصول إلى العقول والرسوخ في القلوب.
كما تزرع بذور الفرقة والانقسام وتضع العقبات أمام التقدم والتطور، وتعمل في الظلام وتطعن في الخلف، وتلجأ إلى تشويش الأفكار، وخلق الأقاويل والإشاعات، ونشر الإرهاب واتباع وسائل الترغيب والتهديد.
واستعملت المقاطعة حديثا في قضايا كثيرة، منها دعوة الجماهير الإسلامية مقاطعة المنتجات السويدية بعد حادثة حرق القرآن في السويد، ودعوة مقاطعة المنتجات الفرنسية بعد نشر صحيفة فرنسية رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد -عليه الصلاة والسلام-.
وتضاف إلى ذلك الدعوة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، أو تلك التي تدعم شركاتها إسرائيل، وانتشرت تلك الحملات بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.