إن تعاظم التهديد الحوثي على حركة الملاحة في البحر الأحمر يصعد الهزة في سوق النقل البحري العالمي. تمر عبر مضائق باب المندب والبحر الأحمر نحو 30 في المئة من التجارة العالمية بالناقلات، ونحو 12 في المئة من التجارة البحرية العالمية للنفط. في أعقاب بيان شركات السفن الرائدة في العالم وشركة النفط “بريتش بتروليوم” عن تعليق عبور السفن في البحر الأحمر ومنه إلى قناة السويس، تحول الحدث من أزمة محلية إسرائيلية إلى أزمة عالمية.
إن توقيت الأزمة يلتقي سوق السفن العالمية في نقطة زمنية مريحة نسبياً. فأسعار النقل البحري انخفضت جداً في السنة الأخيرة وعادت إلى مستويات ما قبل أزمة كورونا. كلفة النقل من الشرق إلى الغرب انخفضت من أكثر من 10.000 دولار للحاوية إلى 1.500 دولار فقط.
إن إطالة مدة السفر من الشرق إلى الغرب في هذا الوضع، وإن كانت ترفع كلفة النقل وتمس بأزمنة التوريد، لكن فائض قدرة النقل البحري العالمي سيسمح بمواجهة هذا الضرر دون خطر على تشويش متواصل في سلسلة التوريد. وثمة دليل على الرد المعتدل نسبياً من جانب السوق، وهو في أسعار النفط التي وإن ارتفعت بنحو 8 في المئة في الأسبوع الماضي، فهي أدنى بنحو 7 في المئة بالنسبة لأسعار 6 أكتوبر، عشية الحرب.
غلاء الاستيراد البحري من أسواق الشرق
المرحلة الأولى في الحصار الاقتصادي على الاستيراد من الشرق إلى إسرائيل بدأت منذ نهاية تشرين الثاني، ببيان شركة “سيم” ومشغلي سفن أخرى مخصصة لموانئ إسرائيل بتحويل الحركة من الشرق إلى إسرائيل حول إفريقيا في ظل إطالة مسار السفر بأسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
من ناحية اقتصاد إسرائيل، تسبب التهديد الحوثي بالغلاء والضرر لسلسلة توريد الاستيراد البحري من أسواق الشرق الذي يبلغ مداه نحو 80 مليار شيكل في السنة. وغلاء المعيشة هذا قد يتضرر بنحو 700 مليون شيكل في الشهر بسبب غلاء كلفة النقل والضرر الواقع على سلسلة التوريد.
لكن الضرر الاقتصادي لإسرائيل يتقزم مقابل خطر الضرر لجيرانها. فوقف الحركة في قناة السويس سيضر بالاقتصاد المصري الذي تصل مداخيله من العبور في القناة إلى 3 مليار شيكل في الشهر.
وللأردن أيضاً، الذي يعد ميناء العقبة مخرجه الوحيد إلى البحر، تعلق عال بالحركة البحرية في البحر الأحمر. فتعطيل حركة السفن في البحر الأحمر سيضع الأردن في حصار بحري تام، ومن المتوقع أن يستند إلى الاستيراد عبر ميناء حيفا ومعبر الحدود في بيسان.
ضربة أليمة لإيلات
سيكون الضرر الاقتصادي الأساس في إسرائيل لميناء إيلات واقتصاد مدينة إيلات. ميناء إيلات مسؤول عن أقل من 5 في المئة من إجمالي حجم الاستيراد لإسرائيل، لكن له دوراً مهماً في تصدير البوتاس واستيراد السيارات – نحو 50 في المئة من استيراد السيارات لإسرائيل يتم عبره. التهديد الحوثي يؤدي إلى تعطيل شبه تام للنشاط الاقتصادي في الميناء في ظل الضرر الذي يلحق مداخيله وعماله، والموردين والمقاولين الذين يقدمون له خدمات مساندة.
من ناحية اقتصاد مدينة إيلات، هذه ضربة أليمة على نحو خاص، وذلك بعد أن تعرضت المدينة لضرر اقتصادي عال عقب انهيار فرع السياحة مع نشوب الحرب. في الواقع الاقتصادي الحالي، على الحكومة أن تعترف بأنه وبالتوازي مع الحاجة إلى إعادة تأهيل سكان غلاف غزة ومساعدتهم الاقتصادية هم وسكان خط المواجهة في الشمال، فإن إيلات منطقة تضررت اقتصادياً أيضاً في الحرب، وهي بحاجة إلى برامج مساعدة خاصة.