يبدو أن إيران وذراعها “الثورية” من الحرس، إلى الفيلق المسمى باسم القدس، لم يعد في جعبته غير استنساخ مزيد من الادعاءات المتعلقة بخسارة إيران رصيدها في الشارعين العربي والإسلامي، من خلال محاولة التطهر بفلسطين والقدس أو بالمقاومة من خلال التأكيد كل مرة أن كل ما يتعلق بعضلات الفلسطينيين وإرادتهم وتفكيرهم مرجعها “إيراني” صرف، وأن كل ضربة توجه لإيران في سوريا من خلال ضرب مواقع حرسها أو اغتيال ضباطها هناك، وآخرهم المستشار رضى موسوي، وتقوم بربطه إما بطريق القدس أو تعظيم وتفخيم مهام من يسقطون نتيجة الاعتداءات الصهيونية المتكررة، ولرفع العتب كما هو معروف من إيران ومن محورها في دمشق وبقية الفروع، لعدم الرد على العدوان أو القيام بمساندة حقيقية للحلفاء، بعيداً عن أيضاً عن شعارات حرق تل أبيب في سبع دقائق أو التهديد بتسوية تل أبيب بالأرض، ثم ابتكار مصطلح الرد الذكي على العدوان.
قامت طهران مؤخراً بنسب كل عملية طوفان الأقصى أنها انتقام لمقتل قاسم سليماني، ثم جاء النفي من حركة حماس وتكذيب الرواية الإيرانية وهي أول مرة تقوم فيها الحركة بلجم التصريحات الإيرانية أو تكذيبها بهذا الشكل، ومن الجيد أنها أصدرت هذا النفي والتوضيح الذي ليس في حاجة لتوضيح عن أسباب وظروف عملية “طوفان الأقصى” نظراً لمئات البيانات الصادرة عن المقاومة وتأكيدها الدفاع عن المقدسات والأرض، ومواجهة سلوك الاحتلال وجرائمه.
وفي واحدة من أكبر الإساءات والمغالطات المكشوفة، تحاول طهران منح الاحتلال ذريعة تصديق روايته أن المقاومة في فلسطين تنفذ أجندة طهران في غزة، وأن على الغرب أن يدعم الاحتلال للوقوف بوجه طهران و”أذرعها” لن تصمد الكذبة سريعا أمام نفي حركة حماس لتصريحات الناطق باسم الحرس الثوري رمضان شريف، حتى خرج قائد الحرس حسين سلامي لنفي هذه مزاعم الناطق باسمه ويؤكد على “فلسطينية ” الطوفان تنفيذا وجهداً “دون أي دعم خارجي وهي رد فعل على 75 عاما من الظلم والاحتلال”
سيل البيانات
وبالعودة للمواقف الإيرانية المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على مواقع الحرس في سوريا وقيام الاحتلال بتصيد بعض قادته ورموزه وآخرهم رضي موسى، وكثرة البيانات قبل الجنازة وأثناءها عن كيفية وسبل الرد الإيراني في تذكير لسيل البيانات التي أعقبت مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أمريكية في محيط مطار بغداد مطلع العام 2020، ومحاولة البحث عن شماعة تحمل الرد عن طهران في أي مواجهة لتقول إن طهران قد قامت بتنفيذ تهديدها، ولم تجد المؤسسة الإيرانية عبارات مناسبة غير العودة لقاموس “الزمان والمكان المناسبين” اليوم، وهو الأكثر انسجاماً مع طبيعة المواقف الإيرانية مع حليفها السوري بما يتعلق بالرد على العدوان الإسرائيلي باستخدام هذه المصطلحات التي لا تثير شهية تصديق كل ما يصدر عن محور طهران بما يتعلق بفلسطين والمقاومة نظراً لنزيف خسارة هذه الشعارات على مدار 12 عاما من الثورات العربية وفي المواجهة الآنية التي يقول عنها قائد فيلق القدس إن ” المقاومة ” ليست بحاجة لإسناد من المحور لقدرتها على مواجهة العدوان التخبط الإيراني من تعويم تصريحات كثيرة متعلقة بفلسطين، انهارت وتعرت، وما قدرة المقاومة بفلسطين وشجاعتها من إحداث هذا التخبط ليس في طهران فقط وعواصم عربية كثيرة تشارك طهران أكاذيب دعم فلسطين، بل أحدث تخبطا عالميا من قدرة الشعب الفلسطيني من توجيه صفعة قوية للمشروع الاستعماري في فلسطين.
حفر الأنفاق
وبات واضحاً للمقاومة وللشعب الفلسطيني ولمن يدعي أنه حليف ” للمقاومة” أن مفهوم الإسناد والدعم يمكن تصديق دروسه من خلال رؤية الدعم الأمريكي للمشروع الاستعماري ومن الدعم الروسي والإيراني لتثبيت رأس النظام السوري، وحدهم الفلسطينيون حفروا بأظافرهم الأنفاق وصنعوا بعض السلاح وإرادتهم هي الحاضرة في كل المدن الفلسطينية للمواجهة، لم يطلبوا عوناً على الطريقة الأمريكية لدعم المشروع الاستعماري ولا على الطريقة السورية لتثبيت طاغية، ولا كل الطرق المزيفة لدعم الشعب الفلسطيني يمكنها الاستمرار بالادعاءات نفسها المستمرة لا في طهران ولا في عواصم عربية تعجز وتفشل في أخلاقها وسياساتها وتفقد من رصيدها وقيمها، بردع العدوان أو تقديم شربة ماء، أو إنقاذ جريح ووقف عداد الموت الفلسطيني، وهنا نقول إن التخبط ليس إيرانياً فقط لحمله شعارات ثقيلة، إنما تخبط عربي مرتبك من شجاعة وبسالة الفلسطينيين الذين قزموا جنرالات العرب والمحتل وقادة الفيالق من جولاني حتى لواء القدس.