قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي، إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أسفرت عن مقتل 13 شخصاً على الأقل، من بينهم اثنان من كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، تقوض مفهوم “الصبر الإستراتيجي” الذي طوره النظام الإيراني. لكن، ومع ذلك، لا يبدو أن طهران ترغب في الدخول بحرب مباشرة مع تل أبيب.
وأضاف الموقع الفرنسي القول إن هذه الضربة هي أعلى درجة يصل إليها الجيش الإسرائيلي على الإطلاق في سلم التصعيد بين طهران وتل أبيب. فالصواريخ الستة التي أطلقتها مقاتلات إسرائيلية يوم الإثنين في وضح النهار، على القنصلية الإيرانية في منطقة الوزارات والسفارات بالعاصمة السورية، لم تدمر هذا المبنى بالكامل فحسب، بل أيضاً، بحسب الصحافة الإيرانية، قتلت سبعة من ضباط فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المسؤول عن العمليات الخارجية للجمهورية الإسلامية.
وأشار “ميديابارت” إلى أن الهجوم جاء في أعقاب هجمات أخرى كثيرة. ومن بين آخر الهجمات المنسوبة لإسرائيل، عملية مقتل السيد راضي موسوي، في كانون الأول/ ديسمبر 2023، في دمشق. وهو ضابط آخر في فيلق القدس، مسؤول عن نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية. وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، اغتيل حجة الله أوميدفار، نائب رئيس الاستخبارات العسكرية بالقرب من دمشق. يضاف إليهم قادة كتيبة الرضوان الثلاثة، القوات الخاصة التابعة لحزب الله، الذين قتلوا في جنوب لبنان، بالإضافة إلى نحو 270 مقاتلاً آخرين حتى الآن.
ويوضح “ميديايارت” أن الهجمات الإيرانية لم تستهدف إسرائيل بشكل مباشر قط، بل فضلت مهاجمة حلفائها، كما حدث في أربيل، عاصمة كردستان العراق، حيث أُطلقت في الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني، صواريخ باليستية وطائرات انتحارية بدون طيار على أحد الأحياء الراقية في المدينة، مما خلّف أربعة قتلى والعديد من الجرحى وأضرارا جسيمة.
لكن هذه المرة المخاطر أعلى، يقول الموقع الفرنسي، موضحاً أنه على الرغم من أن التمثيل الإيراني في دمشق معروف بأنه مقر قيادة فيلق القدس في المنطقة، إلا أن القنصلية المعنية تتمتع بالحماية الدبلوماسية والحرمة، كما يتمتع موظفوها بالحصانة. لذلك، كانت الأراضي الإيرانية هي التي تأثرت بطريقة ما. ولم يتردد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، يوم الثلاثاء، في وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه “انتهاك لجميع الالتزامات والمواثيق الدولية”.
بالنسبة لطهران، تكمن الصعوبة الآن في كيفية ردها بحيث لا يؤدي إلى صراع مباشر مع الدولة العبرية. ويعتقد المسؤولون الإيرانيون أن الهجمات الإسرائيلية هي فخ نصبته تل أبيب لجرهم إلى حرب يمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى مواجهة مع الولايات المتحدة، حيث ستخسر طهران كل شيء. فخطر المواجهة هذا تخشاه أيضاً الولايات المتحدة، التي أعلنت بسرعة كبيرة أنها لم تكن متورطة في الهجوم على القنصلية، يُشير الموقع الفرنسي.
واعتبر “ميديايارت” أن الخيارات المتاحة للنظام الإيراني كلها تحمل مخاطر، خاصة إذا قام بالانتقام من الداخل. لكن احتمال اللجوء مرة أخرى إلى حلفائه ووكلائه على الجبهات اللبنانية والعراقية واليمنية والسورية لا يخلو من المخاطر أيضاً، في وقت يبدو أن نتنياهو يسعى إلى المواجهة.