لندن – استحوذ الأحد مستثمرون من خارج المملكة العربية السعودية، أغلبهم من أوروبا والولايات المتحدة، على غالبية الأسهم التي طرحتها شركة أرامكو النفطية للبيع.
وأشارت الشركة إلى أنها ستجمع من خلال ذلك 11.2 مليار دولار، وهو ما يبدد تقديرات متشائمة ويؤكد أن نوعية المشاريع وليس طريقة إدارتها هي ما يحدد استعداد المستثمرين للتوافد والاستثمار في السعودية.
وكثيرا ما حاول محللون غربيون الربط بين إدارة السعودية لأصولها الاستثمارية المحلية ورغبة المستثمرين الأجانب في القدوم وضخ الاستثمارات في السوق السعودية، لكن نجاح أرامكو السريع في استقطاب المستثمرين الأجانب وضع تلك التقديرات جانبا.
ويقول خبراء اقتصاديون إن المستثمرين الأجانب يقبلون على الاستثمار في أرامكو باعتبار أنه قطاع واضح المعالم ومستقر في حين أن قطاعات أخرى ومشاريع أخرى قد لا تكون بنفس درجة الإغراء.
حوالي 58 في المئة من الأسهم خصصت لأجانب، بزيادة عن نسبة 23 في المئة التي اعتمدت في الطرح العام الأولي
وكانت وفود تمثل مشاريع خضراء ومشاريع عقارية وتنموية في شمال السعودية، وخصوصا مشروع نيوم، قد قامت بجولات في أوروبا والصين ودول في الشرق الأقصى لعرض الاستثمار في هذا المشروع العملاق الذي يعد إحدى أهم ركائز رؤية 2030، ولكن لم ترشح من أطراف سعودية أو غربية معلومات تفيد بذهاب استثمارات في المشروع.
ويرى الخبراء أن المستثمر يختار حسب معايير المفهوم والمضمون من الأصول لكنه يتردد عندما يجد أن المشروع ضخم جدا ويستلزم استثمارات كبيرة وسنوات طويلة وليس لأنه في السعودية.
وقالت إلين والد، من مركز “المجلس الأطلسي للأبحاث” ومؤلفة كتاب عن تاريخ أرامكو، إنه “ليس مستغربا أن يرغب المتداولون المؤهلون في شراء الأسهم، خصوصا بعد رؤية كيفية صرف توزيعات الأرباح بغض النظر عن حجم الإيرادات التي حققتها الشركة”.
وذكرت أرامكو العام الماضي أنها ستشرع في توزيع أرباح على أساس الأداء بالإضافة إلى أرباحها الأساسية. وأعلنت الشهر الماضي عن توزيعات أرباح أساسية للربع الأول يبلغ مجموعها 20.3 مليار دولار، وتوزيع أرباح مرتبطة بالأداء بقيمة 10.8 مليار دولار سيتم دفعها في الربع الثاني.
وكانت المجموعة العملاقة التي معظمها مملوك للدولة قد أعلنت في أواخر مايو الماضي طرح 1.545 مليار سهم، أي نحو 0.64 في المئة من أسهمها المصدرة، للبيع في السوق السعودية.
ويعد هذا الطرح الثاني بعد طرح عام أولي في 2019 لحوالي 1.5 في المئة من أسهم الشركة التي تعد خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، وقد جمع 25.6 مليار دولار، ما جعله أكبر طرح عام أولي في العالم.
وقالت الشركة في بيان موجه إلى سوق الأسهم السعودية إن الطرح الأخير “تم بموجبه تخصيص غالبية الأسهم المخصصة لشريحة المؤسسات المكتتبة في الطرح لمستثمرين خارج المملكة”.
وأنهت أرامكو تداولاتها الأحد عند 28.60 ريال سعودي (7.63 دولار) للسهم، بعد الافتتاح عند 27.95 ريال، ما يمنحها قيمة سوقية تبلغ حوالي 1.85 تريليون دولار.
وأفادت مصادر مطلعة على الملف بأن حوالي 58 في المئة من هذه الأسهم خصصت لأجانب، بزيادة عن نسبة 23 في المئة التي اعتمدت في الطرح العام الأولي الذي كان الأكبر في العالم.
وأشارت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، إلى أن نحو 70 في المئة من طلبات الاكتتاب من خارج السوق المحلية كانت من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بينما تنوعت الأخرى بين اليابان وهونغ كونغ وأستراليا.
وكانت أرامكو أعلنت الجمعة تحديد سعر الطرح النهائي بمبلغ 27.25 ريال سعودي للسهم الواحد. وهذا الرقم هو أقرب إلى الحد الأدنى ضمن النطاق السعري الذي تمّت الإشارة إليه سابقا، وتراوح بين 26.7 ريال (7.12 دولار) و29 ريالاً (7.73 دولار).
وأنهت الشركة تداولات الخميس عند سعر 28.30 ريال للسهم الواحد، ما يجعل قيمتها السوقية عند نحو 1.83 تريليون دولار. وبموجب سعر السهم المحدد الجمعة تناهز القيمة السوقية للشركة 1.76 تريليون دولار.
وكانت أرامكو أشارت الجمعة إلى أنه “سيتم تخصيص كافة الأسهم المخصصة للمكتتبين الأفراد بحيث يعطى كل مكتتب ما لا يقل عن 10 أسهم، وسيتم تخصيص الأسهم المتبقية على أساس تناسبي بمتوسط تخصيص قدره 25.13 في المئة”.
وقال مصدر مطلع على عملية الاستحواذ لوكالة فرانس برس إن تغطية التجزئة تضاعفت 3.7 مرات، وإن إجمالي الطلب من المستثمرين من المؤسسات والأفراد تجاوز 65 مليار دولار.
وفي إشارة إلى طرح 2019 لفت المصدر إلى أن “الصفقة برمتها كان سيغطيها الطلب العالمي مرات عدة. لقد كانت أقوى بكثير في هذه المرحلة مما كانت عليه في الطرح العام الأولي”.
ورأى المصدر أن الطرح هو أكبر طرح ثانوي في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا منذ عام 2000، وأكبر صفقة في أسواق المال على مستوى العالم منذ عام 2021، وأكبر طرح في الشرق الأوسط منذ الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو، والذي جمع 29.4 مليار دولار في نهاية المطاف.
وتعد المملكة العربية السعودية أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم. وقبل الإعلان عن الطرح الجديد، كانت الحكومة تمتلك 82.18 في المئة من أسهم أرامكو. وباتت النسبة نحو 81.5 في المئة بعد الطرح الثاني. ويسيطر صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي، والشركات التابعة له على نحو 16 في المئة من أسهم الشركة.
العرب