الباحثة شذى خليل*
شهدت صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة تقلبات على مر العقود بسبب الأحداث السياسية والاقتصادية المختلفة. في منتصف القرن العشرين، قامت العراق بتأميم صناعتها النفطية، مما أدى إلى زيادة السيطرة الحكومية على إنتاج النفط وصادراته. وخلال هذه الفترة، أصبحت العراق عضوًا مؤسسًا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في عام 1960، مما أثر بشكل كبير على سياساتها في تصدير النفط.
ديناميكيات تجارة النفط بين العراق والولايات المتحدة
تسببت الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات وحرب الخليج في عام 1991 في تعطيل قدرات العراق على إنتاج وتصدير النفط بشكل كبير. وكان للتدخل العسكري الأمريكي في العراق في عام 2003 والإطاحة بالنظام السابق تأثير عميق على صناعة النفط في البلاد. وشهدت الفترة التي تلت الغزو جهودًا لإعادة بناء البنية التحتية النفطية للعراق، حيث لعبت الشركات الأمريكية دورًا كبيرًا في هذه العملية.
الاتجاهات الحديثة
في السنوات الأخيرة، تأثرت صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة بالتغيرات في أسواق النفط العالمية، وتغيرات في سياسات الطاقة الأمريكية، والتطورات الجيوسياسية الإقليمية. أدت طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة في أوائل العقد الثاني من القرن الحالي إلى تقليل الاعتماد الأمريكي على النفط الأجنبي، بما في ذلك الواردات من العراق. بالإضافة إلى ذلك، كان لعدم الاستقرار السياسي والتحديات الأمنية داخل العراق تأثير دوري على مستويات إنتاج النفط وصادراته.
اعتبارًا من الثلث الأول من عام 2024، انخفضت صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة بشكل كبير، مما يعكس الاتجاهات الأوسع في سوق النفط العالمية والتحديات الخاصة التي يواجهها العراق. يبرز هذا الانخفاض الطبيعة الديناميكية لتجارة النفط العالمية والعوامل المختلفة التي تؤثر عليها، من أسعار السوق وقدرات الإنتاج إلى التوترات الجيوسياسية والتغيرات في السياسات.
يتيح فهم السياق التاريخي لصادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة الحصول على رؤى قيمة حول الوضع الحالي وتوقع الاتجاهات المستقبلية في هذا الجانب الحاسم من الاقتصاد العالمي للطاقة. شهدت صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة انخفاضًا ملحوظًا خلال الثلث الأول من عام 2024، حيث انخفض معدل التصدير اليومي إلى 170,000 برميل مقارنة بـ 250,000 برميل في نفس الفترة من عام 2023.
وفقًا للعبيدي، صدرت العراق إجمالي 20.5 مليون برميل بقيمة 1.6 مليار دولار في الثلث الأول من عام 2024، بمتوسط سعر قدره 78.17 دولارًا للبرميل. ويقارن هذا بـ 29.35 مليون برميل بقيمة 2.18 مليار دولار تم تصديرها خلال نفس الفترة من عام 2023، والتي كان متوسط سعرها 74.15 دولارًا للبرميل. يشير هذا إلى انخفاض بنسبة 30% في كمية الصادرات وانخفاض بنسبة 26.3% في القيمة على أساس سنوي.
تحتل العراق الآن المرتبة الثامنة بين أكبر مصدري النفط إلى الولايات المتحدة، حيث تشكل 2.66% من إجمالي واردات النفط الخام الأمريكية. هذا يمثل انخفاضًا من الحصة التي كانت 3.9% خلال نفس الفترة من العام الماضي.
نظرة عامة على واردات النفط الخام الأمريكية
في الثلث الأول من عام 2024، استوردت الولايات المتحدة 771 مليون برميل من النفط الخام من مختلف الدول، بمتوسط 6.4 مليون برميل يوميًا وبقيمة إجمالية قدرها 53.2 مليار دولار. هذا يمثل زيادة طفيفة مقارنة بـ 750 مليون برميل تم استيرادها في الثلث الأول من عام 2023، بمتوسط 6.3 مليون برميل يوميًا وبقيمة 51.3 مليار دولار.
حافظت كندا على موقعها كأكبر مصدر للنفط الخام إلى الولايات المتحدة، حيث صدرت 494 مليون برميل بمعدل يومي قدره 4.12 مليون برميل، بقيمة 31 مليار دولار في الثلث الأول من عام 2024. يمثل هذا زيادة مقارنة بـ 459 مليون برميل بمتوسط 3.86 مليون برميل يوميًا وبقيمة 28.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023. تلت كندا في الترتيب المكسيك، السعودية، كولومبيا، والبرازيل كمصادر رئيسية للنفط الخام للولايات المتحدة.
التبعات والتحليل
يمكن عزو انخفاض صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة إلى عوامل متعددة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، التغيرات في ديناميكيات إنتاج النفط العالمية، والتحولات في سياسات الطاقة الأمريكية. يعكس ارتفاع متوسط سعر البرميل في عام 2024 الاتجاهات الأوسع في سوق النفط العالمية، بما في ذلك قيود العرض وزيادة الطلب بعد الجائحة.
تشير زيادة صادرات كندا إلى أهميتها المتزايدة كمورد موثوق ومستقر للنفط إلى الولايات المتحدة. تشير البيانات إلى تحولات استراتيجية في مصادر واردات النفط الخام الأمريكية، تفضل الدول التي لديها سلاسل إمداد أكثر استقرارًا وقابلية للتنبؤ.
ختاما يسلط انخفاض صادرات النفط العراقية إلى الولايات المتحدة الضوء على التغيرات الكبيرة في مشهد تجارة النفط العالمية. بينما تراجعت حصة العراق في سوق واردات النفط الأمريكية، عززت دول أخرى مثل كندا مواقعها. تعتبر هذه الاتجاهات حاسمة لمراقبتها من قبل أصحاب المصلحة في قطاع الطاقة، لأنها تؤثر على أسعار النفط العالمية، سياسات التجارة، والعلاقات الدولية.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية