بينما كانت أسواق المال العالمية تتوقع قبل أسابيع بلوغ سعر وحدة بيتكوين، العملة الأشهر بين العملات المشفرة، مستوى 100 ألف دولار خلال وقت لاحق من العام الجاري، على أن يتبعها صعود مثير ومتواصل لجميع العملات المشفرة الأخرى، سارت حركة السوق والأسعار عكس التوقعات وخيبت آمال صغار المستثمرين والصناديق الكبرى معاً.
وتعرضت العملات الرقمية لضربات موجعة في الفترة الماضية، وهو ما أدى إلى حدوث تراجع حاد في أسعارها مع تعرض المضاربين لخسائر فادحة، فسعر بيتكوين تراجع من حاجز 75 ألفاً و830 دولاراً، وهو المستوى القياسي الذي بلغه يوم 14 مارس/آذار الماضي، إلى أقل من 53 ألفاً و550 دولاراً يوم 5 يوليو/تموز الجاري، أي أنها فقدت نحو 30% من قيمتها خلال أربعة أشهر.
وكان من المتوقع مواصلة الأسعار تراجعها وفقدان تلك العملات بريقها لأسباب عدة، منها اقدام الحكومة الألمانية على بيع جزء من محفظتها من العملات المشفرة، وقيام عدد من المستثمرين بالتخلص مما في حوزتهم من بيتكوين وغيرها من العملات، وتحسن مؤشرات الأسهم في بورصة “وول ستريت” وغيرها من البورصات وأسواق المال الأوروبية والآسيوية، وهو ما قاد إلى عمليات بيع مكثف في أسواق العملات المشفرة، مع توجه المستثمرين نحو تلك البورصات وشراء الأسهم.
كما شهدت سوق العملات الرقمية تصفية هائلة للمراكز الطويلة في سوق العقود الآجلة لبيتكوين بهدف جني الأرباح السريعة، مع فقدان الشهية من قبل المستثمرين الذين هرع بعضهم نحو البيع تفاديا لمزيد من الخسائر.
وتلقت تلك العملات أيضاً ضربة أمنية، إذ نهب القراصنة عملات مشفرة بقيمة 1.38 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، وهو أكثر من ضعف نفس الفترة من العام الماضي والبالغ 657 مليون دولار.
البيتكوين والعملات الرقمية .. حلال أم حرام؟
لكن العملات الرقمية استردت عافيتها عقب الإعلان عن محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الحالية دونالد ترامب، حيث زادت بنسبة تصل على نحو عشرة في المائة في ثلاثة ايام، فيوم الأحد، صعدت بيتكوين بنسبة 4.3% بعد الإعلان عن محاولة الاغتيال. وواصلت الصعود أمس الاثنين حيث شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في سعرها ووصلت إلى أعلى مستوى لها عند 62.782 دولار.
وواصلت الارتفاع خلال تعاملات اليوم الثلاثاء للتجاوز بيتكوين 64 ألف دولار، بدعم من تصاعد احتمالات فوز ترامب المعروف بتأييده للقطاع، فضلاً عن أنباء متداولة حول بدء تعاملات صناديق الإيثريوم المتداولة في السوق الأميركي الأسبوع المقبل، وموافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بشكل مبدئي على إطلاق ثلاثة من شركات إدارة الأصول صناديق متداولة فورية لعملة الإيثريوم، وإتاحتها للتداول اعتباراً من الثلاثاء المقبل.
مبررات الزيادة هذه المرة تنطلق من الأجواء المصاحبة لمحاولة اغتيال ترامب الداعم القوي للعملات الرقمية على عكس بايدن وفريقه، وما تردد عن لقاء مرتقب يجمع ترامب بأصحاب الصناديق والمستثمرين في تلك العملات خلال مؤتمر بيتكوين 2024 المقرر عقده بولاية تينيسي في 27 يوليو الجاري وكشفه عن تفاصيل خطته. كما أن تراجع الأسعار أغرى الحيتان الكبار لعودة الشراء بكثافة حيث اشتروا 71 ألف وحدة من بيتكوين مطلع يوليو الجاري.
في كل الأحوال، ورغم التطورات الإيجابية المتوقعة لأسعار تلك العملات، لا يزال الوقت مبكرا للتعامل مع العملات الرقمية باعتبارها إحدى أدوات الاستثمار شبه الآمنة حتى في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولا يزال الذهب والدولار هما الاستثمار القوي وشبه الآمن مقارنة بتلك العملات عالية المخاطر.
تبييض وجه العملات الرقمية القبيح
ومن المتوقع أن تميل الكفة لصالح الذهب في الفترة المقبلة لأسباب، منها بدء تراجع أسعار الفائدة على الدولار، وزيادة المخاطر في حال فوز ترامب، فمن المتوقع إثارته مشاكل عدة تسبب ربكة في المشهد الاقتصادي الدولي، منها إشعال حرب تجارية شرسة مع الصين مجدداً، وربما حرب عملات، وتأزيم الوضع مع إيران، وإثارة المشاكل التجارية والاقتصادية حتى مع الشركاء التجاريين في أوروبا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط.
العربي الجديد