يشي استنفار المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور ـ شرقي سورية ورفع حالة التأهب ضمن القواعد الأميركية في هذا الريف، بأن الشرق السوري ربما يكون مجدداً ساحة تبادل رسائل بين طهران وواشنطن في ظل التوتر الذي يضرب الشرق الأوسط، على ضوء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. وذكرت شبكات إخبارية محلية، أمس الخميس، أن المليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، نصبت راجمات صواريخ جديدة، في بادية ريف دير الزور الشرقي وتحديداً جنوبي قلعة الرحبة، وقرب مزارع عين علي، في ظل استنفار للعناصر في عموم محافظة دير الزور. وأكدت خروج سيارات مغطاة (يعتقد أنها تحمل صواريخ)، من مستودعات الأسلحة التابعة لمليشيا فاطميون، وتوجهت إلى عدة مقرات للمليشيات في محيط مدرسة “عبد المنعم رياض” بمدينة الميادين شرقي دير الزور.
استنفار متبادل شرقي سورية
وذكر الناشط وسام العكيدي، وهو من أهالي ريف محافظة دير الزور، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن القوات الأميركية المنتشرة ضمن قاعدة حقل كونيكو للغاز في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، وقاعدة حقل العمر بريف دير الزور الشرقي، وقاعدة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وقاعدة مطار خراب الجير بريف محافظة الحسكة الشرقي، استنفرت قواتها ووضعتها في حالة تأهب، خشية تعرض تلك القواعد للاستهداف الصاروخي أو عبر الطائرات المُسيّرة للمليشيات الإيرانية المنتشرة على الضفة المقابلة من نهر الفرات، شرقي محافظة دير الزور. وبيّن أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فعّل أمس الأول الأربعاء بعض منظومات الدفاع الجوي التي أدخلها قبل أيام إلى تلك القواعد.
وتأتي هذه التحركات من الجانبين في ظل توتر واسع النطاق تشهده منطقة الشرق الأوسط على ضوء اغتيال إسماعيل هنية، وهو ما قد يستدعي رداً إيرانياً ربما يشمل القواعد الأميركية شرقي سورية تحديداً. وتعتبر طهران القوات الأميركية في ريف دير الزور هدفاً في المتناول، لذا من المتوقع أن يشهد شرقي سورية تصعيداً واسعاً في حال اتساع دائرة الصراع على خلفية التوتر الحاصل بسبب عملية الاغتيال التي تمت في قلب العاصمة الإيرانية طهران. وأوضح مدير مركز الشرق نيوز فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن المليشيات الإيرانية “مستنفرة بالفعل في أماكن تمركزها بريف دير الزور على ضفة نهر الفرات الجنوبية”، مضيفاً: “يبدو أن هناك تخوفاً من التحالف الدولي من شن هجمات ضد قواعده، لذا هناك طيران ليلي منذ أيام فوق هذه القواعد وعلى طول النهر”. وبيّن أن “هناك إعادة تموضع لبعض المليشيات الإيرانية تحسبا لأي تصعيد يمكن أن يدفع الطيران الأميركي لشن هجمات عليها”، مضيفا: هناك أنباء عن تغيير قياديين في بعض المليشيات.
تصعيد متدحرج
وتعليقاً على الاستنفار المتبادل شرقي سورية رأى المحلل العسكري ضياء قدور، في حديث مع “العربي الجديد”، أن التصعيد “بدأ من قبل إيران ومليشياتها ضد القواعد الأميركية شرقي سورية قبل أن تبدأ الجولة الإسرائيلية من الاغتيالات في طهران وبيروت”، مضيفاً: قبل أيام وجهت طهران أكثر من ثلاث ضربات جديدة نحو القواعد الأميركية بعد فترة قصيرة من الهدوء النسبي. وتابع: تنظر إيران للولايات المتحدة على أنها فاعل رئيسي في الأحداث السابقة وداعم حاسم لإسرائيل بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية، وأنه لا يمكن لإسرائيل تجاوز الخطوط الحمراء المتعارف عليها بدون تنسيق أو ضوء أخضر أميركي على الأقل. ورجح أن تشهد الفترة المقبلة تصعيداً نحو القواعد الأميركية المنتشرة في سورية والعراق “في ظل انتظار ما سيكون عليه الانتقام الإيراني”، على اغتيال إسماعيل هنية.
ولطالما كان ريف دير الزور الشرقي ميدان تبادل رسائل بين الإيرانيين والأميركيين في كل منعطف توتر في العلاقات بين طهران وواشنطن، واللتين حرصتا طيلة السنوات الماضية على أن يبقى التوتر منضبطاً وضمن حدود معينة لا تتجاوز قواعد اشتباك غير معلنة بينهما. ويفصل نهر الفرات بين المليشيات الإيرانية وبين القوات الأميركية المتمركزة في عدة قواعد في منطقة شرقي نهر الفرات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أبرزها قاعدة العمر التي تضم مركز القيادة والتوجيه لقوات التحالف الدولي ضد الإرهاب.ويعد ريف دير الزور جنوب النهر منطقة نفوذ إيرانية بلا منازع، منذ أواخر عام 2017، حيث تنشر طهران عشرات المليشيات خصوصاً بين مدينتي الميادين والبوكمال على الحدود السورية العراقية. كما تسيطر طهران على عدة قرى شمال النهر (الحسينية، الصالحية، حطلة، مراط، مظلوم، خشام وطابية)، تتخذ منها منصات لاستهداف قاعدتي العمر وكونيكو بين وقت وآخر. ولكن طهران تحرص في كل مرة الا تؤدي هجماتها إلى سقوط قتلى ومصابين في صفوف القوات الأميركية خشية انتقام واسع النطاق من قبل هذه القوات ضد مليشياتها.