عندما تفلت ايران وحزبها “اللبناني” صبية الممانعة ليعبثوا بالعلاقات مع دولة عربية مثل السعودية، وتوعز الى أقطاب أتباعها وجمهورها بالتسافل في الكلام عن السعودية، ما لا تشجّعه في طهران نفسها حيث تغاضت عن احراق السفارة، فإنها تؤكد أن الصبية والأقطاب وجمهورهم ليسوا سوى أدوات للبلطجة السياسية والترهيب الأمني. من أولئك الصبية من يُوفد مثلاً الى مؤتمرات عربية واسلامية لتحدّي السعودية كإيراني غير منضبط أكثر من أي ايراني يمثل دولته. ومنهم أيضاً من يلتقط استقالة الوزير أشرف ريفي ليدعو الوزراء الى رمي استقالاتهم والذهاب الى “مؤتمر تأسيسي”، فهذه ردود فعل الصبية، اذ يظنون أن الفريق الآخر يقاد الى “مؤتمر” كهذا مخفوراً أو مرتهَباً بالاغتيالات.
ميليشيات في مقابل جيوش، صبية وبلطجية مقابل رجال دولة، فتنٌ وانقسامات مقابل الحفاظ على التعايش السلمي، صناعة حكومية للارهاب مقابل جهود حكومية لمكافحته، جحود وأحقاد مقابل مساعدات وهبات غير مقيّدة بهدف تعزيز الدولة وانهاضها… استراتيجية التأزيم الايراني استثمرت أكثر ما استثمرت في صبر السعودية ودول الخليج وحِلمها، ووظّفت في لبنان تمسّك المجتمع بمدنيته وسلميته ومقاومته السياسية لإرهاب السلاح غير الشرعي. واستراتيجية “ما يسمّى حزب الله” (لا يمكن إقحام اسم الله في أعمال قتل في لبنان كما في سوريا وغيرها) على الخداع والمخاتلة، ومن ذلك أنه يشدّد على سياسة “النأي بالنفس” عن أي موقف عربي ضد ارتكابات النظامين السوري والايراني ويخالفها بل يستهزئ بها كلما دُعي الى انهاء تورّطه في سفك الدم السوري.
أكبر دليل على “مصادرة ما يسمّى حزب الله لإرادة الدولة”، وفقاً للتوصيف السعودي، هو البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء “الاستثنائي”، واستغرق التوافق عليه سبع ساعات، وواكبه خلاف وجدل على مفهوم “الاجماع العربي”. ففي الاشكالية المطروحة لا معنى لهذا الاجماع سوى الوقوف مع السعودية، كما وقفت دائماً مع لبنان قولاً وفعلاً. أما فذلكات جبران باسيل عن أن “الوحدة الوطنية” متقدّمة على “الاجماع العربي” فلا تخفي تفرّده وانحيازه، خصوصاً أن حزبه لا يقيم أي وزن لـ “الوحدة الوطنية” عندما يشارك في “مصادرة الدولة” ولا يحترم “النأي بالنفس” حين يؤمّن تغطية سياسية كاملة لجرائم حليفه في لبنان وسوريا وغيرهما.
وطبعاً لا تستطيع فذلكات باسيل ولا تبعيّته لـ “ما يسمّى…” ولا أخطاء عمّه “الجنرال” أن تخدع أحداً بعد الآن، اذ قادتهما أحقادهما الى بيع الدولة لإيران وحزبها، وإلى التلاعب بهوية لبنان الى حدّ التهوّر بالتنكّر للسعودية، وإلى المساهمة في تهميش الجيش وقوى الأمن، والاستخفاف بأمن اللبنانيين وأعمالهم وأرزاقهم. بديهي أن السعودية لا تهتم بمواقف أطراف كالعونيين وسواهم لأنها تعاملت دائماً، وأولاً، مع الدولة ممثلة برئيسها، ولا يمكنها أن تكون حريصة على مصلحة لبنان اذا لم يكن حريصاً على مصلحته.
* نقلاً عن “النهار”