لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وسخر له كل شيء واختاره من بين مخلوقاته ليكون خليفة له، وحباه من التكريم ما لم يمنحه لغيره، وشرَّع من النظم والقوانين ما تحقق له السعادة في الدنيا والآخرة، ومنحه من القدرة والاستعداد الضروري ليصبح كائن اجتماعي ذا حضور فعّال بنّاء يساهم في بناء الحضارة، إذا ما أحسن استخدام تلك القدرات والاستعدادات، فالإنسان وسعادته وحفظ كرامته هي الهدف الإلهي من كل الرسالات التي أنزلها إلى الأرض.
وفق هذه الرؤية ومن هذه الفلسفة والعناية الإلهية تنطلق القيادة الرسالية المتمثلة بالمرجعية العراقية العربية للمرجع الصرخي الحسني في طريقة التعاطي مع الإنسان وقضاياه ومشاكله مهما كان انتماء الإنسان وتوجهه، لأن العطاء الإلهي عموما كان شاملا للجميع، فالشمس التي خلقها الله يستضيء بنورها جميع البشر من امن بالله ومن لم يؤمن، وكذلك الكلام في الهواء والماء والغذاء وغيرها من النعم الإلهية التي لا تعد ولا تحصى، فلا تمييز ولا إقصاء ولا تهميش ولا ازدواجية في التعاطي مع القضايا الإنسانية،
والسيرة العملية لهذه المرجعية كاشفة عن البعد الإلهي والإنساني الذي تتميز به فلقد كانت ولازالت حاضرة ومتفاعلة وتعيش مع معاناة جميع العراقيين بمختلف تنوعاتهم وأطيافهم، بل أنها عابرة لحدود الزمان والمكان فشاركت بقية الشعوب في محنتها ومظلوميتها، وراحت تطرح الحلول والمشاريع التي من شأنها أن توقف مسلسل تلك المعاناة التي صُبَّت على رؤوس الشعوب، وفي طليعتها الشعب العراقي والسوري اللذين كان لهما النصيب الأكبر من المعاناة والمآسي بسبب السياسات العدوانية التي تنتهجها إيران الشر وحلفاؤها وأدواتها،
معاناة الشعب العراقي والسوري وكل المظلومين لن تغِب ولو للحظة عن تفكير واهتمام المرجع العراقي الصرخي ففي سياق جوابه على استفتاء رفع إليه تحت عنوان “أضاعوا العراق… تغيّرتْ موازين القوى… داهَمَهم الخطر…!!!”، نبَّه دول الخليج والمنطقة إلى خطورة المرحلة وشخَّصَ الأسباب التي أدت إلى تفاقم حجم الخطر واقترابه منهم، وتكلل جوابه بالدعاء للشعبين العراقي والسوري والمظلومين، حيث قال:(( 3 ـ المؤكَّد جدًا أنً إيران بعد الاتفاق النووي اختلفتْ كثيرًا عما كانت عليه، وقضيتها نسبيّة، فبلحاظ أميركا وكذا دول أوربا فإنّ إيران في موقف أضعف لفقدانها عنصر القوة والرعب النووي، مع ملاحظة أنّ رفع الحظر النفطي والاقتصادي عن إيران قد أدخَل العامل الاقتصادي كعنصر ممكن التأثير في تحديد العلاقات!! وأما بلحاظ الخليج والمنطقة فالمسألة مختلفة وكما بينّا سابقًا!!!، ونسأل الله تعالى العزيز القدير أن يفرِّج عن شعبنا العراقي والسوري وكل المظلومين)).
ولعل “مشروع خلاص” الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي يمثل الإستراتيجية الشاملة المتكاملة والناجعة لإنقاذ العراق، بل والمنطقة لأن بنوده الأحد عشر تضمنت حلولا جذرية ناجعة للمشاكل المتأصلة والمتجذرة وأهمها البند الذي يتعلق بإخراج إيران من اللعبة العراقية باعتبار أن إيران اتخذت من العراق منطلقا لتنفيذ مشروعها التوسعي الإمبراطوري، وخط الصدّ لها، ومصدرَ تهديد لدول الجوار والمنطقة، والمصنع الذي يغذي حلفاءها في سوريا ولبنان واليمن ويوفر لها كل أنواع الدعم ، وخير مثال وشاهد هو ما نسمعه عن قتال المليشيات العراقية في سوريا لصالح الطاغية بشار، وفي اليمن مع الحوثيين، والتحشيدات المليشياوية على الحدود السعودية، ناهيك على الجرائم التي يرتكبها الحشد الطائفي الذي تأسس بفتوى السيستاني، فكل هذه الأمور وغيرها تكشف عن ضرورة ملحة لا مناص عن تنفيذها، وهو إخراج إيران من العراق لأنه يمثل الخطوة الأولى لإنقاذ العراق وسوريا وكل دول المنطقة لأن العراق الشريان الذي يغذي إيران وحلفائها…
ختاما نقول ان الفلسفة الإلهية بل وحتى المادية تضع الإنسان في قمة هرم أولوياتها، بل هو الكائن المُفضَّل والمُشَرَّف، ومن هنا فان الواجب الشرعي والأخلاقي والإنساني والحضاري يفرض على الإنسان أن ينصهر مع الحلول والمشاريع التي تحترم الإنسان وتصون كرامته وحريته دون تمييز، وأن يكون الإنسان هو القطب الذي تدور حوله رحى تلك المشاريع والمبادرات وليس المصالح الشخصية…
نقلا عن موقع ايلاف