نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، مقالا مطولا طرحت فيه بعض الطرق للقضاء على تنظيم داعش بدون عنف، بعد أن فشل صناع القرار وقادة العالم في هزيمة هذا التنظيم الإرهابي.
وأوضحت المجلة أن الحل الوحيد يكمن في الشعب نفسه فهم أكثر إدراكا بالأوضاع الداخلية من غيرهم ، فهم قادرون على زعزعة داعش من خلال التمرد والتظاهر ورفض هذا الكيان، فبدون موافقة الشعب وإرتضاءه بما يفعله داعش لن يستمر التنظيم في وجوده.
واعطت المجلة مثالا على ذلك حيث قالت إن موافقة الشعب على طاعة الحكام هى أساس استمرار الحكام في حكمهم وبخلاف طاعتهم وموافقتهم على الحكام لن يستمروا في الحكم، فالشعب هو من يسمح بفرض القوانين وبجبي الضرائب وبناء الصواريخ وتدريب الشرطة، والحفاظ على الأسواق وإعداد الميزانيات الوطنية، والشعب ينصاع لأوامر الحكام لافتراض حسن النية في حكامهم.
ودللت على عدم قدرة أنظمة في التواجد والبقاء، كوجود أمريكا في العراق ، وتهميشها للسكان وإذلالهم. في أسوأ الأحوال فقد كانوا هدفا للعنف الوحشي والتطهير العرقي، أما داعش ففعل العكس قام بتوفير قدرا من الأمن والخدمات العامة الأساسية لهم التي سمحت للفريق إلى الحصول على دعم من القبائل المحلية واكتساب بعض الشرعية الشعبية
وأوضحت المجلة أن داعش يحظى بشرعية شعبية واسعة من الداخل والخارج لذلك علينا مواجهة ذلك بحكمة وفطنة، عن طريق جذب هؤلاء من يلتفون حولهم عن طريق إغرائهم بالمال وعرض عليهم وظائف ذات مرتبات عالية، مما يجعل معظم عناصرهم في حالة عصيان تفضي إلى حالات كبيرة من الإنشقاق في صفوفهم هذا سيضرب داعش في مقتل..
وتابعت المجلة في عرضها لمقترحات القضاء على داعش بطريقة غير عنفية، فقد ركزت على أن وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا، سواء في تعبئة الجماهير ضد تنظيم أو جذبه للتنظيم، وبالتالي يدرك داعش قوة الإعلام في نجاح الكيان الإرهابي سواء في تجنيد أنصار جدد (وخاصة في الخارج)، وضمان الدعم السكان المستمر لهم، أو تخويف عناصرهم من الإنشقاق، ولهذا بدلا من الإفراط في التركيز على العنف يجب أن نركز على وسائل الإعلام الدولية والمحلية سواء على الانترنت أوعلى أرض الواقع، بالسخرية من الكيان الإرهابي وتشوية صورتهم هذا سيأتي بنتيجة فعالة من شأنها أن تقلل نسب المنضمين للتنظيم وتعبئة الرأى العام والشعب في الداخل والخارخ ضدهم
كذلك يجب حشد الآلاف من المقاتلين للدفاع عن أراضيهم، من خلال جمع عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية لزيادة الضرائب وعلى الآلاف من العمال والمزارعين والمهندسين جني الإيرادات من القمح وحقول الشعير وبمناجم الفوسفات والمصانع الكيماوية، بذلك من شأن المشروع السياسي للتنظيم أن ينهار .
إلى جانب إجراء المظاهرات ونشر الفوضى والاضطرابات، مثل بطء العمل والتخريب بشكل غيرعنيف، تطوير المؤسسات كوسائل الإعلام البديلة، والمدارس، أو المنظمات الدينية. فضلا عن تشجيع النشطاء للتهرب الضريبي، لاعتبارات كثيرة من بينها أن الضريبة تشكل المصدر الرئيسي للدخل لداعش، ودعم المنشقين عن التنظيم…
وأضافت المجلة أنه من بين الأمور الأكثر فاعلية للقضاء على داعش ابتكار أساليب آمنة فالشعب الواقع تحت سيطرة داعش هو وحده القادر على قلب الوضع رأسا على عقب وذلك لما يملكه من معرفة كافية عن الوضع على الأرض والأعمال الداخلية للتنظيم أو المصانع التي يعملون فيها. وعلى النشطاء العمل لمنع داعش من الحصول على الاموال التي تحتاجها للحفاظ على كيانهم حتى يتصور للتنظيم الإرهابي أن احتلالهم أمر مكلفا للغاية، وذلك على غرار للتجربة الناجحة في الدنمارك فقد حققت حملات العصيان المدني ضد الاحتلال النازي في الدنمارك، والنرويج، وهولندا انتصارا كبيرا من خلال أعمال التحدي والتعطيل و التخريب، وتباطؤ العمل، والمقاطعة الاجتماعية والاقتصادية – أجبرت المحتل على تحويل الموارد من جبهات قتالية إلى موارد للحفاظ على النظام.
وفي سياق متصل نجد في جنوب أفريقيا، على الرغم من عمليات القمع على نطاق واسع وعنف الدولة المدقع، وحكومة الفصل العنصري، فلا يمكن أن يتم وقف مقاطعة المستهلكين المحليين للشركات التجارية التابعة لدول الإحتلال ، هذه المقاطعة دفعت أصحاب الأعمال لدعوة الحكومة لقبول مطالب السود في جنوب أفريقيا. فالتهديد بالعنف يمكن منع المواطنين من القيام بأشياء كثيرة، ولكنه لا يمنع إجبارهم على شراء المنتجات في المحلات التجارية.
هناك عناصر أخرى يمكن أن تبيد داعش منها العوامل الخارجية التى من شأنها أن تساهم في ضرب التنظيم . أولًا، تشجيع الانشقاقات، من خلال تقديم وظائف أفضل في الخارج لعناصر داعش. جذب الفنيين ذوي المهارات العالية الذين يعملون في مصانع المواد الكيميائية والمنشآت النفطية، في شركات أجنبية – سيكون له أثر مدمر على قدرة داعش في جني الإيرادات.
ثانيًا على وسائل الإعلام الغربية والمحلية إظهار التحدي والمقاومة بالتعاون مع الناشطين في توفير معلومات أساسية عن التنظيم الإرهابي
وأخيرًا، يمكن للمنظمات الدولية تدريب الناشطين على أساليب العمل اللاعنفي، والاتصالات الاستراتيجية، والتعبئة الجماهيرية. تعبئة الرأي العام واتخاذ إجراءات غير عنيفة، خصوصا في ظل الظروف القمعية، تتطلب معرفة ومهارات عبر وسائل الانترنت، وبرامج التدريب ستكون أكثر فعالية بكثير وأثبتت جدارتها في الماضي، سواء في صربيا، جورجيا، أو في جميع أنحاء العالم العربي.