وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ما يُسمى بانتصار روسيا في سوريا بأنه فارغ لأنه لم يفعل شيئا يُذكر لوقف الحرب “الأهلية” هناك، وترك تنظيم الدولة يسيطر على مناطق واسعة من البلاد، ولم يغيّر شيئا في الانقسامات على الأرض، ولم يضمن استقرارا طويل المدى لسوريا.
وأوضحت أن الرئيس الروسي اشتهر منذ فترة بخلق المفاجآت على المسرح الدولي، وأنه فعل ذلك مرة أخرى بسحب الجزء الأكبر من قواته من سوريا بعد أقل من ستة شهور من تدخلها، وترك إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وبقية العالم في حيرة من تحركاته هذه.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك تساؤلات حول حجم الانسحاب، خاصة وأن لروسيا قاعدة عسكرية قديمة في طرطوس السورية وأخرى جديدة بالقرب من اللاذقية ما يعطي موسكو القدرة على إعادة مقاتلاتها ومعداتها العسكرية بأي لحظة، إذا رأت أن الرئيس السوري بشار الأسد بحاجة لعودتها.
وأضافت أن بوتين منع بالفعل ما يعتقد أنها آخر محاولة أميركية للإطاحة بحاكم قوي مستبد، كما أنه حافظ على نفوذ بلاده بالشرق الأوسط وعززه، وفك عزلة موسكو التي فرضها الغرب بعد غزو أوكرانيا، وأجبر واشنطن على الاعتراف بأنه جهة مهمة لتقرير مستقبل سوريا.
وفي الداخل -تقول فايننشال تايمز- أشادت وسائل الإعلام الروسية بعودة بلادها كلاعب رئيسي بالمسرح الجيوسياسي العالمي بعد الانزواء الطويل عقب سقوط الاتحاد السوفياتي، وصوّرت حملة موسكو في سوريا بأنها انتصار عسكري مؤزر.
وذكرت الصحيفة أنه وبسحب روسيا بعض معداتها العسكرية من سوريا، يمكن لموسكو أن تتفادى الغوص في وحل سوريا وتكرار ما جرى لها في أفغانستان، كما أن الكرملين سيكون في موقف جيّد لدخول الانتخابات البرلمانية بعد ستة شهور تقريبا.
ورغم كل، ذلك -تقول الصحيفة- فإن التدخل الروسي فشل في أمرين رئيسيين، أولهما ترك تنظيم الدولة يسيطر على مساحات كبيرة من سوريا، الأمر الذي يكشف نفاق بوتين بأنه تدخل لمكافحة “الإرهاب”. كما أنه فشل في تغيير الانقسامات السورية على الأرض، وترك نظام الأسد أكثر قوة مقارنة بما قبل تدخله دون القضاء على المعارضة، الأمر الذي يجعل مستقبل البلاد في مهب حرب أهلية طويلة الأمد.
فايننشال تايمز
نقلا عن الجزيرة نت