ربما يحظى فيلم «أين تغزو المرة القادمة» للفنان الأمريكى العظيم مايكل مور بأحد أعلى نسب المشاهدة بين الأفلام المعروضة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى سيُفتتح اليوم. فقد حظى مور بشهرة مضاعفة، وهو الذى كان أحد أكثر الفنانين شهرة فى العالم، خلال الأيام الماضية ومنذ إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية. أعاد من كانوا قد اطلعوا على مقاله الذى توقع فيه فوز دونالد ترامب، وهم قليل، نشر هذا المقال وبثه منذ ظهر الأربعاء الماضى. ولم تمض ساعات حتى انتشر هذا المقال بمعدلات أعلى من انتشار النار فى الهشيم، وأصبح الأكثر تداولاً فى العالم، ومازال حتى اليوم على الأرجح.
نشر مور هذا المقال فى صورة مدونة على موقعه الإلكترونى فى آخر يوليو الماضى، أى قبل أكثر من أربعة أشهر على الانتخاب، وتوقع فيه فوز ترامب لخمسة أسباب حدَّدها بوضوح. ويفهم العارفون بالأوضاع الاجتماعية فى الولايات المتحدة حين يتأملون هذه الأسباب بتمعن أن مور كان يُنَّبه المرشحة التى قرر أن »يعصر ليموناً« على نفسه ليؤيدها إلى ثغرات قاتلة فى مواقفها ومنهجها وحملتها الانتخابية. لكن الجمود الذى أصاب كلينتون وحملتها، وأدى إلى افتقادها القدرة على قراءة الواقع والتواصل مع الناس فيه، أدى إلى تجاهل مقال مور الذى قدم فيه تحليلاً اجتماعياً عميقاً للولايات الأربع التى حسمت نتيجة الانتخابات فى النهاية (ويسكونسن وميتشجان وأوهايو وبنسلفانيا)، والتى ينتمى هو إلى إحداها (ميتشجان). وبسبب هذا الجمود، لم تفهم كلينتون التغير الاجتماعى الحاصل فى هذه الولايات التى كانت محسوبة على الحزب الديمقراطى لفترة طويلة. ولم تدرك أنها تُقدَّم للناخبين صورة صارت قديمة ودافعة للسأم من جانب قطاع واسع من الناخبين الناقمين على الطبقة السياسية الأمريكية إلى الحد الذى يدفعهم إلى تفضيل مرشح من خارجها رغم كل فجاجة حملته الانتخابية, ليس اقتناعاً به فى كل الأحوال، ولكن رفض لها ونكاية فى الطبقة السياسية التى تنتمى اليها. ولذلك سيظل مقال لفنان شامل، يؤلف ويُخرج ويُمثَّل أهم الأفلام الوثائقية فى عالمنا الان، أهم من كل ما كتبه المتخصصون فى الانتخابات الأمريكية وغيرهم من الأكاديميين والخبراء والإعلاميين المهتمين بها.
وحيد عبدالمجيد
نقلا عن الحياه