قالت مصادر عراقية إن قرار إعادة النظر في الخطط العسكرية شرقي الموصل (شمال العراق)، في مواجهة «تنظيم الدولة»، الذي أعلنته القوات العراقية قبل نحو عشرة أيام، كان أمرا لا بد منه، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها هناك، وأضافت أن ثلاثة أفواج من أصل 13، تتشكل منها قوات مكافحة الإرهاب، مُنيت بخسائر كبيرة، ما استدعى سحب ما تبقى منها لإعادة هيكلتها.
وأشارت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عنها، إلى أن الجانب الأمريكي اقترح تنفيذ عمليات إنزال جوي في عدد من الأحياء، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة شرقي الموصل وغربيها، لكن القيادات الميدانية العراقية رفضت هذا المقترح، خشية تعرض هذه القوات لخسائر إضافية، كما توقعت المصادر أن تشهد المرحلة الثانية من معركة الموصل، مشاركة واسعة لقوات أمريكية، لا سيما في سلاح المدفعية، لتوفير دعم أكبر للقوات البرية العراقية.
توقف العمليات العسكرية
قال مراسل «الجزيرة» في العراق، وليد إبراهيم، إن بعض الجهات العراقية، عزت توقف العمليات في الموصل مؤخرا، إلى الأحوال الجوية، التي تشهدها المدينة من أمطار وبرودة، في عدم بدء المرحلة الثانية من المعركة، التي تهدف للوصول إلى نهر دجلة، أي السيطرة الكاملة على شرق المدينة.
إلا أن جهات أخرى، عزت السبب في توقف العمليات، إلى أن تقدم القوات العراقية أخذ بالتضاؤل، مع وصول القوات العراقية وسط الجزء الشرقي من الموصل، ما يتطلب الدفع بقوات كبيرة لتأمين الأحياء، التي تم انتزاعها من تنظيم الدولة، والتقدم باتجاه السيطرة على أحياء جديدة.
أضاف المراسل أن المضي في المعارك، يستدعي الزج بقوات ضخمة، إلا أن القيادات العراقية تخشى أن تتحول المعارك إلى حرب استنزاف، تخسر فيها كثيرا من جنودها وآلياتها، وقد يتسبب ذلك في نكسة كبيرة، ولفت المراسل نقلا عن جهات عسكرية عراقية، إلى أن المرحلة الثانية من معركة الموصل، ستكون هجوما واسعا في الجهة الشرقية للموصل، من خمسة محاور.
التنظيم يعود
في المقابل، كشفت مصادر عسكرية عن عودة طائرات داعش، المسيّرة في سماء الأحياء المحررة، ما ينذر بخطر عودة استهداف المناطق المحررة شرق المدينة، بمقذوفات الهاون وصواريخ كاتيوشا، التي يمتلكها داعش، وعادة ما يُسقط ضحايا بين المدنيين، في ذلك القصف (الانتقامي) من سكان الموصل في المناطق المحررة.
يأتي هذا، في الوقت الذي كشف ضابط عراقي في جهاز مكافحة الإرهاب، يوم الاثنين، عن دعوة القوات العراقية عبر وسائل إعلام محلية، أهالي 6 أحياء في الساحل الأيسر، شرقي الموصل، للتهيؤ لعملية تحريرهم من بطش داعش، والإسراع في الابتعاد عن تجمعات عناصر التنظيم، والتحصن داخل البيوت وعدم الخروج منها.
أضاف الضابط، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بحسب مراسل «العربية»، أن تلك الدعوات تأتي ضمن الاستعدادات لاقتحام الأحياء الستة، وقال: «إن الأحياء الست، هي الحي العربي والحدباء شمالاً والمثنى والكرامة والقدس شرقا والمنطقة الصناعية، منوهاً إلى أن المنطقة الأخيرة تخلو من المدنيين بشكل كامل».
مقاومة «داعش»
اكتسبت معركة الموصل ضد «داعش» بُعدًا جديدًا وحاسمًا. صمود ومقاومة «داعش» لعدم الانسحاب من المدينة، يظهر أهمية الموصل، التي تُعد عاصمة الخلافة المزيفة لداعش في العراق، ورحلت المنظمة من قبل من عدة مدن في المنطقة، دون الدخول في معارك، لم تكن «داعش» لتبقى في المعركة، إذا توقعت خسارتها، وعلى الرغم من الانتصارات المبدئية، فإن المعارك في الموصل ستستمر لفترة أطول من المتوقع.
كان من المتوقع، أن يبقى «داعش» للدفاع عن وجوده في المدينة، بدلا من الهجوم.. في البداية خلق «داعش» حالة من الرعب والهلع بين المدنيين، من خلال إعدامات استبدادية، ويبدو أنه نقل سكان المدينة لمراكز مهمة في الموصل، تمهيدا لاستخدامهم دروعًا بشرية في الحرب الوشيكة، وأظهر «داعش» نفسه من خلال هجمات في مناطق غير متوقعة، فعلى سبيل المثال أغلق الطريق السريع بين بغداد وعمان، ومع بداية عمليات الموصل قام بتفعيل خلاياه النائمة بشكل غير متوقع في كركوك.
ويبدو أن الجميع على يقين من أن التخلص من وجود «داعش» في الموصل في النهاية، لكن لا أحد يعلم متى سيحدث ذلك؟ وقال خبراء عسكريون أكراد، إن هذا سيحدث في غضون 6 أشهر، ويتوقعون حدوث مذبحة للمدنيين في أسوأ الظروف. وقال مسؤولون أمريكيون، بسبب حماسهم من الانتخابات الامريكية، إن هذا سيحدث في شهرين فقط، ما لا يبدو واقعيا على الإطلاق.
لكن هذا لا يعني أن هذه نهاية «داعش»، حيث انسحب بعض المسؤولين العسكريين عن «داعش» إلى سوريا، ووفقا لتقارير من المخابرات العراقية، فإن 2300 عسكري من «داعش» تحركوا إلى مدينة الرقة في الأسابيع الثلاث الماضية، ويستخدم «داعش» المدنيين دروعًا بشرية دون الحاجة لوجود الكثير من العسكريين، وذلك للحفاظ على مقاومتهم .
واكتسبت حرب الموصل بُعدا خطيرا، بسبب مقاومة «داعش» العنيفة، وتشير التطورات حتى الآن إلى أن أقرب سيناريو، هو وجود حرب أهلية، محاولة بعض الدول التدخل عسكريا في معركة الموصل، أو دعمها كجزء من القوات المضادة لداعش، تفسر جرأة وجود هذه الدول في المنطقة، حيث إن الموقف في الموصل من الممكن أن يتعدى الحرب الأهلية، ويشعل فتيل حرب عالمية أخرى.
أحمد سامي – التقرير