الواشنطن بوست: الحشد الشعبي يربك المعادلة الامريكية بقيادته العمليات العسكرية ضد “داعش”

الواشنطن بوست: الحشد الشعبي يربك المعادلة الامريكية بقيادته العمليات العسكرية ضد “داعش”

04607348-7985
يتزايد اليوم نفوذ الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، إذ اضحت تمسك بزمام المبادرة في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، ووفقا لعدد من المحللين، فان هذا الامر من شأنه ان يهدد الاستراتيجية الامريكية ويقوضها الهادفة إلى دعم الحكومة المركزية، وإعادة بناء الجيش العراقي وتعزيز المصالحة مع السنة في البلاد. وبدا ان الهجوم الاخير الذي قادته منظمة بدر في محافظة ديالى، قد افضى إلى زيادة تعزيز الميليشيات كقوة عسكرية مهيمنة عبر رقعة من الأرض تمتد من جنوب العراق الى كركوك في الشمال، ما يتيح لها لعب ادوار اكبر على المستويات السياسية، تفرض من خلالها مواقف ومقاربات، تستند على شحذ الأبعاد الطائفية للقتال.
ويقدر تعداد هذه الميليشيات بنحو 120.000 مسلح، لتتفوق بذلك على الجيش العراقي، الذي يعاني تراجعا في القدرات والاداء والروح المعنوية، وقد تضاءل تعداده بعد هزيمة الموصل التاريخية ليبلغ نحو 48.000 جندي وفقا لمسؤولين عراقيين وامريكيين. ويشكل هذا الاتساع والنفوذ في دور الميليشيات، ترسيخ لسيطرة إيران على العراق على نحو كبير، بحيث يصعب معه فيما بعد الحد من سطوتها-الميليشيات-، وهي التي اعلنت الولاء لطهران” مثل ميليشيا “عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله”، ومحصلة قتالهما للقوات الامريكية صب في تعزيز النفوذ الايراني في البلاد.
2300iraqmilitias-0217
وما يدلل على مدى تابعية العراق في المدار الايراني، لوحات الاعلان العملاقة التي تضم صورا للخميني والخامنئي المنتشرة في وسط بغداد وذلك بالمكان ذاته الذي كان فيه من قبل تمثالا لصدام حسين قبل تدمير قوات المارينز الأميركية له عام 2003. ويثير نفوذ الميليشيات المتزايد التساؤلات حول مدى استدامة استراتيجية شن طائرات حربية أميركية لغارات من الجو، مما يعزز قوة ميليشيات مدعومة من إيران على الأرض وقد تكون معادية للولايات المتحدة، حسبما ذكر محللون. إذا استمر القتال على نهجه الراهن، فهناك مخاطرة حقيقية بأن تتمكن واشنطن من هزيمة “داعش”، لكن تخسر العراق لصالح إيران في خضم ذلك، حسبما أفاد مايكل نايتس من “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”. ورغم أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رحب بالمساعدة الأميركية ودعا للمزيد، فإن قوة الميليشيات تهدد بتقويض سلطته وتحويل العراق لنسخة من لبنان، حيث تقف حكومة ضعيفة أسيرة لنزوات جماعة حزب الله القوية.
وعلى الرغم من ترحيب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمساعدة الأمريكية، فان قوة الميليشيات بحسب نايتس تهدد بتقويض سلطة رئيس الوزراء، محولة العراق إلى نسخة من لبنان، ممثلة بحكومة ضعيفة، تكون رهينة لأهواء ميليشيات قوية كما هو الامر مع حزب الله”.
وبالتالي فان الجهود الامريكية في مقاتلة “داعش” ينظر لها من قبل رجال الميليشيات على نحو لا يخلو من ازدواجية، فهي من ناحية تقوض وما تزال قدرات هذا التنظيم وتضعف من امكاناته، وفي نفس الوقت تلقى رفضا عبر عنه كريم النوري، القيادي في منظمة بدر بقوله “لا حاجة لنا لهم، سواء على الأرض أو في الهواء” مضيفا “يمكننا هزيمة الدولة الإسلامية في منطقتنا”. وهو استباق لما يمكن ان يبحث في القمة العربية المزمع عقدها في آذار/ مارس 2015 حول التصدي للإرهاب، ومناقشة احتمال ارسال قوات برية للمساعدة في استعادة السيطرة على الموصل.
“أساليب استثنائية”
يشيد المسؤولون العراقيون بما قامت به الميليشيات من جهود لمنع وصول “داعش” الى بغداد، ويعتبرون ان المساعدة الامريكية جاءت في وقت متأخر، بعد أكثر من شهرين على تقدم المسلحين باتجاه العاصمة، كما ان محاولة إعادة بناء الجيش العراقي المنهار لم تبدأ الا في كانون الاول/ ديسمبر الفائت، ويعبر موفق الربيعي عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون عن هذا الاعتقاد بقوله “نحن في فترة انتقالية، وفي حالة طوارئ”، مضيفا “هناك تهديد وجودي، ومواجهة هذا التهديد يتطلب استخدام طرق استثنائية.”
وبالتالي فان ما توصف به الميليشيات من انها “قوات التعبئة الشعبية”، تتمتع برضا الحكومة عن انشطتها، واستجابة لفتوى اطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني. لكن التسلسل القيادي لهذه الميليشيات يمر عبر سلسة من قادة يتصلون مباشرة بإيران، فالرجل المعين لتنسيق أنشطتها هو نائب مستشار الأمن القومي العراقي، أبو مهدي المهندس، وهو اسم مستعار لرجل فرضت وزارة الخزانة ضده عقوبات لدوره بصفته قائدا عسكريا عراقيا بارزا في فيلق الحرس الثوري الإيراني. وقد أدين في الكويت غيابيا لدوره في تفجير السفارتين الأميركية والفرنسية لدى الكويت عام 1983. كما أن قاسم سليماني، القائد الأعلى للقوة الإيرانية، يظهر باستمرار في الخطوط الأمامية بالعراق، في محاكاة لدور الجنرالات الأميركيين بميادين القتال خلال العقد الماضي. أما القيادة الميدانية المباشرة فيضطلع بها بصورة متزايدة قائد “بدر” القوي الجديد هادي العامري الذي يدعي مسؤوليته عن صياغة خطط حربية نيابة عن قوات الأمن والميليشيات.
وخلال مسيرة جرى تنظيمها هذا الشهر للاحتفال بطرد “داعش” من ديالى، كان للعامري حضور بارز. وقال مخاطبا حشدا من المقاتلين المبتهجين: “مهمتنا تحرير العراق بالعراقيين، وليس الأجانب. يجب أن نحارب الطائفية ونحقق المصالحة ونبقي على وحدة العراق”.
السنة
وكشفت جولة قمنا بها عبر القرى المحررة أخيرا، تجلي خطر تأجيج دور الميليشيات للطائفية، ففي إحدى القرى، وتدعى “العسكري”، تعرضت جميع المنازل للحرق، وهو أسلوب يزعم سياسيون سنّة أنه يرمي لتطهير مناطق بأكملها من السنة ومنعهم من العودة لمنازلهم. أما المرشدين التابعين لجماعة “بدر” فرفضوا اصطحاب المراسلين لقرية أخرى، هي بروانه، حيث عثر على 53 على الأقل وما قد يصل إلى 70 رجلا سنيّا مقتولين بإطلاق النار عليهم في أعمال قتل تشبه الإعدامات بعد هزيمة “داعش”.
وأفاد شهود وسياسيون سنة أن هؤلاء الرجال كانوا مدنيين لاذوا ببروانه بعد سيطرة المسلحين على قريتهم. واتهموا الميليشيات الشيعية بقتلهم. ومن جهتها، نفت منظمة “بدر” تورطها في هذا الأمر، لكن قادتها نفوا كذلك أن يكون هؤلاء الرجال مدنيين. عن هذا، قال النوري: “هؤلاء الأشخاص في بروانه ممن بقوا ينتمون لـ”داعش”، فماذا كان ينبغي أن نفعله معهم.. نلقي عليهم بالورود أم نقتلهم؟”. وأضاف: “مقاتلو “داعش” سفاحون، وعندما نواجههم نتوقع تدمير المساجد وحرق المنازل لأننا لا نلعب مباراة كرة قدم معهم، ولسنا في نزهة”.
من ناحية أخرى، أعرب كينيث بولاك، من معهد بروكينغز، عن اعتقاده بأن مثل هذه الأساليب لن تحقق المصالحة التي تمثل العمود الفقري للسياسات الأميركية تجاه العراق واضاف ان “هناك استعداد لاستعادة معاقل السنة، وانهم ذاهبون مع القوة الشيعية”، مضيفا “إن السكان السنة مرعوبون، ويعتبرونه بمثابة الغزو الشيعي لمناطقهم. هذا لن ينهي الحرب الأهلية، وسوف يشعلها”.
وعلى الرغم من فخر الميليشيات لما قامت به، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت قادرة على متابعة المعركة في المناطق السنية، بما في ذلك محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى، حيث يتم تأسيس الدولة الإسلامية الأكثر بحزم. وحتى الآن اقتصرت نجاحاتهم في الغالب في المناطق التي يسود فيها الشيعة، بما في ذلك إلى الجنوب من بغداد، وبعض أجزاء من شرق صلاح الدين وآخرها وديالى. لكن النوري، القائد في بدر، قال ان الميليشيات يفضلون عدم الحصول على مساعدة أمريكية حتى في الهجوم على الموصل. مؤكدا “ليس لدينا مشكلة”، اذا ارادت الولايات المتحدة الاستمرار في غاراتها الجوية الآن. واضاف “لكن لا ينبغي لها قصف المواقع بينما نحن على الأرض. نحن لا نريد ان يسجل التاريخ اننا أجرينا هجوم بغطاء أمريكي”.
http://www.washingtonpost.com/world/middle_east/iraqs-pro-iranian-shiite-militias-lead-the-war-against-the-islamic-state/2015/02/15/5bbb1cf0-ac94-11e4-8876-460b1144cbc1_story.html

ترجمة مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية