دبي – استبعدت مجموعة من الاقتصاديين ومسؤولون خليجيون إقدام حكومات دول الخليج على تطبيق ضرائب مباشرة على المدى القريب، والتي تفرض عادة على مداخيل الأشخاص أو ما يمتلكونه.
وأشاروا إلى أن التركيز ينصب حاليا على بدء تطبيق الضرائب غير المباشرة مثل القيمة المضافة والانتقائية، والتأكد من نجاح تطبيقها لأول مرة في الخليج، ومن المحتمل أن تكون المباشرة في خطوة لاحقة ولكن على المدى البعيد.
ويأتي هذا الحديث بعد موافقة دول الخليج في وقت سابق هذا الشهر على تطبيق الضريبة الانتقائية بشكل موحد في مطلع أبريل المقبل، تجنبا لأي عمليات تهريب للسلع المستهدفة ضريبيا من الدول الأقل سعرا إلى الدول الأعلى.
ويرى الخبير الاقتصادي وضاح الطه، وهو عراقي مقيم في الإمارات، أن لجوء الحكومات الخليجية إلى فرض ضرائب مباشرة أمر مستبعد في الوقت الحاضر، إلا أنها تبقى أحد الخيارات الموضوعة على الطـاولة في حال بقيـت أسعار النفط منخفضة.
جانين ضو: الضرائب المباشرة معقدة لذلك فضل الخليجيون فرض الضرائب غير المباشرة أولا
وقال الطه “بينما تسهم الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، في سد عجز الموازنة، قد يكون لها رد فعل سلبي على مناخ الاستثمار وتؤدي إلى تقليص النشاط الاقتصادي مما يتطلب الانتظار لتقييم التجربة”.
وتحتاج دول الخليج الست إلى ما بين عامين وثلاثة أعوام لتقييم آثار تطبيق الضرائب غير المباشرة المرتقبة والتبعات الناتجة عنها سواء الاقتصادية أو الاجتماعية وربما السياسية أيضا، بحسب الخبير العراقي. وتخطط الحكومات في منطقة الخليج لاعتماد طرق جديدة لجمع الإيرادات وفق استراتيجيات أعلنت عنها في الأشهر الماضية، لمقاومة تدني أسعار النفط والغاز الذي أدى إلى عجز في الموازنات الحكومية.
وتقول جانين ضو، رئيسة السياسات النقدية والضرائب غير المباشرة في الشرق الأوسط لدى مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز، إن الحكومات تحتاج إلى إيرادات جديدة لذلك ستفرض ضرائب غير مباشرة ومن ثم يمكن لها أن تناقش الضرائب على الدخل مستقبلا.
وتعتقد جانين أن الضرائب غير المباشرة تبقى أسهل من حيث التطبيق بوجه عام، كما هي حالة ضريبة القيمة المضافة، فيما تبدو المباشرة أكثر تعقيدا.
وأشارت إلى أن فرض ضريبة مباشرة على الدخل يحتاج إلى وقت أطول لإعدادها وتطبيقها، لذلك فإن ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية تعتبران الأنسب في الوقت الراهن بهدف تمويل الخدمات العامة المقدمة للأفراد مثل التعليم والصحة وغيرهما.
وفي تقرير الأسبوع الماضي قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن خطة تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج قد تفرض مخاطر تشغيلية على الشركات وضغوطا على الأرباح قبل الفائدة والضرائب وتقليص الدين وكذلك على التدفقات النقدية في البعض من القطاعات.
وقال يونس الخوري، وكيل وزارة المالية الإماراتية، “لا توجد حاليا أي دراسة لفرض ضرائب مباشرة في دول الخليج، ولكن الأمر متروك لكل دولة حسب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية في سن تشريعات بضرائب أخرى”.
وضاح الطه: الضرائب المباشرة تبقى أحد الخيارات المتاحة في حال بقيت أسعار النفط منخفضة
وأوضح أن الاتفاقية الموحدة التي أقرتها دول الخليج تتضمن الضريبة على السلع الانتقائية فقط، حسب الإجراءات الداخلية المتبعة في كل دولة، وسيتم التطبيق بعد انتهاء كل دولة من القواعد والإجراءات المطلوبة.
وأكد أن الوزارة تقوم منذ سنوات بدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للضرائب المباشرة، التي يمكن أن تنتج في حال تطبيقها وتقوم برفع نتائج هذه الدراسات إلى الحكومة للنظر فيها.
وتعمل دول الخليج على وضع اللمسات الأخيرة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة مطلع العام المقبل، وستفرض الضريبة على جميع المنتجات والخدمات باستثناء مئة سلعة أساسية.
وكانت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، قد قالت في وقت سابق إن “دول الخليج يجب أن تكون مستعدة لتطبيق ضرائب جديدة بما في ذلك ضريبة على الدخل الشخصي”. ولفتت إلى أنه “يجب أن يكون تطبيق الضرائب تدريجيا على نطاق واسع وبنسبة منخفضة، وفعل ذلك بشكل ثابت ومتماسك قدر الإمكان، حتى لا يكون هناك تسرب في النظام، ولا يكون هناك عدم توازن بين منطقة وأخرى”.
وتتوقع شركة إرنست أند يونغ للاستشارات الضريبية أن تحقق ضريبة القيمة المضافة، التي سيتم فرضها العام المقبل، إيرادات تتجاوز 25 مليار دولار سنويا لدول الخليج الست.
وبدأ التفكير في ضريبة القيمة المضافة رسميا عام 2008، في أعقاب توصية من صندوق النقد الدولي. واتفقت دول الخليج حينها على الدخول المتدرج بحيث تتراوح النسبة الضريبية ما بين 3 و5 بالمئة، أي حوالي ثلث النسب الشائعة عالميا.
وكانت دول الخليج قد توصلت الشهر الماضي إلى اتفاق على مضاعفة الضريبة الانتقائية على التبغ والمشروبات الغازية.
العرب اللندنية