قبل اعتلائه السلطة التنفيذية في البلاد، كان للرئيس الإيراني حسن روحاني دور واضح في المفاوضات النووية، فقد كان الأمين العام لمجلس الأمن القومي لمدة تناهز 15 عاما، وكان من موقعه هذا المسؤول عن المفاوضات النووية.
ولم يسحب الملف النووي منه إلا في 2005 نتيجة استياء المرشد الأعلى علي خامنئي من مسار المفاوضات، ووصول محمود أحمدي نجاد إلى السلطة حتى 2013، لكن الظروف تغيرت حينها وجعلته يظهر بمظهر السياسي المعتدل ويكسب أصوات الإصلاحيين.
وشهدت السنوات الأخيرة تدهورا خطيرا في العلاقات مع الدول الإسلامية لا سيما بلدان الخليج ومنهاالسعودية، نجم عنه قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران إثر الاعتداء على السفارة السعودية، تبعه إغلاق سفارات عربية عديدة في طهران.
وللمرة الأولى في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي صدر بيان أجمع فيه أعضاء المنظمة الـ 57 على إدانة إيران وأعمالها العدوانية والطائفية والعنصرية في البلاد العربية، والتدخلات الإيرانية في المنطقة ما اضطر الرئيس الإيراني إلى مغادرة القمة المنعقدة في إسطنبول في 2016.
إخفاق اقتصادي
وخلال حملته الانتخابية قبل أربع سنوات، وعد روحاني بتوفير أربعة ملايين فرصة عمل، لكن بحسب مدير المركز الإيراني للإحصاء، ارتفعت وتيرة البطالة ووصلت في 2016 إلى 222%، أي حوالى خمسة ملايين عاطل عن العمل، وتؤكد المصادر غير الرسمية والمتخصصون أن الرقم يصل إلى سبعة وربما عشرة ملايين.
ورغم أن السنة الأخيرة من ولاية روحاني شهدت نموا وصل إلى 6.6% فإن هذا النمو تحقق بسبب تزايد صادرات النفط عقب الاتفاق النووي، ولم يكن نصيب القطاع غير النفطي من هذا النمو سوى 0.8%.
كما تدهورت أحوال المواطنين وساد الفقر والغلاء في المجتمع إلى درجة وصلت فيها أعداد المشردين ومن يفترشون الأرصفة في العاصمة وحدها إلى خمسين ألفا، وتقول الأرقام إن 400% من الإيرانيين يعيشون دون خط الفقر، وهناك ما يزيد عن عشرة ملايين أمي في البلاد.
ويرى منتقدو روحاني أن السبب الرئيس في المشاكل الاقتصادية يعود لتركيز الحكومة على السياسة الخارجية، ويعتقد هؤلاء أنه وبعد عامين على توقيع الاتفاق النووي لم تشهد البلاد انفراجا في الأوضاع الاقتصادية، في حين يعزو أنصار الرئيس ذلك إلى قيمة النفط المتهاوية والفساد.
وشهدت هذه المرحلة إغلاق عشرات المصانع نتيجة الأزمة المالية الحادة والكساد، حتى أن بعض الإحصاءات تشير إلى أن 80% من المصانع والمراكز الإنتاجية أغلقت بشكل كامل أو شبه كامل من بينها مصانع يناهز عمرها ثمانين عاما.
الحريات
وشهدت سنوات روحاني رقما قياسيا في حالات الإعدام في البلاد بما لا يقل عن 33 آلاف حالة، منها العشرات تحت سن الثامنة عشرة، بالإضافة إلى عشرات النساء على رأسهن ريحانة جباري التي أدينت بقتل مسؤول سابق في الاستخبارات بعد محاولته اغتصابها، علما أن العدد الحقيقي قد يبلغ أضعاف ذلك نظرا لعدم الشفافية وتعمد السلطات إخفاء الأرقام الحقيقية.
ورغم أن حكومة روحاني دعمت محاولات إلغاء حكم الإعدام، فإن مواقف الرئيس في الدفاع عن أحكام إعدام المعارضين ينبغي أن لا تُنسى، فقد اعترض روحاني على المظاهرات التي أعقبت انتخابات 2009، وسمى المتظاهرين بأعداء الثورة وطالب القضاء بمواجهتهم بحزم.
وعلى صعيد الحريات وحقوق المواطن والمجتمع المدني، لم تحقق حكومة روحاني أي نجاح يذكر واكتفت بإطلاق الشعارات البراقة من حين لآخر.
واحتلت إيران في 2017، المرتبة 165 من بين 180 دولة في حرية الإعلام، حيث طبقت حكومة روحاني رقابة صارمة على وسائل الإعلام وحاولت التعرف على هويات جميع مستخدمي الإنترنت وضبط بياناتهم، وشهدت هذه المرحلة إغلاق العديد من الصحف رغم ولائها للنظام.
وكان روحاني قد وعد باحترام حقوق الأعراق والأديان والمذاهب إلا أن هذه الوعود بقيت حبرا على ورق فلم تقدم الحكومة أي مشروع لقانون يمنح الأقليات مزيدا من الحرية، ولم يحظ السنة الإيرانيون بحقوق أوسع في عهده، ولم يعين من الكفاءات السنية في البلاد سوى معاون واحد لوزير النفط، وأول سفير سني منذ الثورة الإيرانية.
ومع هذا الحصاد الهزيل لعهد روحاني قد يجد الناخب الإيراني نفسه مضطرا إلى انتخابه مجددا ليس تقديرا لمنجزاته، بل لأن عليه الاختيار بين السيئ والأسوأ.
الجزيرة